لا تستقر الأوضاع الأمنية في عاصمة الشمال طرابلس ولا تهدأ. هي من سيء إلى أسوأ. أعمال تشبيح وتعديات وفوضى وإشكالات يستخدم فيها الرصاص وتودي بحياة مواطنين، تتنقل من شارع إلى آخر، وترتفع وتيرتها في المناسبات لاسيما في شهر رمضان وفي الأعياد. أي في المواسم التي ينتظرها سوق طرابلس لينتعش.
فلتان أمني وفوضى إجتماعيةتعاني طرابلس وجوارها (البداوي، الميناء)، من فلتان أمني وفوضى اجتماعية، وبات لسان حال المواطن:"أعطونا الأمن وخذوا كل شيء". وفي إشارة إلى حجم انتشار السلاح في المدينة، كتبت مواطنة طرابلسية على منصة فايسبوك:"ما في 1701 للسلاح المتفلت في طرابلس؟"الفلتان الأمني في طرابلس متعدد الأوجه. شبّان خارجون عن القانون يحملون مسدسات وبنادق. وقسمٌ كبير من هذه المسدسات من النوع التركي التي لا يزيد سعر الواحد منها على المئتي دولار. وإلى انتشار ظاهرة تعاطي وتجارة المخدرات، كان من ملامح الفلتان الأمني، التعديات على الأملاك العامة والخاصة. أشخاص يفرضون سلطتهم بقوة الأمر الواقع، "لديهم زعرانهم وشبيحتهم"، من المحسوبين على شخصيات سياسية، يفتعلون الإشكالات اليومية، ويستخدمون السلاح الذي بحوزتهم وبكميات كبيرة. أما الفوضى الاجتماعية فأحد أبرز وجوهها، وبغياب الدولة والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية عن القيام بدورها، هم أولئك الذين لا يقيمون أي وزن لسلطة أو لدولة. يحرقون الإطارات وأسلاك الكهرباء ليتاجروا بها. يعتدون على الأملاك العامة والأرصفة والطرقات. ينشرون بسطات وعربات الخضار والفواكه في كل مكان، فيتسببون بزحمة يومية ليس لها حل، فضلاً عن أصحاب الـ (توك توك)، التي يقودها شبان بلا التزام بأعراف أو قوانين، فيتسببون بالفوضى في كل أرجاء طرابلس.
الفوضى الأمنية في طرابلس بلا أفق. لكن الأمور اشتدت مع بداية شهر رمضان المبارك، وفي يومي الأول والثاني منه، أحصي أكثر من 8 إشكالات بين أصحاب بسطات وخلافات على أحقية مرور، وغيرها. استعملت فيها الأسلحة مما أودى بحياة عدد من الأهالي. الوضع غير المطمئن كان وراء موجة مطالبات للحكومة الجديدة من أبناء طرابلس، تدعو إلى بسط سلطة الدولة قبل أن يصبح كل الشعب ضحية. الخطط الأمنية ليست الخطة الأمنية الأولى التي أعلن عنها مع بداية شهر رمضان هي الأولى من نوعها في طرابلس. فلطالما شهدت السنوات الماضية عشرات الخطط الأمنية، وجميعها تأتي بعد انفلاش الوضع الأمني بشكل غير محمول، وارتفاع صرخات الأهالي. 4 خطط أمنية أعدّها مجلس الأمن المركزي لطرابلس بالتنسيق مع الجيش اللبناني، في عهد الوزير السابق للداخلية بسام مولوي. أكثر خطة أمنية تدوم لشهر كما يحصل مع الخطة الحالية، ثم تعود الأجهزة الأمنية للتراخي، وتعود الفوضى من أولها وكأنّ شيئاً لم يكن. هذا لا يعني بأن الخطة الأمنية التي بدأت في ثالث أيام رمضان ليست مهمة. فهي ستضبط السير والفوضى وتمنع الإشكالات التي تحصل على أفضلية مرور ويذهب قتلى وجرحى، وستحدّ من الفوضى المستشرية. يطالب الطرابلسيون أن يستمر تواجد القوى الأمنية في مدينتهم، وألا تكون الخطط الأمنية آنية، لاسيما وأن أسماء المطلوبين للقضاء، وحملة السلاح ، ومروجي المخدرات، لدى الأجهزة الأمنية، والمطلوب حملة توقيفات، وجمع السلاح.
يبدي رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق استياءه من التفلت الأمني في طرابلس، وفي حديثٍ لـ "المدن"، لم يرفع المسؤولية عن البلدية، لكنه يعتبر أن تحميلها المسؤوليات المترتبة عليها وعلى غيرها ظلم. ويسأل أين المحافظ ؟ وأين الأجهزة الأمنية والقضائية؟ وأين رؤساء المصالح وجميع المراكز من القيام بدورهم؟". ويطالب يمق بـ "لامركزية إدارية للبلديات، لتتمكّن من التصرّف لاسيما من الناحية المالية. "أموالنا حجزتها البنوك، ومركزية شديدة تُمارس علينا". وعن المخالفات يشدد يمق على أنّ "القضاء لا يتجاوب بشكل سريع، كما أن عديد القوى الأمنية في طرابلس قليل. أما البسطات فلا يمكن إزالتها إلا وفق خطة إقتصادية إنمائية وفرص عمل". ويختم "نعمل ليل نهار بما استطعنا، لكننا لسنا وحدنا في هذه الساحة، وعلى الجميع أن يقوموا بواجباتهم، وأملنا بالعهد الجديد رئيساً وحكومة لوضع الأمور في نصابها الصحيح".