الأفضلية للميلوديا الفرنسية في برنامج الماستر كلاس في بيت التباريس في شارع الأشرفية، الذي أقيمت فيه طيلة خمسة أيام، ورش تدريبية لجيل شبابي، خاطب الروح والحس من خلال تطوير مهاراته الغنائية واللفظية مع التينور دافيد لوفور، الذي قصد لبنان للمرة الثانية، ليشارك تجربته الأوبرالية كمغني تينور منفرد في دار الأوبرا في كل من باريس وليون وسواها، مع دوره الريادي في عضويته بكورس إذاعة فرنسا الدولية، الذي تتفرع رسالته في نشر الغناء والموسيقى، إلى المدارس المستشفيات والسجون وسواها.
قبل عرض مجريات الورشة والحفلة الغنائية الموسيقية لختام الورشة نفسها، أكدت مؤسسة بيت التباريس ومديرته زينة صالح كيالي لـ"المدن" أن "هذه الدار إنطلقت بهدف تعزيز الفرص للفنانين اللبنانين لتعزيز مهاراتهم من خلال إنتسابهم الى ورش تدريبية مجانية "ماستر كلاس" بإشراف موسيقيين وعازفيين مخضرمين أمثال عبد الرحمن الباشا، ناجي حكيم، وغبريال يارد، إضافة الى أساتذة من الكونسرفتوار الوطني الفرنسي ودار الأوبرا الفرنسية"، مضيفة أن "لا مانع لدينا من تنظيم ورش تدريبية في الموسيقى الشرقية، وهذا ما ندرس خطواته الفعلية".
وقالت كيالي: "لقد أسستُ والموسيقي جورج دكاش نسخاً دورية لحفلات موسيقية غنائية في فرنسا تحمل عنوان "موسيقيات لبنان" في باريس لتعريف الجمهور الفرنسي واللبناني على رواد الموسيقى الكلاسيكية المحلية، وهي مخزون مهم علينا تعريف لبنان والعالم على أهميته".
وفيما ندردش مع كيالي، كانت أصوات مغني الميلوديا الفرنسية، إناثاً وذكوراً، تتعالى في القاعة على أنغام روحانية وعذبة لعازفة البيانو سيرفرت بوياجيان سابونجيان.
يخوض التينور دافيد لوفور تجربة صقل مهارات طلابه بكثير من الدقة والإندفاع والتواضع. البسمة لا تفارق ثغره، وعيونه تلمع دائماً عند سماعه الميلوديا الفرنسية، التي ترتكز على حسن التعبير وإلقاء المغنين الشباب أشعاراً مثل" حبنا" لآرمان سيلفستر على وقع موسيقى غبريال فوريه، كما أدته منفردة مغنية الأوبرا ميرا عقيقي، وصولاً إلى قصائد لكل من سولي برودّوم، رومان بوسين، فيكتور هوغو، جان لاهور وسواهم على وقع تأليف موسيقي لجول ماسونيه، هنري دوبارك، جورج بيزيه وغبريال فوريه وسواهم.
يشدد لوفور لـ"المدن" على أن الميلوديا الفرنسية هي "عملة نادرة "في الغناء الفرنسي، التي تتباين مع الغناء الأوبرالي المرتكز على القصة وحركة الممثلين، فيما الميلوديا الفرنسية تعتمد على شعر فرنسي ملحن بأبيات عن الطبيعة والحب والمشاعر الإنسانية، ما يفرض على المغني حسن إلقاء كلمات الشعر"، مشيراً إلى أن "الميلوديا الفرنسية قد تكون الوسيلة المثلى لتعريف الشباب على الأدب الفرنسي وموسيقاه من دون أن يمروا بالقراءة الأدبية بنمطها الكلاسيكي".
ويثمّن أيضاً تجربة "الكورس في الإذاعة ودوره في التواصل مع البيئات الحاضنة من خلال ريبرتوار بعض أغاني أزنافور، إديت بياف، إيف مونتان وسواهم في المدارس، السجون والمسشتفيات في محاولة لجعل الموسيقى تضمد الجراج وتعطي دفعاً للغد الآتي".
وحلال الحوار، كانت التمارين مستمرة للجيل الواعد الذي يضم مغنين اوبراليين، هم أنطوان معلوف، هيفا نور يغيايان، جايسون شويفاتي، ميشيل باسيل، مايا خوري، ميرا عقيقي وبيا خليل.
تشير يغيايان المنتسبة الى جوقة فيلوكاليا لـ"المدن"، أنه "نهج جديد للغناء لشخص مثلها منخرط في فضاء الأوبرا الكلاسيكية"، مشيرة الى أنها "ركزت هنا في التمرين على الميلوديا الفرنسية على الكلمة أكثر من أي شيء آخر، أي تناغم جوهري بين الكلمة واللحن فيما ينجرف مغني الأوبرا وراء قصة بحد ذاتها أكثر من أي شيء آخر".أما بيا خليل، التي تعمل في ورش تدريبية في فن التمثيل والمسرح والإخراج، فذكرت لـ"المدن" أنها "تمرنت في "الماستر كلاس" على ميلوديا بعنوان "وحيدة" من كلمات تيوفيل غوتيه وتلحين غبريال فوريه، متخذة في كلماتها الواقعي الجميل والملموس للطبيعة".
تلفت مايا خوري، التي تعمل في الترجمة الفورية والتحريرية، أنها تعيش شغف الأدب الفرنسي الكلاسيكي منذ صغرها، "لا سيما في فضاء بودلير او أنويه، ما شرع الفرص للإنتساب الى هذه الورشة التدريبية، التي تضيف رصيداً جديداً يضاف إلى ميلها للغناء الكلاسيكي منذ الطفولة الى اليوم"، منوهة "بالتجربة اليوم، التي قربت المسافة مع الميلوديا الفرنسية، مع اللحظة والكلمة من دون شك".
أما أنطوان معلوف، الذي يعمل في التكنولوجيا وينتسب إلى جوقة جامعة القديس يوسف، فيتناول في حديث مع "المدن" أهمية هذا الماستر كلاس معتبراً أنه "يحثنا على الشعور بالكلام واللحن ويجعلنا ننساق وراء أغنية الصلاة من أجل السلام، لبيار برناك وتلحين فرنسيس بولانك، والذي يشعرنا كأننا في صلاة لله ومعه كمرجع أساسي لنيل السلام".
توالى في الحفل الموسيقي غناء المنتسبين الى الماستر كلاس. جذبنا الحديث عن الحب بغناء هيفا نور يغيايان في "أغنية حب" من شعر آرمان سيلفستر، مجاهراً للحبيبة: "أنا متيم بعينيك، أحب جبهتك، يا متمردة، يا شرسة، أعيش حالة حب مع عينيك، أحب فمك، الملجأ الذي ستغرق فيه قبلاتي".