2025- 03 - 04   |   بحث في الموقع  
logo جابر استقبل سفراء وبحث مع وفد IFC في سبل مساعدة لبنان logo مع انطلاق القمة العربية الطارئة.. ترحيب خاص بلبنان (فيديو) logo لتنمية الإقتصاد... جابر يؤكد أهمية إنشاء مناطق صناعية logo "توقيت خاطئ"... يضع العهد والحكومة في مأزق! logo سلاح لمواجهة خطة ترامب في يد العرب... هل تفعلها قمة القاهرة؟! logo "الضغط مستمر"... وإجتماع هام غدًا قبل اللجوء إلى الشارع! logo شيخ العقل استقبل تيمور جنبلاط ونواب اللقاء الديموقراطي logo الرئيس عون أجرى سلسلة لقاءات في القاهرة… وهذا ما أبلغه غوتيريش بشأن اسرائيل
التوتر الأمني في اللاذقية: انفلات أمني أم انتقام سياسي؟
2025-03-04 14:25:51

في مشهد مؤلم يعكس عمق الأزمة الاقتصادية في سوريا، لم يتمالك رجل ستيني دموعه وهو يهمس لسائق الميكروباص بأنه لا يملك ثمن الأجرة. شعور بالعجز واليأس دفعه، كغيره من المواطنين، إلى بيع كل ما يملك من أثاث منزله في سوق الجمعة الشهير بمدينة اللاذقية، حيث تتكدس أحلام محطمة وذكريات تُباع بأبخس الأثمان.على الأرض، جلست سمية، المستخدمة المفصولة من عملها، تبكي بصمت وهي تعرض أدوات مطبخها للبيع، بعضها يعود إلى جهاز عرسها، وبعضها الآخر يحمل آخر ذكرى من ولادتها. "لم يعد أمامي خيار آخر"، تقول لـ"المدن"، وهي تحاول التمسك بما تبقى من كرامتها وسط هذا الواقع القاسي.قرارات تعسفيةفي المقابل، لم تكن الاحتجاجات غائبة عن المشهد، حيث علت هتافات "ما منزيح ما منزيح حتى إلغاء التسريح" أمام مديرية الصحة في اللاذقية، في اعتصام شاركت فيه نساء محجبات أيضاً، تعبيراً عن غضبهن من قرارات الفصل الجماعي التي وصلت إليهم عبر رسائل الكترونية. فقد صدر قرار يمنح إجازة قسرية لـ641 موظفاً في مشفى جبلة الوطني الذي بات يعاني قسم الأمراض المزمنة فيه من عدم توافر الممرضات، كقسم غسيل الكلى وقسم التعقيم، و399 موظفاً في مشفى القرداحة الوطني، بالإضافة إلى فصل أكثر من ألف موظف ومدرس في تربية اللاذقية.وسط هذه الموجة من القرارات التعسفية، تتفاقم معاناة السوريين في مواجهة واقع يزداد قسوة يوماً بعد يوم، حيث لم يعد الفقر وحده هو العدو، بل بات الخوف من الغد شريكاً دائماً في حياتهم.وتبرر الحكومة قرارات الفصل التعسفي لمئات الموظفين بأعذار تتعلق بطرق توظيفهم، متجاهلة السؤال الأهم: كيف سيؤمّنون لقمة العيش بعد أن جُرّدوا من مصدر رزقهم؟ أغلب هؤلاء المفصولين ينتمون إلى الطائفة العلوية، ما جعل تداعيات القرار تتجاوز حدود الفقر لتفتح أبواب الجريمة على مصراعيها. تفشّت ظواهر النشل، السرقة، والقتل في وضح النهار، وتحولت شوارع اللاذقية إلى ساحات رعب، يخيم عليها شبح الخوف والجوع.دوامة من العنفالمدينة، التي كانت يوماً ما تُعتبر الحاضنة الأولى للنظام البائد، تعيش اليوم أكثر فصولها قتامة. لم يعد الصراع سياسياً فقط، بل أصبح معركة بقاء يخوضها السكان ضد الفقر، الجريمة، والفوضى الأمنية. كل ليلة، تستيقظ اللاذقية على رصاص ودماء وضحايا جدد، وكأنها دخلت دوامة لا نهاية لها من العنف والانهيار.إحدى أكثر الحوادث التي هزّت المدينة كانت تطويق حي "الدعتور" الفقير بالأسلحة الثقيلة، في مشهد لم تشهده اللاذقية حتى في أشد أيام الحرب. دوّت أصوات الرصاص الكثيف، بعدما ألقى أحد سكان الحي قنبلتين يدويتين على عنصرين من الأمن العام، في خطوة تعكس حجم الاحتقان والانفجار الاجتماعي الذي تعيشه المنطقة.لم يكن هذا الحدث معزولاً، فقد سبقته اشتباكات عنيفة عند دوار الأزهري، انتهت بمقتل شاب كان يجلس على شرفة منزله، حين اخترقت رصاصة طائشة رأسه، في حادثة تجسّد مدى الانفلات الأمني. تصاعدت الأحداث بوتيرة مخيفة، ما دفع سكان المدينة إلى الاحتماء داخل منازلهم وفرض حظر تجوال ذاتي، خوفاً من أن يتحولوا إلى ضحايا عشوائيين في مشهد يومي بات اعتيادياً... أو اللجوء لسوق التهريب النشط إلى لبنان والعراق. أما السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: لماذا اللاذقية؟ ولماذا الآن.تصعيد طائفي وانتقاميرى بعض سكان المدينة أن ما يحدث ليس مجرد أزمة اقتصادية أو انفلات أمني، بل هو تصعيد طائفي وانتقام سياسي. فوفقاً لهذا الطرح، تُعتبر الطائفة العلوية المستهدفة الأولى، كونها الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس الراحل، الذي ورّث الحكم لابنه، ومنح طائفته امتيازات واسعة على مدى عقود، بينما تعرّضت الأغلبية السنية للتهميش والاضطهاد، وصولاً إلى المجازر التي شهدتها البلاد في الثمانينيات، والتي جددها وريث الحكم في التاريخ السوري الحديث.في المقابل، تتحدث إدارة الأمن العام الجديدة عن وجود عناصر من "فلول النظام" مختبئين في قرى ومغاور اللاذقية، مستغلين الطبيعة الجغرافية الوعرة التي تجعل الوصول إليهم أمراً بالغ الصعوبة. هذا الوضع، وفقاً للجهات الأمنية، يتطلب رفع مستوى التأهب الأمني، وسط تسريبات غير معلنة عن تحريك هذه الجماعات لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار في المنطقة.في خضم هذه التركيبة السياسية الجديدة، يجد سكان اللاذقية أنفسهم محاصرين بين الجوع والخوف على حياتهم، في واقع يزداد مرارة كل يوم. لقد أصبح بيعهم لـ"ذكرياتهم وأيامهم"، في سوق الجمعة، بمثابة علامة فارقة لما وصلوا إليه من تدهور اقتصادي واجتماعي. يُجبر أهل المدينة على بيع ممتلكاتهم وأحلامهم، بما في ذلك أسلحتهم الثقيلة التي كانت تمثل رمزاً لقوتهم، ليس فقط من أجل البقاء، بل أيضاً كأنهم مدفوعون لدفع ثمن جرائم ارتكبها النظام البائد في حقهم وفي حق الوطن، فقط لأنهم ينتمون إلى محافظة اللاذقية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top