سادت حالة من الدهشة والجدل بين السوريين، في أعقاب تحديد اللجنة التحضيرية موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في دمشق، وتصاعدت المطالبات للجنة بأجيل الموعد، الذي حُدد الثلاثاء، حتى يتمكن المدعوون من الوصول، وخاصة الذين يقيمون خارج سوريا.ومع بدء اللجنة بإرسال الدعوات، اعتذر عدد من المدعوين، ومنهم السياسي السوري جورج صبرا وفادي حليسو وسهير أتاسي وغيرهم، عن الحضور، مرجعين ذلك إلى ضيق الوقت.وقال صبرا المقيم في فرنسا على حسابه الرسمي على منصة "إكس": وصلتني دعوة لحضور المؤتمر بعد غد، وأنا مقيم في باريس ولذلك اعتذرت عن تلبية الدعوة لضيق الوقت".أما فادي حليسو المقيم في ألمانيا فقال، إن وصول الدعوة قبل يومين يعطي انطباعاً بعدم جدية الدعوة، وأضاف "ما بعرف شو التوقعات من مؤتمر ليوم واحد".في السياق، أشارت مصادر لـ"المدن" من دمشق إلى احتمال تمديد فترة انعقاد المؤتمر إلى يوم الأربعاء، افساحاً بالمجال أمام الذين لم يسعفهم الوقت، ليبدو أن "الانتقادات والمطالب بتأجيل موعد المؤتمر" قد اُخذت على محمل الجد.ما تفسيرات التوقيت "المفاجئ"؟ومن المُنتظر أن تُعلن الإدارة السورية عن الحكومة الجديدة "الموسعة" مطلع آذار/مارس المقبل، الأمر الذي يُحتم عليها عقد مؤتمر الحوار الوطني قبل الإعلان عن الحكومة، كما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، الذي يوضح لـ"المدن"، أن "الإدارة تريد أن تُعطي الحكومة الجديدة شرعية إضافية، إي الإعلان عنها بعد الانتهاء من الحوار الوطني".ويقول إن "مخرجات الحوار الوطني ستكون ضمن برنامج عمل الحكومة الجديدة، خصوصاً أن الحكومة الجديدة ستكون غير منسجمة لأنها تضم توجهات وخلفيات متعددة".ويرى خليفة أنه "من الجيد" أن تقوم الإدارة السورية بوضع برنامج عمل حكومي يعتمد على توصيات مؤتمر الحوار السوري، قبل الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة.لكن المتحدث باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر، حسن الدغيم اعتبر أنه "لا تلازم حتمي بين تشكيل الحكومة والحوار الوطني، لكن أطر تشكيلها ستستفيد من توصيات المؤتمر والملفات التي ستتم مناقشتها".وبالتأسيس على تصريحات اللجنة التحضيرية، فإن المؤتمر سيركز على قضايا العدالة الانتقالية، والبناء الدستوري، والإصلاح المؤسسي والاقتصادي، ووحدة الأراضي السورية، والحريات العامة والشخصية السياسية.وقال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ماهر علوش لـ"المدن" إن "المؤتمر سيشكل ورشات عمل اختصاصية".استحقاقات دوليةويبدو أن هناك حالة من الاستعجال من الإدارة السورية على عقد مؤتمر الحوار الوطني، لأن صفتها "الانتقالية" لا تساعدها على اتخاذ القرارات الهامة على الصعد السياسية والاقتصادية والسيادية، وغيرها من الاستحقاقات التي ينتظرها المجتمع الدولي.ويصف الكاتب السياسي السوري عبد الكريم العمر، موعد المؤتمر بـ"المفاجئ"، ويقول لـ"المدن": "من الواضح أن القيادة السورية تريد الانتهاء من الحوار الوطني، حتى تصدر إعلاناً دستورياً للدولة الجديدة، وتكشف عن التشكيلة الوزارية الجديدة (التكنوقراط)".وأضاف أن الحوار الوطني "يليه قرارات كبرى، وإجراءات دستورية، ربما تحولت لمطالب دولية، حتى يتم رفع العقوبات الغربية عن سوريا".وكانت اللجنة التحضيرية قد أعلنت أنها أجرت العديد من الحوارات بهدف الاستماع لمختلف الآراء والتوجهات، إذ دونت أكثر من 2200 مداخلة، واستلمت مشاركات مكتوبة تزيد على 700 مشاركة.وأضافت أنه تم خلال اللقاءات التحضيرية المطالبة بإصدار إعلان دستوري مؤقت لتسيير المرحلة الانتقالية، ووضع خطة اقتصادية تتناسب مع المرحلة، وإعادة هيكلة القطاعات الحكومية، وإشراك المواطنين في إدارة المؤسسات، وتعزيز الأمن والاستقرار لتسهيل إعادة بناء مؤسسات الدولة.