2025- 02 - 27   |   بحث في الموقع  
logo جديد حادثة الإعتداء على موكب “اليونيفيل”.. هؤلاء ادّعى عليهم القاضي عقيقي logo جنبلاط من بعبدا: التحديات كبيرة جداً ولكن سنكون الى جانب رئيس الجمهورية logo أوجلان يدعو حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح وحل نفسه logo وفد إسرائيلي إلى القاهرة لمواصلة محادثات وقف إطلاق النار logo بالفيديو: إعدام منفذ عملية الخضيرة بعد إعتقاله! logo مخالفاتٌ بالجملة في ملاحم الجنوب... غشٌ ونقص في معايير السلامة! logo تعليقاً على "آخر خبر اليوم"... السيد يسأل: ماذا ستفعل دولتنا؟! logo مجزرة قضائية في ملف رياض سلامة ارتُكبت اليوم… تفاصيل المخالفات الجسيمة
رغم تحديات تقنية وميدانية..."حوارات دمشق" يعيد للسوريين أصواتهم
2025-02-27 15:25:55

بعد سقوط نظام بشار الأسد، ظهرت برامج إعلامية جديدة تسعى إلى تناول القضايا التي ظلت لعقود محظورة أو مستبعدة من النقاش العام. وبرز "حوارات دمشق"، الذي يبث على شاشة "التلفزيون العربي"، كأول إنتاج إعلامي مباشر يُنتج في العاصمة دمشق، ويعد نموذجاً فريداً للإعلام العربي من داخل سوريا، والموجه لمناقشة قضايا المجتمع السوري بعد حقبة طويلة من القمع، بحرية وشفافية من دون أي رقابة على المحتوى والضيوف والأسئلة والتوجهات مثلما كان نظام الأسد البائد يفعل طوال عقود.
ويركز "حوارات دمشق" على تناول القضايا الاجتماعية والسياسية والخدمية التي تؤثر مباشرة في حياة السوريين، مع السعي إلى تعزيز حرية التعبير وكسر حاجز الخوف، ويوفر منصة تجمع بين المواطنين والخبراء لمناقشة التحديات الراهنة واقتراح حلول عملية، ما يجعله خطوة مهمة نحو تغيير الثقافة الإعلامية في سوريا من خلال كسر التابوهات وطرح قضايا كانت تعد من المحظورات، ما يساهم في تعزيز الحوار المجتمعي وتشجيع التفكير النقدي.
وحول تفاعل الجمهور مع القضايا الجدلية التي يطرحها البرنامج، يقول مقدم البرنامج، زاهر عمرين، في حديث مع "المدن": "أعتقد أن الجمهور السوري متعطش لمثل هذا النوع من البرامج. هناك حاجة كبيرة لتبادل الآراء، لسماع وجهات نظر متنوعة حول ما يجري في سوريا خلال هذه المرحلة التاريخية". ويضيف: "نحاول دائماً مواكبة التطورات الإخبارية اليومية عبر فريق من المراسلين والمعدين والصحافيين المحترفين. المواضيع تفرض نفسها عبر قياس مدى اهتمام الشارع بقضية ما وأولويات المرحلة التي يمر بها".وناقش البرنامج في حلقاته الأخيرة زيارة رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى دمشق، وسط توقعات بتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، كما استعرض خطوات الاتحاد لدعم العملية السياسية وتأثيرها المحتمل على مستقبل البلاد. وتناول التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني، والمساعي لتوحيد وجهات النظر بين مختلف الأطراف، إضافة إلى التحديات التي تفرضها العقوبات الدولية على الاقتصاد السوري، وما تطرحه من رهانات لإعادة البناء وتعزيز التوافق الوطني.وركز البرنامج بشكل خاص على جولات رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، داخل البلاد، وما حملته من رسائل سياسية في ظل المتغيرات الراهنة، مستعرضاً دلالاتها وتأثيرها في مسار العملية السياسية. كما ناقش تأثير هذه المستجدات على الشارع السوري، ومدى انعكاسها على المزاج العام للسكان في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والمعيشية.وفي الجانب الاجتماعي، طرح البرنامج ملف المرأة السورية، متناولاً تصريحات رئيسة مكتب شؤون المرأة، عائشة الدبس، التي أثارت جدلاً واسعاً، إضافة إلى التعديلات على المناهج الدراسية، التي انقسمت الآراء حولها بين من يراها خطوة تحديثية ومن يعتبرها محاولة لفرض أيديولوجيات معينة. كما سلط الضوء على أزمة المواصلات العامة الناجمة عن ضعف البنية التحتية ونقص وسائل النقل، وتناول تجربة الرواتب الإلكترونية، التي أثارت تفاعلاً واسعاً بسبب صعوبة استخدامها لدى بعض الفئات.
من خلال هذه القضايا المتنوعة وغيرها، يواصل البرنامج تقديم رؤية تحليلية معمقة للأحداث في سوريا، مستعرضاً تداعياتها على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليظل نافذة مفتوحة على الواقع السوري وتحولاته المستمرة.ويعوض البرنامج غياب الإعلام الرسمي الذي مازال يستعد للبث مرة أخرى بعد توقفه إثر سقوط النظام، ويحرص البرنامج على استضافة خبراء ومتخصصين في الأستوديو لمناقشة القضايا المطروحة، ويشمل ذلك متخصصين في الاقتصاد، التعليم، والسياسة، الذين يقدمون رؤى معمقة وتحليلات متوازنة تعزز فهم الجمهور للقضايا الراهنة وتساعد في إيجاد حلول عملية لها.تاريخياً، كان الإعلام السوري أداة دعائية مكرسة لتلميع صورة النظام وقمع الأصوات المعارضة، حيث فرض النظام هيمنة مطلقة على المشهد الإعلامي، فأغلق مكاتب واستديوهات القنوات العربية والأجنبية داخل سوريا، بهدف إحكام السيطرة على الرواية الرسمية. حتى الإعلام العالمي، الذي زار سوريا في ظل النظام المخلوع، خضع لمراقبة صارمة من قبل رجال الأمن، حيث تم تقييد حركته وتحديد المواقع المسموح تصويرها لنقل صورة زائفة تُظهر أن "سوريا بخير".وكانت اللقاءات مع المواطنين إما مشروطة بالخوف من رجال الأمن المراقبين خلف الكاميرات، أو مرتبة مسبقأً لضمان تطابقها مع الرواية الرسمية، ما أفقد ثقة السوريين بأي منتج إعلامي وعزز حالة الاستقطاب في المشهد السورين، حيث شاهد موالو النظام القنوات الرسمية فقط، والتي تمثل رؤية وحدة، رسمت صورة براقة للنظام وأخرى سوداوية للمعارضة، وعلى الطرف المقابل، لجأ المعارضين السوريين إما للإعلام الإقليمي او للمؤسسات الإعلامية السورية التي كانت تبث من الخارج مثل "تلفزيون سوريا".
وحول قدرة البرنامج على طرح قضايا جدلية، بطريقة نقاش مثمر بعيداً من التجييش الإعلامي والتوتر داخل الاستديو بين الضيوف، يقول عمرين: "هناك دائماً تحديات تفرضها طبيعة الهدف من البرنامج وهو تقديم محتوى احترافي بعيداً من التجييش أو الشعبوية وفي الوقت نفسه ضرورة إثارة تساؤلات إشكالية حول القضايا المختلفة خاصة وأنه برنامج يبث على الهواء مباشرة".وإلى جانب الخبر، يحرص البرنامج على تقديم التقارير الميدانية واستطلاعات الرأي من الشارع السوري، وأظهر الجمهور السوري تفاعلاً إيجابياً مع البرنامج، فبات المواطنون أكثر استعداداً للتعبير عن آرائهم أمام الكاميرا، في مشهد يعكس بداية تحول ثقافي نحو قبول حرية التعبير، ما يبرز أهمية البرنامج كمنصة تسمح للسوريين برؤية واقعهم ومناقشة الحلول الممكنة.وحول ذلك، يعلق عمرين: "مستوى الجرأة الذي نسمعه في الشارع يتناسب مع حجم المسؤولية التي يشعر بها جميع السوريون تجاه بلدهم بعدما استعادوه"، وأضاف: "أعتقد أن هذه المرة هي الأولى التي يشعر السوريون فيها أنهم يستطيعون التعبير عما يمرون به بحرية من دون خوف وهذا بحد ذاته مكسب كبير، كما حدث في الحلقة التي واكبت ذكرى مجزرة حماة، كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها سكان هذه المدينة بصوت عال عن المجزرة التي نفذها نظام حافظ الأسد بحق المدنيين منذ العام 1982".وبالتزامن مع بدء البرنامج، أطلقت شبكة "التلفزيون العربي" حسابات جديدة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم "التلفزيون العربي – سوريا"، بهدف تقديم تغطية شاملة على مدار الساعة للأحداث في جميع المناطق السورية. وتعتمد هذه الحسابات على شبكة مراسلين واسعة تعمل داخل سوريا وفي الدول المجاورة، وتقدم محتوى إبداعياً يتضمن تصاميم وفيديوهات "إنفوغرافيك" توضح التطورات بشكل دقيق.وهنا، يؤكد مسؤول شبكات التواصل الاجتماعي في "التلفزيون العربي"، شاكر المصري، في حديث مع "المدن" على أهمية هذه الحسابات في توفير معلومات دقيقة وموثوقة للسوريين الذين تحرروا حديثأً من قيود الرقابة الإعلامية وضعف شبكة الإنترنت.والحال أن البرنامج يواجه مشكلات على الصعيد اللوجستي، لأن العمل في بيئة معقدة مثل دمشق يتطلب حلولاً مبتكرة لضمان استمرارية الإنتاج وسلامة فريق العمل، إضافة إلى عدم وجود بنية تحتية ملائمة في ظل إغلاق كثير من الاستديوهات في عهد النظام او تحويلها أو غرف خاصة بالإعلام الرسمي وخروج كل الإعلاميين من سوريا وتوقف التلفزيونات القليلة التي كانت تبث من دمشق عن العمل لفترة طويلة، فضلاً عن ضعف شبكة الانترنت ومشكلة عدم توافر الكهرباء لتمكين المشاهد من مشاهد الحلقات، وأيضاً سلامة مراسلي القناة.وحول قدرة البرنامج وفريق العمل على الاستمرار في ظل هذه الظروف والصعوبات اللوجستية، يوضح عمرين: "لا بد من اختراع حلول لمشاكل عادة لا نفكر فيها في بلدان أخرى. سرعة الانترنت مثلاً"، ويضيف: "بالتأكيد سلامة العاملين والمراسلين في الميدان تحديداً هي أولوية بالنسبة لنا كما كل مؤسسة إعلامية، وجميعهم لديهم خبرة طويلة في التعامل مع الظروف المعقدة أو المناطق الخطرة، بالإضافة إلى التدريب المستمر الذي تقدمه المؤسسة لهم على مستويات مختلفة في هذا الشأن".
ويتبنى البرنامج نهجاً تحريرياً يجمع بين الجرأة والمهنية، حيث يتم تناول القضايا الحساسة بعناية فائقة لضمان تقديم محتوى يُحفز النقاش من دون التسبب في توترات، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى بناء ثقة الجمهور وتعزيز دور الإعلام كمنصة حوارية بناءة، خصوصاً في ظل انتشار الأخبار المضللة والتوترات التي تعصف بسوريا.ومن خلال هذا النهج، يوفر البرنامج مساحة آمنة للسوريين للحصول على معلومات دقيقة والانخراط في نقاشات هادفة حول القضايا التي تمس حياتهم اليومية. ويكمل عمرين: " التوتر داخل الحلقات أمر صحي حين يبقى في حدود المهنية، على مبدأ الخلاف لا يذهب للود قضية، وأعتقد أن السوريين اليوم متعطشون للحوار بين بعضهم والتعرف على بعضهم البعض بعيداً من قبضة السلطات الأمنية السابقة".ويلقي البرنامج الضوء على مستقبل الإعلام في سوريا، ويرفع سقف الحرية الذي لم يكن موجود أصلاً في عهد النظام، حيث لم تخرج سوريا عن المراكز الخمسة الأخيرة طوال سنوات الثورة، في مؤشر حرية الصحافة الصادرة عن منظمة "مراسلون بلا حدود" طوال عقود. ويأمل كثيرون في تعليقاتهم على الحلقات، بأن تنسحب هذه الحرية على كامل الإعلام، خصوصاً الإعلام الرسمي الذي ظل طوال عقود يكرس الدعاية لنظام الأسد.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top