2025- 02 - 25   |   بحث في الموقع  
logo مجلس الأمن: اعتماد مشروع قرار أميركي بشأن أوكرانيا..بتأييد روسي logo جلسة الثقة.. 65 نائباً يطلبون الكلام! logo والد الرئيس السوري إذ يخالف ابنه الرأي logo "إسرائيل الموسَّعة": لبنان وسوريا ضفة شمالية بمسار الضفة الغربية logo لبنان يحسم صدارة المجموعة السادسة في تصفيات كأس آسيا logo أكرم حسني يستعد لطرح الأغنية الدعائية لـ«الكابتن» مع «شارموفرز» logo بيان لوزارة التربية عن إقفال المدارس بسبب العاصفة “آدم”.. logo وفاء عامر تقدم بطولة في المسلسل الخليجي «عابر سبيل»
والد الرئيس السوري إذ يخالف ابنه الرأي
2025-02-25 00:25:51


عاود السيد حسين الشرع، والد الرئيس السوري الحالي، مخالفة توجهات السلطة التي يقودها ابنه، هذه المرة بانتقاده اتفاقها مع قسد على شراء كميات من النفط والغاز. وجهة نظر السيد الشرع تتلخص بأن آبار النفط والغاز، الواقعة تحت سيطرة قسد، هي مُلك الدولة السورية التي لا يجوز أن تتصرف كأنها زبون يشتري ما تملكه قسد. وفق المنطق نفسه، يحتج على دعوة مظلوم عبدي الرئيس الشرع لزيارة المناطق التي تسيطر عليها قسد، إذ يقول إن رئيس الجمهورية هو من يقرر الزيارة، وهذا جزء من السيادة الوطنية.والد الرئيس مقيم في تركيا حتى الآن حسبما يوضّح في أحد تعليقاته، وكان قد أثار الانتباه بعد اكتشاف منشور له على حسابه في فيسبوك، ينتقد فيه توجُّه السلطة إلى خصخصة القطاع العام، حيث ورد التالي ضمن منشوره: "أود أن أقول بملء الفم: هذا غلط كبير. ذلك أن هذا القطاع العام أقيم خلال عشرات السنين، وهو ثروة قومية، وهو ملك الشعب. واذا كان هناك ترهل وفساد وخسائر فهذا لا يعود للبنى الأساسية تلك، وليس للشركات والمعامل ولكن للإدارات الجهولة التي أدارتها بلا خبرة ولا اهتمام...".
تأخرَ اكتشاف المنشور المذكور، ثم انتشر بكثافة على خلفية الدهشة من إعلان الأب مخالفته ابنه الرئيس بالرأي، وهذه سابقة في تاريخ سوريا ما بعد الاستقلال، الذي لم يُعرف فيه أبٌ لرئيس يُبدي رأياً في الشأن العام. قلّة من المهتمين ناقشت فحوى المنشور الذي يدافع عن القطاع العام، وقلّة منها انحازت إلى رأي السيد الوالد تعاطفاً منها مع مصير المسرَّحين من وظائفهم العامة، بينما انحازت الغالبية إلى توجه الابن، سواء من باب الانحياز إلى الاقتصاد الحر، أو محبةً بشخصه.ذلك الاهتمام بما كتبه الأب سرعان ما طواه انشغال السوشيال ميديا بظهور الابن وهو يمارس رياضة الفروسية، وهكذا تقادمت بسرعة شديدة جاذبيةُ الانشغال بالخلاف بين الأب والابن، وتبددت سريعاً فرصة أن يكون الاهتمام بهذا الخلاف مدخلاً لمناقشة شأن أساسي ومفصلي في الانتقال السوري من حقبة الأسد. ولا يُتوقع أن يكون حال الملفّ الاقتصادي بأفضل مع مؤتمر الحوار المنعقد لمدة ساعات عملياً، فما رشح من أخبار يفيد بتقسيم المشاركين والموضوعات إلى ست مجموعات، بحيث ينال كل موضوع مشاركة لساعات قليلة جداً من قبل مئة مشارك تقريباً!
أُفرِغ المؤتمر العتيد مما وُصف به أولاً كمؤتمر وطني تأسيسي، ينصرف اهتمام المشاركين فيه إلى بنية الحكم في المرحلة الانتقالية والمرحلة اللاحقة عليها، ليصبح مؤتمر حوار، بتوصيات غير ملزمة، ولتتوسّع دائرة الموضوعات المطروحة على حساب التعمّق في كل موضوع. لكن يُخشى من أن يشكّل المؤتمر غطاء لتوجهات السلطة في الحقول المطروحة، ومنها الاقتصاد، والخشية لا تأتي على سبيل الطعن في هذه السلطة تحديداً، وإنما تأتي من التسرّع وغياب التشاركية الحقيقية التي تتطلب نوعاً مختلفاً من الحوار، وتتطلب من السلطة توفير ما في حوزتها من معلومات ضرورية لإثراء النقاش العام، كي يكون الحوار على بيّنة حقيقية، وكي يكون هناك تكافؤ على صعيد المعلومات بين السلطة والمشاركين من خارجها.في الأصل، لا يبدو المؤتمر بصيغته الأخيرة من شؤون السلطة، وهو (بصيغته الحوارية غير الملزمة) أقرب ليكون مؤتمراً موسعاً من تلك التي تنظمها نقابات أو منظمات مجتمع مدني تصدر توصياتها، وعادة تأخذ وقتاً في الإعداد والانعقاد أطول مما أخذته لجنة مؤتمر الحوار الوطني. لكن إذا كان من فائدة للمؤتمر، غير تلك التي تقررها السلطة، فهي إعادة الكرة إلى ملعب السوريين المعنيين حقاً بالحوار من أجل البلد، بوصفهم فاعلين لا ينبغي لهم التكاسل وانتظار مبادرات السلطة، مهما كانت الأخيرة وبصرف النظر عن الذين يشغلون المناصب فيها.
نفترض هنا أن السوريين قاموا بالثورة لا لكي يسقطوا الأسد ثم يتركوا لخَلَفه أن يمسك بالبلد كما كان يسيطر عليها، وأن جزءاً من امتلاكهم بلادهم هو أن ينخرطوا في مناقشة كل ما يتعلق بالفضاء العام المشترك، وألا ينتظروا أية سلطة أن تمنحهم ما هو حقّ لهم، أو أن تكون لها أفضلية المبادرة فيُنظر إلى مبادرتها كمَكْرمة لعموم السوريين أو للمشاركين. فقط في أنظمة الاستبداد ينظر المحكومون إلى السلطة طوال الوقت، أما خارجها فالناس يتبادلون النظر كنايةً عن امتلاكهم الحق في الوجود وفي إبداء وجهات النظر.بالعودة إلى الجانب الاقتصادي الذي تطرق إليه والد الرئيس، فمن المستغرب أن نسبة كبيرة من الكلام السوري المعلن لم تتوقف عنده بالقدر الذي توقفت فيه عن الانتقال السياسي. وإذا أجرينا قياساً منطقياً بسيطاً، فالحديث عن فترة انتقالية سياسياً تمتد حوالى خمس سنوات لقي تفهماً عاماً، في حين لم يحظَ بما يستحقه من جدية الكلامُ عن تحول جذري دراماتيكي في النمط الاقتصادي للدولة، وخلال مدة لا تتجاوز عشر سنوات. بل تم اتخاذ إجراءات عملية تتعلق بموظّفي القطاع العام فوراً، أثار البعض منها احتجاجات متفرقة، من دون أن تواكب الاحتجاجات نقاشات مستحقة؛ الحديث هنا حرفياً عن لقمة الخبز لملايين السوريين.
رغم الارتباط الوثيق بين الاقتصاد والسياسة، فالثانية منهما أكثر مرونة ورشاقة إزاء التغيرات. الانتقال الاقتصادي بطبيعته يتطلب زمناً يُقاس بالأجيال، وفي بلد مثل سوريا سيكون من الصعب إحداث النقلة الاقتصادية خلال أقل من جيلين، أي أقل من عقدين. وحتى في أعتى الرأسماليات لا يُلقى الناس في الشارع بلا لقمة خبز وبلا دواء؛ الدولة لا تفعل هذا بأبنائها. حتى التضخم الهائل للكادر الوظيفي لا يتحمل مسؤوليته الموظفون الذين هم أصلاً ضحايا هذا النمط، وليسوا مستفيدين منه رغم ما كل ما يُروّج عن أعداد منهم تقبض الرواتب من دون عمل أو دوام، فما يقبضه هؤلاء لا يقارب تعويضاً للبطالة في أية دولة رأسمالية، وفي معظم البلدان الرأسمالية تعمد الدولة إلى إعادة تأهيل هؤلاء لسوق العمل، وترعاهم لغاية الحصول عليه.ثم إن التحول الاقتصادي لا يلغي الدور الاجتماعي للدولة، ومسؤولياتها إزاء الفئات الاجتماعية الأضعف. لدينا مثال قريب هو سلوك الدول الرأسمالية (بما فيها أميركا- ترامب) أيام جائحة كورونا، قبل اكتشاف اللقاح، حيث غلّبت كافة الدول الاعتبار الصحي لمواطنيها على ميزان الربح والخسارة. في سوريا، هناك حالياً ظرف استثنائي، يجتمع فيه الخروج من حرب مدمِّرة مع الانتقال من نمط اقتصادي عمره ستة عقود. ولا يكفي للحوار في ذلك كله الانطلاق من انحيازات مسبقة لنمط اقتصادي، وكأن البلد أو السلطة يملكان خيارات بسيطة وسهلة المنال.
ثمة الكثير من التفاصيل المهمة التي يُنتظر من حوار اقتصادي أن يضيء عليها، بما فيها القطاعات الاقتصادية التي ستُضطر الدولة للاحتفاظ بها، أو سيكون من الأفضل بقاؤها مُلْكاً عاماً، حتى مع التحول الاقتصادي عن نمط إنتاج متقادم ومهترئ. هذه فقط رؤوس أقلام سريعة لحوار لم يُنجز منه شيء على الصعيد العام بين السوريين، ولن يُنجز منه أو من غيره شيء طالما اقتصر إسقاط الأسد على الانتقال من استقالة إجبارية من الشأن العام إلى استقالة طوعية منه.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top