2025- 03 - 03   |   بحث في الموقع  
logo نتنياهو: تفجيرات “البيجر” في لبنان كانت في “أفضل” توقيت logo رياض سلامة في المستشفى!.. logo مستجدات الحالة الصحية للبابا فرنسيس logo في قلب "مملكة ماهر الأسد": حقائق صادمة عن الذهب والأنفاق! logo الكشف عن "خطة التصعيد الإسرائيلي": ضغوط جديدة على حماس logo مسؤول حاجز المليون... "أبو جعفر مخابرات" بيد الأمن العام السوري logo في مانهايم: سيارة تدهس حشداً من الناس (فيديو) logo حتى أدق التفاصيل... هكذا رصدت مخابرات الأسد "المعارضة"!
نصوح زغلولة الدمشقي
2025-03-03 13:55:53

يتحدر الفنان نصوح زغلولة من أسرة دمشقية، ذات جذور تقليدية، لكنها انتقلت إلى القسم الحديث من المدينة، الذي ازدهر في الستينيات من القرن الماضي، وسكنت حي القصور، الذي يجاور حيَّي القصاع والتجارة، على مسافة قصيرة عن وسط المدينة، وهناك درس المرحلتين الإعدادية والثانوية، ومن ثم قصد باريس في بداية الثمانينيات ليدرس في واحدة من أهم المدارس العليا في العالم، المتخصصة بالفنون الزخرفية والديكور.
وكان في وسعه أن يواصل حياته في العاصمة الفرنسية، يعمل ويبدع، حيث المجال مفتوح أمامه، بعدما نجح في تطوير عمله كمصور فوتوغرافي محترف، خصوصاً أنه مصور صاحب فكرة، قادر أن يطوع الكاميرا، ويجعلها تتحدث، وتنقل حالات، وتعبر بأكثر من لغة. وكان مشروع تخرجه ذكياً وجذاباً، قام على تصوير وجوه فرنسية من فئة من المشردين، الذين يعيشون في الشارع، لكنهم قبل زمن وجيز، كانوا في وضعية أخرى، اجتماعية واقتصادية وثقافية، وفجأة أطاحتهم أزمة، ورمت بهم إلى قاع المدينة. وقد أجاد في تظهير مأساة هؤلاء، كما نقل بالأبيض والأسود عصافير الثلج في حديقة لوكسمبورغ في باريس، وتفاصيل أخرى من مدينة باريس، الغنية بالجماليات الصالحة للتصوير.
رجع نصوح الى دمشق لأنه يحس بانتمائه اليها، وبعيداً من الشعارات، اشتغل بالكاميرا كي يعكس، ويعبر عن صلته الحميمة بها، ولديه قدر من الصور بالأبيض والأسود عن دمشق القديمة، بعضها وصل العالمية. وهناك اجماع نقدي على أنه تمكن من خلال الكاميرا، ولعبة الظل والأبيض والأسود، من استنطاق بعض حواري دمشق، وتسليط الضوء على جمالها الخفي، الذي لا تدركه العين المجردة لوحدها، ولا يمكن أن يصل إليه، إلا من كانت لديه معرفة بأسرار المدينة، وخفاياها، وأكثر من ذلك الحب، الذي يحرك الجماد.
في العام 2012 احتفلت العائلة بذكرى تأسيس معملها الخاص بإنتاج الثياب، الذي بناه الوالد، وتابع الأبناء تطويره. ولدى اشتداد المعارك بين النظام والجيش الحر في محيط دمشق، تعرض المعمل للقصف، وسقطت عليه أربعة صواريخ أحرقته بالكامل، وتحولت ملكية الأسرة ورأسمالها إلى رماد. وضاع مصدر دخل العائلة ورزقها، وعاشت في الأعوام الماضية، حالة من التقشف، مثل كل العائلات السورية، التي كانت تصنف من الطبقة الوسطى، وتضررت مصادر دخلها.لم يغادر نصوح سوريا، عندما وصلت النيران إلى دمشق، وكان في وسعه أن يفعل ذلك، وينتقل ببساطة إلى فرنسا، البلد الذي يحمل جنسيته، والتي حصل عليها بعد سنوات دراسته وعمله هناك، قبل أن يعود الى دمشق، ويمارس التدريس في الجامعات، ضمن اختصاصه. وبقي في دمشق، يعيش ويعمل ويمارس التصوير مجاله الأثير، بالإضافة إلى تربية العصافير، حتى في الطور الثاني من القضية السورية، حينما تمكن النظام السوري وحلفاؤه من الإيرانيين والروس من إبعاد قسم كبير من أهالي دمشق العام 2018، باتجاه إدلب.
في دمشق كان لنا لقاء في 25 شباط، قرب منزل العائلة، ومن هناك تمشينا لوحدنا، باتجاه حي جوبر الذي دمره قصف النظام، وأردت من وراء الجولة أن أرى الدمار بعيني المصور المحترف. يعتبر نصوح الفترة ما بين 2018 وحتى سقوط النظام، من أقسى المراحل التي شهدتها المدينة في تاريخ حكم آل الأسد. في هذه الفترة توحش النظام، وبات التنقل داخل دمشق مهمة شاقة جداً، في ظل حواجز الفرقة الرابعة وحزب الله. وجد نفسه في أكثر من لحظة أمام الموت، حين يقدم للحاجز بطاقة هويته كأستاذ جامعي وعميد الجامعة العربية الدولية، ويرد عليه شاب من حزب الله، "هات هويتك المدنية يا حيوان".رد نصوح على القهر بمعرض أقامه في دمشق العام 2021، هو عبارة عن مرثية للعصافير التي اختنقت. رباها حتى وصل العدد إلى 300، لكنها بدأت بالموت، وحافظ على جثثها، ومن ثم عرضها مغطاة بالورود والياسمين على رقع شطرنج رملية، وأدخل في التشكيل طلقات رشاش حربي دوشكا، وسجائر روسية، وسورية، ونظراً لما أثاره المعرض من ردود أفعال، تم تمديده في غاليري جورج كامل ثلاث مرات. والرسالة التي وصلت إلى المشاهد هي مقبرة جماعية للعصافير.يتحدث نصوح بفرح عن دمشق ما بعد سقوط النظام، لقد رجعت المدينة إلى ذاتها، وصار في وسعها أن تتنفس بحرية. وبين جملة وأخرى، يمر الفنان على الكاميرا، والصور التي ستكون موضوع معرضه المقبل.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top