عقد قادة دول حليفة لأوكرانيا قمة الأحد في لندن، لإظهار دعمهم لكييف والالتزام بالقيام بالمزيد من أجل الأمن في أوروبا وتعزيز الإنفاق الدفاعي، مع تمسّكهم بضرورة توافر دعم قوي من الولايات المتحدة، عقب المشادة الكلامية الحادة بين الرئيسين دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي.
هدنة لشهروعقب القمة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصحيفة لو فيغارو، إن باريس ولندن تقترحان هدنة لمدة شهر في أوكرانيا تشمل "الجو والبحر والبنية التحتية للطاقة".كما اقترح أن ترفع الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي الى ما بين 3 و3,5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، في مواجهة تبدّل السياسات الأميركية في عهد ترامب الذي بدأ محادثات مع روسيا لانهاء الحرب في أوكرانيا، من دون أن يدعى إليها الأوروبيون وكييف.من جانبه، قال رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر بعد انتهاء الاجتماع في لندن الذي حضره زيلينسكي، إن "على أوروبا تحمّل العبء الأكبر، لكن من أجل دعم السلام في قارّتنا، والنجاح في ذلك، يحب أن يحظى هذا الجهد بدعم قوي من الولايات المتحدة".وكان ستارمر أكد في بداية الاجتماع وإلى زيلينسكي، أن "هذه لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل بالنسبة لأمن أوروبا ويجب علينا جميعاً تكثيف الجهود".وأشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته إلى أن المزيد من الدول الأوروبية سترفع إنفاقها الدفاعي، مؤكداً أن واشنطن "ملتزمة" بالحلف.إعادة تسليح القارةوأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ضرورة إعادة تسليح القارة "بشكل عاجل". وقالت إنها ستقدّم "خطة شاملة بشأن طريقة إعادة تسليح أوروبا" في قمة الدفاع الخاصة بالاتحاد الخميس، مشيرة أيضاً إلى الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي "على فترة زمنية طويلة".وأجرى قادة الدول الـ18 مباحثات "جيدة وصريحة"، وناقشوا الحاجة إلى "ضمانات أمنية شاملة" لأوكرانيا من "البقاء الاقتصادي إلى المرونة العسكرية"، وفقاً لفون دير لايين.وشكّل الاجتماع مناسبة للقادة لتوحيد موقفهم وإظهار دعمهم لزيلينسكي، بعد 48 ساعة من مشادّته الكلامية مع ترامب في البيت الأبيض، حيث أخذ الرئيس الأميركي على نظيره أنه "وضع نفسه في وضع سيء جداً" وأنه "لا يملك أوراقاً في يده"، وطالبه بتحقيق السلام مع روسيا.دعم زيلينسكيوجلس ستارمر إلى جانب الرئيس الأوكراني الذي استقبله العديد من القادة الحاضرين بحرارة عند وصوله، مؤكدا له دعم كل الجالسين "حول هذه الطاولة طالما دعت الحاجة".ومن أبرز المشاركين في القمة ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ونظيره الكندي جاستن ترودو.ويسبق هذا الاجتماع قمة أوروبية استثنائية بشأن أوكرانيا من المقرر عقدها الخميس في بروكسل.وقال شولتس الذي تعدّ بلاده أكبر مزوّد للمساعدات إلى كييف بعد واشنطن منذ الغزو الروسي، إن أوكرانيا "ضحية للاعتداءات الروسية، وهذه حقيقة لا تتزعزع بالنسبة للجميع".من جانبه، أشار روته إلى أنه "تحدث عدة مرات مع الرئيس ترامب"، وأكد له أن "الولايات المتحدة جزء من حلف شمال الأطلسي، وهي ملتزمة في الحلف".أما توسك، فقد شدد على ضرورة إرسال رسالة واضحة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهي أن "الغرب ليست لديه النية للاستسلام في مواجهة ابتزازه وعدوانه".ضغط أميركيلكن ما تقدّم لا ينطبق على المقاربة التي تعتمدها الولايات المتحدة مع أوكرانيا مؤخراً، إذ صعّدت الضغوط على زيلينسكي مجدّداً الأحد، عبر تلميح مسؤولين فيها إلى ضرورة رحيله.وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز "نحتاج إلى قائد قادر على التعامل معنا والتعامل مع الروس في وقت ما وإنهاء هذه الحرب".وأطلقت واشنطن وموسكو التي أبدت ارتياحها للتغير الجذري في السياسة الأميركية، مفاوضات لإنهاء الحرب من دون دعوة كييف أو الأوروبيين إليها.وقبل ساعات من بدء الاجتماع، أعلن ستارمر عبر شبكة "بي بي سي" أن بلاده تعمل مع فرنسا على "خطة لوقف القتال" بين أوكرانيا وروسيا، سيتمّ تقديمها إلى الولايات المتحدة.وبعد القمة، تعهّد بإنشاء "تحالف من الدول الراغبة" للدفاع عن اتفاق سلام مستقبلي. وقال: "أشارت دول عدة اليوم إلى أنها تريد أن تكون جزءاً من الخطة التي نقوم بتطويرها"، من دون أن يسمي هذه الدول.وليس من الواضح ما إذا كان ستارمر يقصد بذلك نشر قوات في أوكرانيا، وهو ما سبق أن أكد مع ماكرون جاهزيتهما للقيام به في حال توقيع اتفاق سلام.إلا أن ميلوني استبعدت إرسال قوات إيطالية الى أوكرانيا، معتبرة أنّه "حل قد يكون معقداً للغاية".على الصعيد الدفاعي، أعلن ستارمر اتفاقاً جديداً يتيح لكييف شراء خمسة آلاف صاروخ دفاع جوي مصنّع في إيرلندا الشمالية، مقابل 1,6 مليار جنيه استرليني (1,94 مليار يورو).وكانت لندن وكييف وقعتا السبت اتفاق قرض بقيمة 2,26 مليار جنيه إسترليني (حوالى 2,74 مليار يورو) لدعم قدرات أوكرانيا الدفاعية، سيتمّ سداده من أرباح الأصول الروسية المجمدة.