رحّبت روسيا، اليوم الثلاثاء، بـ"الموقف المتوازن" للولايات المتحدة، بعدما صوتت ضد قرار أعدته أوكرانيا والأوروبيون، يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا، مشيرةً من ناحية أخرى، إلى فرص للتعاون مع واشنطن، حول المعادن النادرة ذات الأهمية الاستراتيجية.
وانحازت الولايات المتحدة إلى جانب روسيا في تصويتين في نيويورك، ليل أمس الاثنين، ما يظهر التبدل في السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا.
موقف متوازن
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي، اليوم، إن "الولايات المتحدة تتخذ موقفاً أكثر توازناً يهدف إلى محاولة حل الصراع الأوكراني. ونحن نرحب بذلك".
وأضاف بيسكوف أن تصريحات القادة الأوروبيين، "لا تشير إلى توازن"، موضحاً "لكن، نتيجة للاتصالات بين الأوروبيين والأميركيين، قد تتجه أوروبا بطريقة أو بأخرى نحو توازن أكبر".
وقال بيسكوف إنه يرى فرصا للتعاون مع الولايات المتحدة في ما يتعلق باحتياطات روسيا الكبيرة من المعادن النادرة ذات الأهمية الاستراتيجية. وأوضح أن روسيا مستعدة لاتفاق مماثل، "مع توافر الإدارة السياسية لذلك". لكنه حذّر من أن روسيا ما زالت تحتاج إلى وقت لإعادة بناء علاقاتها مع الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات شديدة على اقتصادها بسبب الصراع في أوكرانيا.
وأضاف "لكي نقول إننا نثق بالأميركيين (…) علينا أن نتخذ الكثير من الخطوات الصغيرة تجاه واحدنا الآخر، وهو ما سيسهل إعادة بناء الثقة". وتابع "لقد حصل ضرر كبير. لا يمكن الإصلاح بين عشية وضحاها".
وجاء تصريحات بيسكوف، بعد ساعات، من كلام للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبّر فيه عن استعداد بلاده "لجذب شركاء أجانب إلى أراضينا الجديدة التي أعيدت إلى روسيا. هناك بعض التحفّظات. نحن مستعدّون للعمل مع شركائنا، بمن فيهم الأميركيون، في المناطق الجديدة".
وقال الرئيس الروسي، في مقابلة تلفزيونية، مساء الاثنين، إنه بعد استدعاء حكومته لاجتماع بشأن موارد البلاد من المعادن النادرة ذات الأهمية الاستراتيجية، أنّ روسيا رائدة في العالم من حيث الاحتياطات، وتملك احتياطات أكبر بكثير من تلك الموجودة في أوكرانيا ويجب أن تستغلها أكثر. وأضاف "سنعمل بكل سرور مع أي شركاء أجانب وبينهم الأميركيون".
حرب المليارات
وفي سياق متصل بنتائج الحرب في أوكرانيا، أفادت صحيفة "واشنطن بوست"، بأن روسيا أنفقت نحو 300 مليار دولار، وخسرت أكثر من 150 ألف شخص مع تشريد أكثر من 10 ملايين مواطن، في حرب قتلت عشرات الآلاف في أوكرانيا وشردت الملايين، وغيرت المشهد الأمني في أوروبا بشكل كبير.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدأ يشكك بعد 3 سنوات من غزو روسيا لأوكرانيا، في الدعم الأميركي المستقبلي لكييف، وعقد محادثات مباشرة مع روسيا، وهاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشتكياً من تكلفة المساعدات الأميركية لأوكرانيا.
وسردت الصحيفة حصيلة بخسائر الحرب من الطرفين، مشيرة إلى أن عدد الأوكرانيين الذين نزحوا بلغ 10.6 ملايين، حسب مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويشمل هذا العدد 3.7 ملايين داخل البلاد و6.9 ملايين شخص في الخارج، معظمهم في روسيا وألمانيا وبولندا. وقالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن 1.5 مليون من الأطفال الأوكرانيين معرضون لخطر العواقب الصحية العقلية طويلة الأمد بسبب الحرب.
ولفتت الصحيفة إلى تدمير أكثر من مليوني منزل، أو نحو 10% من مخزون الإسكان في أوكرانيا، بالإضافة إلى 153 ألف شخص كتقدير أدنى، جنوداً ومدنيين، قتلوا في الحرب، مع أن العدد الحقيقي أكثر من ذلك، خصوصاً أن روسيا وأوكرانيا قللتا بشكل كبير من خسائرهما.
ووفقاً للأرقام، التي تحققت منها بعثة مراقبة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في أوكرانيا، قُتل ما لا يقل عن 12 ألفاً و654 مدنياً في أوكرانيا، وقد يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، نظراً إلى استحالة تأكيد الوفيات في المناطق التي تحتلها روسيا.
أما من الجيش الروسي فقتل أكثر من 95 ألف جندي، بحسب باحثين من منفذ الإعلام الروسي ميديزونا وخدمة "بي بي سي" الروسية. وقال زيلينسكي لقناة "إن بي سي" هذا الشهر، إن أوكرانيا فقدت 46 ألف جندي، مع "عشرات الآلاف من المفقودين في العمل أو في الأسر".
وقالت الصحيفة إن الأراضي الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية، تبلغ نسبتها 20%، علما أن روسيا كانت تسيطر قبل الحرب على شبه جزيرة القرم منذ عام 2014، كما يسيطر الانفصاليون على دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا، وهي جزء من منطقة دونباس، في حين تسيطر أوكرانيا الآن على منطقة كورسك الروسية.
وخفضت أوكرانيا سن التجنيد إلى 25 سنة، كما وسعت روسيا قوتها العسكرية، ورفعت الحد الأقصى لسن الخدمة الإلزامية من 27 إلى 30 في تموز/يوليو 2023.
وفي ما يتعلق بالكلفة المادية، قالت الصحيفة إن الولايات المتحدة أنفقت 65.9 مليار دولار حتى الآن على المساعدات العسكرية منذ الغزو الروسي، وفقاً لأرقام وزارة الخارجية. وأشار تقرير للكونغرس في كانون الثاني/يناير، إلى أن واشنطن خصصت نحو 174.2 مليار دولار لحرب روسيا ضد أوكرانيا من عام 2022 إلى عام 2024، وهو رقم يشمل المساعدة من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والبنك الدولي ووكالات أخرى.