2025- 03 - 01   |   بحث في الموقع  
logo قائد القطاع الغربي لليونيفيل يلتقي بقائد فوج التدخل الخامس للجيش logo بعد المشادة مع ترامب... زيلينسكي يوضح موقفه: الحوار كان صعباً! logo مع انتهاء المرحلة الأولى... "حماس" تتّهم إسرائيل بعرقلة الإتفاق logo برسالة مؤثرة... شقيقان إسرائيليان يودعان بعضهما في الأسر (فيديو) logo بعد مشاركته في تشييع نصرالله... بريطانيا تعتقل بروفيسورًا logo جورج الراسي يفتح جراح عشاقه وحادثة أليمة من جديد... وثائق ومعلومات تكشف فضيحة كبيرة! logo وزير الصحة: نتائج العدوان أكبر مما يُصور logo الدفاع السورية تتراجع عن اقتحام جرمانا.. وتكتفي بملاحقة "متورطين"
"معاوية"...قراءة أخرى للتاريخ أم إعادة تأجيج الصراع؟
2025-03-01 15:25:55

في كتاب "الفتنة الكبرى"، ينفق طه حسين جانباً كبيراً من مقدمته، التي يفترض بها توضيح منهجه البحثي وغايته العلمية، لتأكيد أنه لا يتخذ موقف "عثمان" أو "علي"، ولا يرجح كفة أي منهما على الآخر، وأن غايته الرئيسة هي النظر عميقاً في سلوك الحكم وتأثره بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية والتاريخية. وربما لو عادت الروح إلى طه حسين، وقدّر له أن يعيد صياغة نصه اليوم، لكتب المقدمة نفسها من دون أن يغير فيها شيئاً.
واستذكار حسين اليوم يأتي بمناسبة الأزمة التي صنعها إعلان شبكة "أم بي سي"، عرض مسلسل "معاوية" الذي كتبه الصحافي المصري خالد صلاح، ذو التوجهات المحافظة، وأخرجه طارق العريان، المعروف بإجادته صناعة أفلام الأكشن التجاري. والأزمة ليست بسبب الخوف من جرأة مفترضة للفنان على مساءلة التاريخ أو المعتقدات أو العادات الراسخة، بل انطلقت من ذلك التخوف الذي يفترض في العمل التشيع لمذهب ديني على حساب آخر. خصوصاً أن معاوية بن أبي سفيان، الذي يرصد المسلسل قصة صعوده السياسي، كان أحد الأركان الرئيسية في الخلاف السياسي والمذهبي العميق الذي نشب بعد وفاة الخليفة عمر بن الخطاب.والأزمة، التي بدأت أساساً قبل عامين مع الإعلان الأول للشبكة التلفزيونية عن عرض العمل الذي كلّف إنتاجه نحو 100 مليون دولار في رمضان 2023، لم تنشأ نتيجة الخروج على القاعدة التي أرساها الأزهر في مصر منذ العام 1926، بمنع تجسيد الأنبياء والصحابة، بل نتيجة تخوفات مذهبية من "التلاعب التاريخي".وأصدر زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، حينها، بياناً وصف فيه معاوية بـ"رأس الفتنة"، مطالباً "أم بي سي" بعدم عرض المسلسل، لأنه قد "يزيف التاريخ". كما أعلنت قناة "الشعائر" العراقية نيتها إنتاج فيلم بعنوان "شجاعة أبو لؤلؤة"، الذي يتناول حادثة مقتل الخليفة عمر كردٍّ على مسلسل "معاوية".دفع ذلك "هيئة الإعلام العراقية" إلى منع عرض كل من المسلسل والفيلم المزمع إنتاجه، تجنباً لتصعيد الأزمة الطائفية، وهو ما انصاعت إليه الشبكة السعودية التي أعلنت التزامها بقرار المنع عبر قناتها في العراق، مشيرة إلى أن المسلسل سيعرض على قنواتها الأخرى ومنصة "شاهد"، قبل أن يعلن مخرج العمل، تأجيل عرضه بسبب "التعقيدات الإنتاجية والمشاهد الحربية".وتكاد تلك الأجواء لا تختلف عما واكب عرض مسلسل "معاوية والحسن والحسين"، الذي أنتجته شركة "المها" السورية العام 2011 بميزانية بلغت 8 ملايين دولار، حيث واجه اعتراضات من "مؤسسة الأزهر" في مصر، وجهات دينية شيعية، ما أدى إلى منعه في بعض الدول العربية. حتى أصدرت لجنة من العلماء، منهم يوسف القرضاوي، فتوى تجيز عرض المسلسل، بينما هدد تجمع "ثوابت الشيعة" بمقاضاة القنوات التي تعرضه.ويمكن رصد أزمة مشابهة قبل تلك الواقعة بسنوات، حيث واجه المسلسل المصري "رجل الأقدار"، الذي قدمه الراحل نور الشريف العام 2003، خطر المنع بسبب تناوله الأزمة بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب. ما أدى إلى حذف الرقابة خمس حلقات كاملة منه، وهي الحلقات التي تناولت تلك المحنة، حتى يجاز عرضه.وغالباً، تعاني كل الأعمال الفنية، التي تتناول سير الأنبياء أو الصحابة من المنع ومقص الرقيب. ولعل حادثة فتوى الأزهر في بدايات القرن العشرين، التي جاءت نتيجة إعلان يوسف وهبي نيته تجسيد النبي محمد على الشاشة، وشروعه فعلياً في ذلك، كانت بداية لهذه الإشكالية. مروراً بأزمات مشابهة، مثل ما واجهه مصطفى العقاد في نهاية السبعينيات مع فيلم "الرسالة"، الذي جسدت فيه شخصيتَي بلال بن رباح وحمزة بن عبد المطلب، وما واجهه يوسف شاهين في التسعينيات، عندما قرر تقديم قصة النبي يوسف من وجهة نظر جديدة في فيلمه "المهاجر"، أو تعرض المسلسل الإيراني عن النبي نفسه للمنع من العرض في الدول العربية.تضاف إلى ذلك الأزمة التي واجهها مسلسل "عمر" الذي أنتجته "أم بي س"ي أيضاً العام 2012، بسبب تجسيده لشخصية الخليفة الثاني ومعه بعض الصحابة، حتى وصلت القضية إلى المحاكم المصرية، التي فصلت فيها بمنع عرضه العام 2019، بعد مرور سبع سنوات على بثه الفعلي.وباستثناء "المهاجر"، جاءت تلك الأعمال العربية كلها محافظة تتوخى الاصطدام بالثابت في التاريخ الرسمي. ورغم أن الإعلان الترويجي لمسلسل "معاوية" صدّر رسائل يقول بعضها أنه يتناول "عهداً اختلف حوله المؤرخون، وإمبراطورية امتدت من الشرق إلى الغرب، وحكماً جمع بين الدهاء والقوة، وملحمة سياسية كتبت تاريخاً لا ينسى"، إلا أنه يلخص شخصية معاوية بعبارة "من كاتب للوحي إلى أول ملوك الإسلام". وكلها عبارات لا تكفي لتوضيح الشكل الذي سيظهر عليه الخلاف السياسي بين "علي ومعاوية"، بل ربما يصبح الأمر، طبقاً للسجل الإبداعي لطارق العريان، والسياسي والمهني لخالد صلاح، أقرب إلى الترويج الدعائي لأفكار سياسية معاصرة، تتوسل التاريخ لتمرير رؤاها.ولعل في فيلم "أهل الكهف" (2024)، الذي احتشد لصناعته نجوم الصف الأول المصريون، وكلّف إنتاجه ملايين الدولارات، ولم يخرج موضوعه عن التنديد بخلط السياسة بالدين، أو في مسلسل "الحشاشين"، الذي عرض في رمضان الماضي، واستخدم الجماعة التي لم يثبت وجودها التاريخي كاستعارة عن أيديولوجيا جماعة "الإخوان المسلمين"، إجابة على ما قد ينتظره المشاهد من مسلسل "معاوية".ويعول العمل أساساً على الإبهار البصري، من حيث اعتماده على مخرج تجاري مشهور، ولا يُرتجى من كاتبه الذي عرف باتجاهاته اليمينية المحافظة، واتصف خلال رئاسته لمؤسسة "اليوم السابع" الإعلامية بانتهاج سلوك غير مهني، أي حياد عن "الخط المحافظ"، الذي يتحاشى الاصطدام بالمعتقدات الدينية الرسمية أياً كان مذهبها.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top