سحب البرلمان الايراني ثقته بوزير الاقتصاد والمالية في حكومة الرئيس مسعود بزشكيان الأحد، بعد اجتماع برلماني مطول استمر لأربع ساعات تم خلالها مساءلة الوزير عبد الناصر همتي الذي دافع عنه الرئيس بزشكيان، كما رد الوزير همتي على الأسئلة.ركز المتسائلون على موضوع التضخم وارتفاع أسعار العملة الصعبة خلال الأشهر ألست الأولى للحكومة الجديدة، حيث ارتفع سعر الدولار من 59 ألف تومان إلى 92 ألف تومان مع تولي الحكومة مسؤولياتها.وأكد الرئيس بزشكيان خلال خطابه في البرلمان عن دور العقوبات الأميركية في تدمير الاقتصاد الإيراني، وكشف عن خلافه مع المرشد علي خامنئي بخصوص التفاوض مع الولايات المتحدة كمخرج للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، قائلاً إنني كنت أرى بضرورة التفاوض مع الولايات المتحدة ولكن السيد القائد صرح بأنه لا حاجة للتفاوض مع أميركا وأنا تنازلت عن موقفي لصالح الموقف القيادي.أصعب من الحرب العراقية الإيرانيةوأبدى بزشكيان استغرابه من مساءلة الوزير في الظروف الاقتصادية الراهنة التي عبر عنها بالحرب الاقتصادية التي شنها العدو، واصفاً إياها بانها أسوأ وأصعب من الحرب العراقية الإيرانية.وأشار بزشكيان إلى الأضرار البالغة التي تتكبدها إيران جراء العقوبات الأميركية، منها تعذر الحصول على العوائد البترولية من تركيا والعراق اللتان تشتريان الغاز الإيراني، وحتى قطر حيث تم نقل الأصول المجمدة الايرانية لدى بنوك الكوريا الجنوبية ليصرف في شراء الحاجات الغذائية بعد إذن الولايات المتحدة.كما أشار الوزير المقال عبد الناصر همتي إلى أن الاقتصاد الايراني يترنح تحت العقوبات الأميركية منذ انسحاب واشنطن العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، كما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنذ بداية ولايته الثانية في كانون الثاني/يناير 2025 استأنف سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران مستعيناً بالكيان الصهيوني.وخلافاً للرئيس الذي أكد على تراجعه من موقفه حول التفاوض مع الولايات المتحدة حرصاً على التنسيق مع الموقف القيادي، إلا أن الوزير همتي أكد على ضرورة رفع العقوبات الأميركية عبر التفاوض.وحصلت "المدن" على معلومات تفيد بأن أغلبية نواب البرلمان قد وعدوا الوسطاء الحكوميين بانهم سيجددون ثقتهم بوزير الاقتصاد، إلا أن تاكيده على ضرورة التفاوض مع الولايات المتحدة سبب في خسارته عدداً كبيراً من ألاصوات حيث صوت 182 نائباً لسحب الثقة مقابل 89 صوتاً.ليس خافياً على أحد في إيران أن الوضع الاقتصادي سيئ جداً، وحتى المحافظون يعرفون أن السبب الحقيقي من ورائه هي العقوبات المشددة الأميركية، ولكنهم يتوقعون من حكومة الرئيس بزشكيان أن تعمل لإحباط مفاعيل العقوبات الأميركية وليس بذل الجهد لإزالة العقوبات، خاصة أن طريق إزالة العقوبات لن يمر إلا عبر التفاوض مع حكومة ترامب الذي تحول إلى خط أحمر بعد رفض المرشد واعتباره التفاوض معها غير منطقي وغير مشرف.هذا وإن الرئيس السابق إبراهيم رئيسي الذي كان ينتمي إلى التيار المحافظ أكد مرات عدة أن حكومته لم تغادر ولن تغادر طاولة المفاوضات، وخاضت حكومته فعلاً التفاوض مع حكومة بايدن في سلطنة عمان، إلا أن محاولة حكومته باءت بالفشل تحت ضغوط المحافظين المتشددين في الداخل. ولكن يبدو أن حسابات حكومة الرئيس ترامب مختلفة عن سابقتها الديمقراطية، حيث أن ترامب هو الذي نسف الاتفاق النووي وحذر زبائن إيران النفطية من شراء نفطها في ولايته الأولى، بعد رفض إيران التفاوض مع حكومته من أجل الوصول إلى اتفاق نووي جديد مختلف عن الاتفاق الذي تم إبرامه مع حكومة سلفه الرئيس باراك اوباما.يعرف المحافظون أن الاوضاع الاقتصادية لن تتغير بعد سحب ثقتهم عن الدكتور همتي ولكنهم يعولون عليها من أجل استرضاء الرأي العام.