لم يكن يوم تشييع السيد حسن نصر الله وخلفه السيد هاشم صفي الدين مجرد لحظة وداع، بل كان ملحمة من العاطفة والانتماء، فمنذ ليلة السبت احتشد الآلاف في الساحات والشوارع المؤدية إلى مكان التشييع عازمين على حجز أماكنهم ليكونوا في الصفوف الأولى عندما تحين لحظة الوداع الأخير.
التشييع لم يكن بمنأى عن تدخل الشيطان الإسرائيلي، حيث تزامن مع تحليق أربع طائرات حربية بشكل مكثف فوق رؤوس المشيعين، ما أضاف بُعدًا آخر إلى الحدث، محولًا إياه من وداع لقائدين شهيدين إلى استعراض للوحدة والصمود في وجه التهديدات، خصوصا أن إسرائيل التي أرادت من تحليق طائراتها أن توحي بأن غياب القيادات يخلق فراغًا وضعفا، فإن المشهد على الأرض كان كافيًا لدحض أوهامها، فالحشود التي ملأت المدينة الرياضية ومحيطها، والهتافات التي تصدّرت المشهد، كلها كانت إشارات واضحة إلى أن الرهان على تراجع التأييد الشعبي للمقاومة هو رهان خاسر.
اللافت أن الحضور في تشييع نصر الله وصفي الدين لم يكن مقتصرًا على اللبنانيين أو المقربين جغرافيًا، بل امتد ليشمل شخصيات مؤثرة من العالم العربي والأجنبي سمعت ورأت كيف تستبيح إسرائيل الأجواء اللبنانية وكان لها تعليقاتها وإنتقاداتها.
الصحفي الإسباني كارلوس مينديز الذي يعمل في إحدى القنوات الأوروبية وفي حديث لـ “” قال: في أوروبا لا يفهم الناس لماذا يحظى السيد حسن نصرالله بكل هذه الشعبية؟، بعد اليوم أستطيع أن أقول إنني فهمت، لأنه لم يكن مجرد زعيم سياسي، بل رمز محفور في وجدان الناس.
كرار الجوني ناشط وصانع محتوى وسياسي عراقي قال: منذ اللحظة التي سمعنا فيها عن تحديد موعد التشييع بدأنا بالترتيب للسفر لقد حضرت تشييع القادة الكبار في العراق لكن المشهد هنا يختلف هذه الحشود لم تأتِ فقط للحزن، بل جاءت لتؤكد ثباتها على نهج السيد، وما حدث اليوم من خرق إسرائيلي ما هو إلا دليل آخر على وحشية الإسرائيلي وجبنه.
وقال الناشط السياسي الأميركي والداعم للقضية الفلسطينية جاكسون هنكل: “أردت أن أظهر تضامني مع الشعب اللبناني لما تعرض له من اعتداءات وانتهاكات، وخلال جولتي في الضاحية زرت مكان استهداف السيد حسن نصر الله وكان الأمر مؤثرا جداً وشعرت بحجم الألم والمعاناة التي عاشها الناس وقوة ارادتهم للمقاومة.
مشهد الحشود التي توافدت من كل مكان، والهتافات التي صدحت في الأرجاء، كان تأكيد واضح على أن المسيرة لم تنتهِ بل تستمر بروح من إستشهد وإرادته التي زرعها في قلوب محبيه، والإيمان بالقضية التي أفنى حياته من أجلها وفي نهاية المطاف، يشهد هذا اليوم على أن المقاومة ليست وليدة قائد فقط، بل هي ولادة من إرادة شعب لا يعرف الاستسلام.
موقع سفير الشمال الإلكتروني