أكد رئيس المجلس الإجتماعي في وزارة الخارجية الأوكرانية سيرغيه دجيردج، على مبدأ "الضمانات قبل وقف إطلاق النار"، وذلك تعليقاً على الجهود التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتوقيع اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
ولفت دجيردج في حديث لـ"المدن"، إلى أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، أكد لقناة "فوكس نيوز"، بعد مشادته الكلامية الحامية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في البيت الأبيض، أمس الجمعة، على ضرورة الدقة الشديدة في الصياغات والتصريحات.
وأوضح أن زيلينسكي فسّر نقاشه الصاخب مع نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس، في حضور ترامب، بالحاجة إلى مناقشة التفاصيل الحقيقية بصراحة وصدق، وقال إن "ليس بوسع أحد أن يبلور رؤية ويتخذ قراراً، بناءً على تصور خاطئ".
وأضاف دجيردج أن إدارة البيت الأبيض أصرت على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين/ يمكن الوثوق بكلمته، وأن ترامب واثق من أن بوتين لن يخدعه. فيما حاول زيلينسكي أن يوضح أنه خلال الحرب الروسية الأوكرانية منذ العام 2014، انتهكت روسيا وقف إطلاق النار والاتفاقيات 25 مرة، وخرقتها خلال رئاسة كل من باراك اوباما وعهد ترامب الأول وعهد جو بايدن.
وتابع أن "آخر وقف لإطلاق النار وقعه كل من زيلينسكي وبوتين شخصياً بحضور المستشار الألمانية حينها أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لكن بوتين بدأ حرباً واسعة النطاق بعد ذلك".
وشدد على أن "جوهر موقف كييف هو الاتفاق أولاً على ضمانات أمنية لأوكرانيا، ومن ثم وقف إطلاق النار على الفور. وإذا تم تنفيذ كل شيء بترتيب معاكس، فلن يقدم أحد لأوكرانيا ضمانات أمنية بعد وقف إطلاق النار المؤقت. وترامب بالذات قد يتحول وينشغل بقضايا أخرى".
ووفقاً لما يعتقده الجانب الأوكراني، فإن وقف إطلاق النار المؤقت قد يمنح روسيا الفرصة لزيادة إنتاج الأسلحة، وتحقيق رفع العقوبات، وفي وقت مناسب للكرملين، يبدأ الحرب ضد أوكرانيا مرة أخرى. وقال دجيردج: "لقد حدث ذلك أكثر من مرة. وبدون ضمانات أمنية، سوف يكلف التصدي عدداً كبيراً من الأرواح البشرية".وقف الدعم الأميركي
وتستعد أوكرانيا جدياً لاحتمال وقف الدعم الأميركي لها وتتطلع إلى تحالف أقوى مع أوروبا ضد الغزو الروسي، عقب مشادة ترامب وزيلينسكي.
وصاح ترامب ونائبه بزيلينسكي، واتهماه بعدم إبداء "الامتنان" وبرفض قبول شروط السلام المقترح. ووصف المحلل السياسي فولوديمير فيسينكو المشادة الكلامية، بأنها "هزيمة لكلا الجانبين"، لكنه قال إنها كانت "ستحدث عاجلاً أم آجلاً".
وأكد فيسينكو لوكالة "فرانس برس"، أن "الولايات المتحدة لم تعُد حليفة لأوكرانيا"، مضيفاً أنه لا ينبغي أن يكون هناك "أي أوهام" بشأن استمرار الدعم العسكري الأميركي. وحذر من أن التأثيرات قد تكون "كبيرة" لأن الدعم الأميركي لا يشمل فقط توريد الأسلحة بل وأيضاً الاستخبارات العسكرية والاتصالات.
ورغم المواجهة في المكتب البيضاوي، قال زيلينسكي لـ"فوكس نيوز"، إنه يعتقد "بالطبع" أن العلاقة مع ترامب يمكن إنقاذها واعترف بأن القتال ضد روسيا "سيكون أمراً صعبا" من دون الدعم الأميركي.
تحالف جديد مع أوروبا
وقدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا، 64 مليار يورو كمساعدات عسكرية منذ بدء الغزو الروسي، وفقاً للأرقام الرسمية. وذكر معهد كيل، وهو هيئة بحثية اقتصادية ألمانية، أنه منذ عام 2022 حتى نهاية عام 2024، قدمت الولايات المتحدة ما مجموعه 114.2 مليار يورو (119.8 مليار دولار) كمساعدات مالية وإنسانية وعسكرية. وساهم الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الفردية بنحو 132.3 مليار يورو.
وقال مصدر عسكري أوروبي في وقت سابق، إن الوضع سيصبح "معقداً للغاية" بالنسبة لأوكرانيا، بحلول أيار/مايو أو حزيران/يونيو، بدون دعم أميركي جديد فوق ما تعهدت به الإدارة السابقة بالفعل.
ونقلت "فرانس برس" عن مصدر في رئاسة أوكرانيا بعد المشادة الكلامية، أن "التحالف الجديد مع الدول الأوروبية سيحمي الحرية والديمقراطية وقيمنا المشتركة". وأضاف المصدر أن الخلاف يمثل "إجابة منطقية على سؤال ما هو التالي ومن هو صديقنا ومن هو عدونا. هذا أمر جيد بالفعل". وقال إن أوكرانيا تعتقد الآن أن ترامب وفانس "يصطفان بشكل علني مع روسيا".
"حماقة مطلقة"
وأثار التحول المفاجئ الذي أحدثه ترامب في الموقف الاميركي من أوكرانيا، وتهميش كييف وأوروبا وسعيه للتقارب مع بوتين، قلق دول الناتو. وأكد حلفاء أوكرانيا الأوروبيون الذين من المقرر أن يجتمعوا في لندن الأحد، وقوفهم إلى جانب زيلينسكي.
ورأى رئيس معهد التحول الاجتماعي والاقتصادي إيليا نيسخودوفسكي، أن أوكرانيا يجب أن تعتمد بشكل أكبر على الدعم الأوروبي، لكنه تساءل عما إذا كان الأوروبيون "مستعدين للتحرك بسرعة كافية". وقال لـ"فرانس برس": "كان من الصواب أن يدافع زيلينسكي عن كرامتنا، لكن كان من الخطأ الدخول في نزاع".
وأعرب العديد من الأوكرانيين العاديين عن دعمهم لزيلينسكي، وأشادوا به. لكن النائب المعارض أوليكسي غونشارينكو انتقده واصفاً الجدال مع ترامب أمام وسائل الإعلام بأنه "حماقة مطلقة".
وأضاف "رأينا نهاية علاقتنا مع ترامب الآن"، محذراً من "العواقب السيئة للغاية" لوقف المساعدات العسكرية الأميركية.
فيما كتبت صحيفة "يوروبيان برافدا" الإلكترونية في افتتاحيتها، إن واشنطن "ليست في عجلة من أمرها لحرق الجسور"، على الرغم من الخلاف مع ترامب. وأشارت إلى رد فعل "معتدل" نسبياً من البيت الأبيض بعد الخلاف، موضحة أنه لم تكن هناك بيانات رسمية حول وقف المساعدات.
وتابعت الصحيفة: "في الوقت الحالي، كل ما يمكننا قوله بالتأكيد هو أن فترة عدم اليقين التي بدأت في الأسابيع الأخيرة بسبب تصرفات الحكومة الأميركية الجديدة قد اشتدت بشكل كبير".