أثار أعلان الدكتور حسين رحال، المكلف بعمادة المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية أن السيد الشهيد هاشم صفي الدين كان يزود الجامعة بمادة المازوت وبالقرطاسية، حفيظة الأساتذة في الجامعة. وتداول الأساتذة هذا الإعلان باستغراب لأن هذه "المساعدات" ممنوعة من دون حصول الجامعة على مرسوم من الحكومة لقبول هبة. وإلا تكون بمثابة هدر للمال العام وتكريس الهيمنة الحزبية على الجامعة.
تباعات زلة اللسانرحال أعلن أنه يكشف سراً بالتطرق لهذا الموضوع، بعد تشييع صفي الدين. الهدف من الإعلان تعداد النواحي الخيرية والإنسانية لرئيس المجلس التنفيذي السابق في حزب الله. لكن زلة لسان العميد كان لها تبعات لأنها فتحت الباب على كيفية إدارة الجامعة اللبنانية من خارج الأصول والقوانين. فتقديم هذه "المساعدات"، حتى لو لدواعي إنسانية، بعيداً عن الغايات السياسية (سيطرة الأحزاب على فروع كليات الجامعة)، لا يمكن أن تأتي إلا من خلال الحكومة اللبنانية. فلا يمكن الجامعة قبول مساعدات بشكل سري. بل عليها أن تطلب من الحكومة ويصدر مرسوماً بقبول هبة. غير ذلك تخالف الأصول القانونية والمحاسبة العمومية.تصريحات العميد رحال أثارت حفيظة الأساتذة لأن الجامعة اللبنانية أمنت المازوت في كل الكليات، والقرطاسية من خلال الجيش اللبناني. وقد سبق وأعلن رئيس الجامعة أكثر من مرة أنه أمن مادة المازوت لتكفي حاجات الجامعة كلها. ما يعني أن موازنة الجامعة لحظت هذه المصاريف التشغيلية، وأي "مساعدة" في هذا الباب، سرية أو علنية، تحمل وجهاً لهدر مالي. فماذا فعلت الجامعة بالفائض المالي المتأتي عن هذه المساعدات؟ كلام رحال أوقع رئيس الجامعة بسام في ورطة هو بالغنى عنها. وقد طالب الأساتذة من رئاسة الجامعة إصدار بيان توضيحي حول هذه الحادثة.ووفق معلومات "المدن" اشترت الجامعة الكمية الكافية من المحروقات في ميزانية العام السابق. ووضعتها في عهدة الجيش لتأمين توزيعها مجاناً على الكليات. وأمنت الكراسات والطباعة من خلال الجيش أيضاً. ما يعني أن كلفة هذه المصاريف التشغيلية ملحوظة في موازنة كل فرع. فكيف أنفقت الجامعة مساعدة الشهيد صفي الدين وعلى ماذا؟ ولم تتلق الحكومة أي طلب من الجامعة لقبول الهبة. ما يعني أن قبول الجامعة هذه المساعدات من دون اتباع الأسس القانونية، يفرض فتح تحقيق لمعرفة إذا كان هناك أي هدر للمال العام.السيطرة الحزبية على الجامعةرحال يرفض التعليق، لكن المصادر استغربت ما أثاره الأساتذة حول هذا الإعلان. وأكدت المصادر أن المساعدات التي قدمها الشهيد صفي الدين تعود إلى ثلاث سنوات إلى الوراء وذلك عقب اندلاع الأزمة الاقتصادية وتفشي وباء كورونا. وكانت الجامعة حينها غير قادرة على تأمين المحروقات ولا القرطاسية. ولم تقتصر مساعدات صفي الدين على الجامعة اللبنانية، بل عمل على مساعدة العديد من البلديات والجمعيات. حينها لم يكن لدى أحد ترف التقدم بالحصول على مرسوم لقبول هبة.كل القوى السياسية لجأت إلى هذه "المساعدات"، في السنوات السابقة في قطاع التعليم. فحيال الأزمة وعدم قدرت الدولة على تلبية مطالب الأساتذة برفع الأجور أقدم نواب ومسؤولون حزبيون على دعم مدارس رسمية وتأمين مبالغ ولو زهيدة بالدولار لتشجيع الأساتذة على عدم الإضراب. وأقدمت القوى السياسية على مد فروع الجامعة اللبنانية بمساعدات عينية. وحصل كل ذلك من دون الحصول على مراسيم قبول هبة. كانت الحكومة أشبه بمن سلم مرافقها للقوى السياسية المسيطرة مناطقياً من خلال غض النظر عن إلزام الإدارة بالإعلان عن الهبات والحصول على مراسيم.تقديم الشهيد صفي الدين تبرعات للجامعة أو أي مؤسسة أخرى أمر يشكر عليه. فحيال عجز الدولة عن إدارة مرافقها مد يد العون لها أمر محمود. لكن يفترض أن تسلك أي مساعدة، من أي جهة كانت، الأطر القانونية المرعية الإجراء. غير ذلك تكون المساعدات خاضعة للشروط الحزبية المرعية الإجراء في بلد مثل لبنان. وفي حالة الجامعة اللبنانية كل فرع تسيطر عليه قوة سياسية أو طائفية معينة. وكل حزب يفرض مديراً للفرع ورؤساء الأقسام وحتى آلية التعاقد مع الأساتذة والموظفين. فهل الحكومة الجديدة ستعيد الاعتبار للجامعة اللبنانية كمؤسسة عامة خاضعة للقانون؟ وهل تمارس وزيرة التربية ريما كرامي، صلاحياتها كشريكة في قرار الجامعة، لوقف التمادي الحاصل في الجامعة؟