أظهر تحقيق عسكري إسرائيلي نُشر مساء اليوم الإثنين، فشل الجيش في أداء مهامه الدفاعية خلال الهجوم الذي شنته كتائب القسام، على موقع "ناحل عوز" العسكري في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أدى إلى مقتل 53 جندياً وجندية، وأسر سبع مجندات وثلاثة جنود من الموقع خلال العملية.
وذكرت القناة )12) الإسرائيلية أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي، أصدر تعليماته في الساعة 08:15 صباح يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بمهاجمة أي مركبة تعود إلى قطاع غزة، ما لم يكن هناك معلومات تؤكد وجود أسرى إسرائيليين داخلها.
وأفادت القناة أنه، جاء في التوجيه الرسمي لرئيس الأركان الإسرائيلي، "أي مركبة عائدة إلى غزة، إذا لم يكن هناك معلومات مؤكدة حول وجود أسرى فيها – يجب مهاجمتها"، واضافت استهدف الجيش الإسرائيلي حينها مئات المركبات في المنطقة، ما أدى إلى إصابة أسرى إسرائيليين.
تجاهل الانذارات
ووفقاً لتحقيق الجيش بشأن "ناحل عوز"، فإن سلسلة من الإخفاقات القيادية والتجاهل للإنذارات العسكرية من قبل قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة، أدت إلى سقوط الموقع العسكري، على الرغم من أنه كان قادراً على التعامل مع الهجوم.
وقال قائد التحقيق الجنرال في الاحتياط عيدو كاس، إن ما حدث في "ناحل عوز" يُعدّ "واحداً من أكبر الإخفاقات في 7 أكتوبر"، واصفاً ما حدث بأنه "فشل منهجي خطير".
وأضاف "الموقع العسكري واجه الموجة الأولى من الهجوم بعدد من المخربين (في إشارة إلى عناصر المقاومة الفلسطينية)، وكان يجب أن يتمكن من التصدي لهم، لكن سلسلة من الأخطاء والانهيارات الميدانية أدت إلى سقوطه في يد حماس".
تسلسل زمني
وسرد التحقيق التسلسل الزمني لسقوط ناحل عوز، والذي بدأ بإطلاق وابل
تسلسل زمني لسقوط موقع "ناحل عوز" من الصواريخ على الموقع، ما دفع الجنود إلى الاحتماء في الملاجئ، وما تلا ذلك من أحداث بينها هجمات بالقذائف الصاروخية لعناصر القسام واختباء الجنود في الملاجئ ثم إخلاء مركز المراقبة بالموقع، ما أدى إلى فقدان السيطرة وانقطاع الاتصال بالقوات الميدانية. وبعد ذلك تمكّن مقاتلو المقاومة من تطويق الموقع وتدمير دفاعاته، لتحدث بعدها مواجهة مباشرة بين عناصر المقاومة و5 من الجنود المسؤولين عن تشغيل منطاد المراقبة، ما أدى إلى مقتلهم جميعاً. وبيّن التحقيق التوقيت الذي أصيب فيه قائد السرية في غولاني هار-إفين، ثم في الساعة 8:20 تمكّن عناصر المقاومة من السيطرة بالكامل على الموقع. وبعدها بنحو 6 دقائق حاولت القوات الإسرائيلية استعادة الموقع، لكنها فشلت بعد إصابة غالبية القوة المهاجمة.
إجراءات الطوارئ
وبحسب التحقيق، فإن 162 جندياً إسرائيلياً كانوا داخل الموقع، من بينهم 90 جندياً مسلحاً، لكنهم لم يكونوا في حالة تأهب على الرغم من ورود إنذارات مسبقة باحتمال حدوث هجوم. ورغم أن الموقع يقع على بُعد 850 متراً فقط من قطاع غزة، إلا أن القادة لم ينشروا قوات مراقبة على الجهة الغربية المواجهة لغزة، واقتصرت الحراسة عند المدخل على جندي واحد فقط.
وأظهر التحقيق أنه لم يتم تفعيل إجراءات الطوارئ العسكرية عند شروق الشمس، وهي قاعدة متبعة في المواقع العسكرية، كما أن العديد من الجنود كانوا في إجازة بسبب عيد "سيمحات توراه"، مما ترك الموقع في حالة ضعف شديدة.
وخلال العمليات العسكرية اللاحقة، عثر جيش الاحتلال على مواد استخباراتية توضح مدى التخطيط الدقيق للهجوم من قبل حماس، ضمن خطة أطلقت عليها اسم "جدار أريحا". وفقاً لهذه المعلومات، اعتبرت حماس موقع "ناحل عوز" هدفاً محورياً في نجاح عملية الاقتحام.
وقال التحقيق إنه تم بناء نموذج محاكاة مطابق لموقع ناحل عوز داخل غزة، وتدرب مقاتلو "النخبة" عليه بانتظام. كما استخدمت حماس طائرات مسيرة، ووسائل مراقبة إلكترونية، وحتى منصات التواصل الاجتماعي لجمع معلومات حول أماكن تمركز الجنود، ومسارات تحركهم، ومخابئ الأسلحة.
أكبر الإخفاقات العسكرية
وخلص التحقيق إلى أن القيادة العسكرية لم تدرك خطورة الموقف في الوقت المناسب، إذ ركزت اهتمامها على الأحداث في المستوطنات، ولم تقدم دعماً كافياً للدفاع عن الموقع. كما لم يتمكن سلاح الجو من تقديم غطاء جوي فعال، واستخدم الطائرات المسيرة لقصف ملعب كرة القدم داخل الموقع، دون أن يكون لذلك تأثير يذكر على سير المعركة.
وبيّن التحقيق أن الذخائر والأسلحة في الموقع كانت داخل المخازن المغلقة، ولم يكن بحوزة الجنود سوى رشاشات من نوع "نيغيف" والأسلحة الشخصية. كما لم يكن بمقدور الجنود رؤية ما يجري خارج الجدران العالية للموقع، ما جعلهم معزولين تمامًا عن مجريات الهجوم.
وانتهى التحقيق إلى اعتبار معركة "ناحل عوز" بأنها إحدى أكبر الإخفاقات العسكرية التي واجهها جيش الاحتلال خلال الهجوم، ورأى أنها "تمثل فشلاً كارثياً يتطلب مواجهة الحقيقة بشجاعة ومسؤولية". كما قال إن التعامل مع العائلات الثكلى بعد الحدث تم "بانعدام حساسية تام"، مما زاد من معاناة أهالي الضحايا.