ثمة الكثير من التساؤلات حول مصير الملفات التي سبق وأن تابعتها المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، حتى اللحظات الأخيرة قبل إحالتها إلى التقاعد. وقبل مغادرتها لقصر عدل بعبدا، أصرت عون على تفجير مفاجئة قضائيّة، فادعت على رئيس مجلس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، وشقيقه طه ميقاتي، وحاكم مصرف لبنان السابق رياض توفيق سلامة، بجرم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع وصرف النفوذ.مخالفة القوانين وحسب مصادر قضائية لـ"المدن" فإن الملف الذي تابعته عون متعلق بجرم تبييض الأموال، وجاء الادعاء نتيجة تحقيقات تفيد أن ميقاتي كان قد "اشترى سندات بين العام 2010 و2014 بموافقة المصرف المركزي، بقيمة 150 مليون دولار أميركي، بعد أن حصل على قرض مصرفيّ من بنك عوده، كما أن شقيقه أيضًا اشترى سندات بالقيمة نفسها تحت إشراف سلامة".
وحسب المصادر فإن "التحقيقات أظهرت أن الفائدة كانت منخفضة جدًا، وبهذا يكون ميقاتي قد خالف قانون النقد والتسليف".ادعاء شاملمن جهته، أوضح المحامي حسن بزي في حديثه لـ"المدن" أن الادعاء شمل ميقاتي وشقيقه بجرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال وصرف النفوذ إضافة إلى أن الادعاء على سلامة وبنك عودة ورئيس مجلس إدارته سمير حنا وخليل الدبس، الرئيس التنفيذي في مجموعة عودة، أتى على خلفية شراء سندات خزينة باليورو بوند، من خلال قرضين مصرفيين بقيمة 330 مليون دولار وبموافقة مصرف لبنان، وقد تم رهن السندات لصالح بنك عودة خلافًا للمادة 158 من قانون التجارة التي تمنع الرهن في مثل هذه الحالة، علمًا أن القرضين منحا للأخوين ميقاتي من دون موافقة مجلس إدارة مجموعة ميقاتي. وتابع: "أنهما قاما بتسديد القرضين من الفوائد الناتجة عن استثمار القرض وهذا الأمر ينطبق عليه الإثراء غير المشروع".مصير الملفاتيُذكر أن المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، قد أصدر قرارًا منع بموجبه الضابطة العدلية والاجهزة الأمنية التعاون مع عون، وطلب وفقًا للمادة 13 و15 و16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التوقف عن أخذ إشارات منها ومراجعة المحامي العام الاستئنافي المناوب في جبل لبنان، وذلك لاعتبارها تخالف الطلبات الموجهة إليها، وتتمادي في سلوكيات خارجة عن الأصول القضائية والمبادئ التي تحكم عمل النيابات العامة، وأنها تتوسل الشعبوية وتخرج عن الرصانة. لكن في ظل هذه التعاميم، ما مصير الملفات التي حرّكتها عون؟
يؤكد مصدر قضائي لـ"المدن" إلى أن عون ادعت على ميقاتي وسلامة وحولت الملف لقاضي التحقيق في جبل لبنان، وبالتالي فإن مصير هذه الملفات سيظهر خلال المرحلة المقبلة. ويضيف إلى أن قاضي التحقيق سيبدأ بمتابعة هذه الملفات ولكن في حال قدمت الدفوع الشكلية من الجهة المدعى عليها في هذا الملف، فإن قاضي التحقيق سيحولها للمدعي العام الاستئنافي لإبداء الرأي، أي للقاضي سامي صادر الذي تسلّم هذا المنصب بعد عون، وعليه يمكن لصادر أن يوافق على متابعة الملفات أو يرفض في حال طلب رأيه وتبيّن أن الادعاء صحيح أو باطل.
تناولت عون مجموعة من الملفات المصرفية وقامت بالادعاء على الكثير من المصارف، ومع احتدام الخلافات بينها وبين القاضي الحجار، طلب منها تسليمه كل الملفات المصرفية ليتولى التحقيقات بنفسه، لكنها تمنّعت ولم تُسلّمه سوى ملف أوبتيموم. ومع تسلّم القاضي صادر هذا المركز، يبقى التساؤل الأهم، الذي يجب أن يكون بعيدًا عن كل الخلافات القضائية والسياسيّة، هل سيتم التحقيق بهذه الملفات ومتابعتها؟ أم أنها ستعتبر وكأنها لم تكن موجودة؟