مع تقدم التكنولوجيا واستمرار تطور الذكاء الاصطناعي، تتوسع احتمالات كيفية تفاعلنا مع الآلات بطريقة لا تصدّق. وأحد الأمثلة هو روبوت الدردشة "تشات جي بي تي". نموذج لغوي كبير أحدث ثورة في عالم معالجة اللغة الطبيعية، وساعد الناس على التواصل مع الآلات بطريقةٍ أكثر شبهاً بالإنسان. ورغم ما قدمه هذا الروبوت من تطورٍ هائل حتى الآن، إلاّ أن شركة "أوبن إي أي" الأميركية تسعى لتحسينه وجعله ينخرط بشكلٍ أكثر كفاءة في مجالاتٍ محددة قد نرى تجلياتها في المستقبل القريب.القدرات الحالية لـ"تشات جي بي تي"يُعدّ روبوت "تشات جي بي تي" نموذجاً لغوياً للذكاء الاصطناعي قادراً على فهم وتوليد استجابات نصية شبيهة بالإنسان لمجموعة واسعة من الأسئلة والمطالبات. وتسمح القدرات الحالية لهذا الروبوت بالتحدث مع البشر حول مجموعةٍ واسعة من الموضوعات، والإجابة على الأسئلة الواقعية، وإلقاء النكات، وحتى توليد مطالبات الكتابة الإبداعية. كما يتمتع بالقدرة على التعلم والتحسين بمرور الوقت مع معالجة المزيد من البيانات.ومع ذلك، ومثل أي تقنيةٍ أخرى، فإن هذا الروبوت له حدوده. ففي حين أنه قادر على توليد استجابات متماسكة وذات صلة بالسياق، فقد يولد أحياناً استجابات غير دقيقة أو غير مناسبة، وخصوصاً عند إعطائه معلومات غير كاملة أو غامضة. إضافة إلى ذلك، قد يواجه الروبوت صعوبة في فهم اللغة العامية أو السخرية أو التعبيرات غير الحرفية الأخرى التي قد يستخدمها البشر في محادثاتهم اليومية، ويمكن أن يولد أحياناً استجابات متكررة لا سيما عندما يواجه موضوعاً لم يتم تدريبه عليه.بشكلٍ عام، قدرات "تشات جي بي تي" الحالية مثيرة للإعجاب، لكن لا يزال هناك طريق طويل لإجراء محادثات شبيهة بالإنسان بشكلٍ كامل. إلاّ أن التقدم المستمر في معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي، يوفر إمكانية لمواصلة تحسين قدراته وتوسيع تطبيقاته في المستقبل.تحسين خدمة العملاءأحد المجالات التي تعمل شركة "أوبن إي أي" على تطويرها في "تشات جي بي تي" خاصية خدمة العملاء، إذ أنه غالباً ما يُطلب من ممثلي خدمة العملاء التعامل مع حجمٍ كبير من الاستفسارات من العملاء، والتي قد تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب موارد مكثفة. وهنا يمكن أن يساعد "تشات جي بي تي" في تخفيف بعض هذه التحديات من خلال توفير خدمة عملاء آلية متاحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.بفضل قدرات معالجة اللغة الطبيعية، سيتمكن "تشات جي بي تي" من فهم استفسارات العملاء والرد عليها بطريقةٍ تشبه المحادثة مع ممثل بشري. ويمكن أن يساعد هذا الأمر في تحسين تجربة العملاء من خلال تقليل أوقات الانتظار وتوفير ردود أكثر تخصيصاً.الصحة العقليةيعول المجتمع الطبي كثيراً على استخدام "تشات جي بي تي" في علاج الصحة العقلية كمعالج أو مستشار افتراضي. وبذلك يجري حالياً تطويره لطلب المساعدة في قضايا الصحة العقلية مثل القلق أو الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، وحتى تقديم علاجات قائمة على الأدلة، مثل العلاج السلوكي المعرفي، في شكل محادثة.وإضافة إلى ما تقدم، يمكن استخدام "تشات جي بي تي" لمساعدة الأفراد على تتبع صحتهم العقلية وتقديم توصيات شخصية، وهكذا سيستطيعون تسجيل حالتهم المزاجية وأعراضهم وأنشطتهم اليومية، وبعدها يقدم "تشات جي بي تي" رؤى وتوصيات بناءً على هذه البيانات، مثل تمارين اليقظة أو تقنيات التنفس.ثورة في التعليممن خلال تسهيل المناقشات في الوقت الفعلي بين الطلاب، سيساعد "تشات جي بي تي" في إنشاء تجربة تعليمية أكثر تفاعلية وجاذبية، حيث يعمل الطلاب معاً لحل المشكلات أو تبادل الأفكار أو مراجعة المواد.وسيُستخدم هذا الروبوت أيضاً كمدرس افتراضي أو شريك دراسة، ما يمّكن الطلاب من طرح أسئلة فورية عليه حول موضوعٍ معين وتلقي ملاحظات وشروحات فورية، إلى جانب تقديم ملاحظات حول المهام أو مساعدة الطلاب في وضع خططٍ دراسية تلبي أهداف التعلم الفردية الخاصة بهم.وبفضل قدرته على فهم وتوليد نص يشبه النص البشري، من المتوقع أن يساعد "تشات جي بي تي" مستقبلاً الطلاب على ممارسة مهاراتهم اللغوية في بيئة محادثة. ومن خلال توفير ملاحظات فورية حول القواعد اللغوية والنحوية. وسيمد هذا الروبوت يد العون للطلاب لتطوير كفاءتهم اللغوية بطريقةٍ أكثر جاذبية وفعالية.تعزيز الإنتاجية الشخصيةيتمتع "تشات جي بي تي" بإمكانية تعزيز الإنتاجية الشخصية من خلال توفير مساعد افتراضي يساعد الأفراد في إدارة مهامهم وأولوياتهم، وهكذا يمكن استخدامه في جدولة المواعيد، وتقديم توصيات حول كيفية تحديد أولويات المهام، وتنسيق المهام، وتقديم ملاحظات حول التقدم واقتراح تحديات جديدة لمساعدة الأفراد على الاستمرار في النمو والتطور.في المجمل، يساعد ما ذكرناه آنفاً في زيادة الكفاءة وتقليل التوتر وتحسين الرفاهية العامة، وبالتالي تعزيز الإنتاجية الشخصية بصورةٍ كبيرة.