في آخر أيام وزير الداخلية السابق بسام المولوي كان الحديث في وزارة الداخلية عن ضرورة تأجيل الانتخابات لدواعٍ تقنية ولوجستية حتى شهر أيلول المقبل. كانت المبررات الظروف الناشئة بعد الحرب والدمار والشغور في الإدارة وعدم توفر عدد كافٍ من القضاة (تشكيل لجان القيد) وموظفين في الوزارة. ناهيك عن تأمين الأموال اللازمة لإجراء الاستحقاق بعد اختلاف الكلفة عن الموازنة المرصودة. أما مقاربة وزير الداخلية أحمد الحجار فأتت معاكسة لناحية التأكيد على إجراء الانتخابات بموعدها وسدّ أي ثغرة لمعاودة طرح التمديد التقني.إشكالية القرى الحدودية المدمرةإلى إشكالية الشغور في الإدارة وعدم توفر الكادر البشري في وزارة الداخلية، ينطلق البحث في احتمال تأجيل تقني للانتخابات بسبب الدمار الذي لحق بالقرى الحدودية، غير الصالحة للسكن، وآثار الحرب على قرى وبلدات الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. أما لناحية المهل القانونية، فيقفل باب تنقيح لوائح الشطب بعد بضعة أيام لتصبح اللوائح ثابتة في نهاية شهر آذار، هذا رغم أن سكان القرى الحدودية لم يتأكدوا من لوائح الشطب. والمختارون في القرى الحدودية لم يعملوا على طلب أي تصحيح أو تعديل للوائح الشطب، التي نشرتها وزارة الداخلية في مطلع الشهر الحالي.العام الفائت كان أحد أسباب تأجيل الانتخابات الحرب ونزوح سكان القرى الحدودية. وحالياً، وبعد الدمار الذي لحق بالقرى الحدودية، التي باتت فارغة من السكان ولحق الدمار حتى المدارس، التي تعتمد كمراكز اقتراع، أحد الحلول المطروحة تأجيل الانتخابات في القرى الحدودية حصراً.مصادر "المدن" تؤكد أن رئيس الحكومة القاضي نواف سلام يعمل لإجراء الانتخابات في موعدها من خلال تذليل العقبات التقنية. والتأجيل لفترة قصيرة يكون فقط في حال لم تحل الإشكاليات التقنية. وبما يتعلق بالقرى الحدودية المدمرة، التي لا يمكن إجراء الانتخابات فيها بالمعنى اللوجستي، نظراً للدمار الذي طال المدارس (مراكز الاقتراع)، تؤكد المصادر أن ثمة حلولاً تدرس حالياً.وحول تأمين الموظفين والقضاة والكادر البشري المطلوب، حيال الشغور، فتشير المصادر إلى أنه بعد نيل الحكومة الثقة سيصار إلى البدء بالتعيينات. بمعنى آخر، الأساس هو إجراء هذا الاستحقاق في موعده. وفي حال تعذر إجراء الانتخابات في القرى الحدودية لأسباب تقنية ولوجستية يصار إلى تأجيلها في تلك القرى لتأمين الظروف المناسبة.الموظفون والتمويلبعد تقاعد مدير عام الأحوال الشخصية العميد الياس الخوري، الذي كان يدير كل تفاصيل الانتخابات، باتت أعباء الانتخابات ملقاة على عاتق مدير عام الشؤون السياسية واللاجئين فاتن يونس. وقد عرضت الأخيرة مع الوزير الحجار المعوقات التي تستدعي تأجيل الاستحقاق. ومن أبسط هذه الأمور عدم توفر كادر بشري وموظفين. وعندما أبلغته أنه لا يوجد حتى موظفين في مستودع الوزارة لتوضيب صناديق الاقتراع، كان جواب الحجار: "حددي العدد المطلوب وأستدعي لك سريتين من قوى الأمن الداخلي للمؤازرة". وطلب منها إعداد دراسة بكل المعوقات اللوجستية والمالية، ولا سيما هواجسها المتعلقة برفع بدل أتعاب هيئات القلم لتشجيع الموظفين للمشاركة بالاستحقاق. فهذه الأخيرة ترفع كلفة الانتخابات عن الأموال المرصودة في ميزانية العام السابق. لكن الحجار أكد على أنه سيعمل على تذليل كل العقبات. وحول عدم توفر الموظفين دعاها إلى إعداد دراسة لانتداب موظفين من باقي الإدارات لتدريبهم والاستفادة منهم في الانتخابات النيابية. بمعنى آخر أن التأجيل غير مطروح.الحجار مصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها في شهر أيار المقبل. بطبيعة الحال ليس من صلاحيات وزير الداخلية تأجيل الاستحقاق، بل الأساس في هذا الأمر يعود لمجلس النواب. ذاك أن التمديد أو التأجيل يحتاج لقانون. غير ذلك وزير الداخلية ملزم باتخاذ القرارات اللازمة لإجراء الانتخابات بموعدها. وبما يتعلق بتداعيات الحرب على القرى الحدودية والجنوب والبقاع، تلفت المصادر إلى أن الوزير السابق بسام المولوي سبق وطلب من المحافظين إعداد دراسة بمراكز الاقتراع لمعرفة وضعها. والوزير الحجار عاد وأكد مع المحافظين على هذا الأمر، واجتمع مع محافظ الجنوب. وينتظر دراسة واقع مراكز الاقتراع لوضع الحلول الممكنة.لا إشكالية في لجان القيدووفق مصادر "المدن" تلقت وزارة العدل طلباً من وزارة الداخلية لتشكيل لجان القيد الابتدائية والعليا منذ يومين. وستباشر وزارة العدل بتشكيل اللجان بعد نيل الحكومة الثقة. ونفت المصادر وجود أي عقبة في القضاء تحول دون إجراء الانتخابات بموعدها. بل هناك نحو 700 قاضٍ في لبنان، فيما عدد لجان القيد أقل من نصف عدد القضاة.في المحصلة، ثمة إصرار على المستوى الرسمي من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة القاضي نواف سلام على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، في شهر أيار المقبل. لكن الإشكالية تكمن في القرى الحدودية المدمرة ما يعيد إلى الذاكرة أول انتخابات بلدية بعد انتهاء الحرب الأهلية، التي جرت في العام 1998. حينها أجريت الانتخابات في كل لبنان باستثناء القرى المحتلة في الجنوب. فهل تكرر الحكومة الحالية هذه التجربة؟