2025- 02 - 24   |   بحث في الموقع  
logo في رؤية أحمد داود أوغلو لسوريا الجديدة logo مؤتمر الحوار الوطني السوري: اعتذارات عن المشاركة.. ومطالبات بتأجيله logo لماذا لست مدعواً/ة إلى المؤتمر؟ logo أُنظروا إلى زيلنسكي... إنّه يحترق!! logo تشييع نصرالله ونكبة الشيعة: نهاية مرحلة وبداية مجهول logo احتفالية "صيدنايا" تثير الإنقسام: طمس للجرائم أم خطوة للعدالة؟ logo المرتضى: اليوم كان موعد الزمان مع وداع ⁧‫السيّد‬⁩ logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأحد
أُنظروا إلى زيلنسكي... إنّه يحترق!!
2025-02-24 00:25:51


يبذل الرؤساء جهداً عند أمريكا لتُفْرِجَ عن مياه الشربِ
وأمريكا لأمريكا (..)
وراء الباب أمريكا
(محمود درويش/ مديح الظل العالي)


في أواخر شهر حزيران للعام 2023، عقد في مدينة فلورانسا الإيطالية الساحرة، لقاء غير رسمي جمع أساتذة ومفكّرين وصنّاع سياسيات لنقاش مستقبل العلاقات الأوروبية-الروسية والتغيير المتوقّع في موازين القوى العالمية، وتم استعراض المحطات التي أرسل فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إشارات توسعية من دون أن يردعه أحد.
"تُرِك ليفعل ما يشاء في جورجيا عام 2008، ثمّ في القرم عام 2014، ولا سبب ليتوقّف مشروعه في أوكرانيا، بل سيسعى في حال انتصاره إلى التوسع في كل الاتجاهات المتاحة"، هكذا بدأ النقاش وكنت أصغي باهتمام إلى جميع المداخلين. تحدّث البعض عن شعور البولنديين والمولدوفيين بالتهديد، وعن وقوف المجريين على مسافة أبعد من أوروبا وأقرب إلى روسيا، أما السويديون والفنلنديون، فقد أدركوا أنّ البقاء خارج الناتو لا يحميهم، فاندفعوا نحو الانضمام إليه واسترضوا تركيا من أجل ذلك. ارتكزت أوكرانيا وأوروبا كلّها إلى قرار صارم وحازم وقاطع للولايات المتحدة الأميركية بقيادة جو بايدن في ردع بوتين من التوسع، ومن دون تردّد وبغض النظر عن الأكلاف المادية. وبالفعل أرسلت واشنطن وأوروبا المال والسلاح لأوكرانيا، وحدث التحوّل الكبير في ألمانيا نحو العودة إلى التسلّح. اعترف الحاضرون بأنّ الحرب كلّفت الناتو مئات مليارات الدولارات، إلاّ أنّهم سيستمرون في دعمها بحسب كل التحاليل، فقد اتفق الجميع هناك على ذلك.
وفي حديث جانبي في فلورانسا، أسرّ لي أحد كبار المفكّرين الأوروبيين- الذي تربطه بدوائر القرار في فرنسا وأميركا تحديداً أواصر وطيدة- بكل ثقة: "أيّام بوتين ستكون معدودة وسيكون سقوطه مدوياً لأنّ عكس ذلك يعني خسارة الغرب معاركه المقبلة".
مرّت سنة ونصف السنة. عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وكان بوتين ينتظره طيلة السنوات الثلاثة منذ بداية حرب أوكرانيا، وساذج من يعتقد أنّ قرار الانقلاب على أوروبا وأوكرانيا هو قرار ترامب وحده. فانقلاب أميركا على تعهّداتها مشروع، وهذه سمة يختص به تبدّل العهود بين رئيس وآخر، ولمَ لا تغيّر واشنطن موقفها وهي القوة والسلطان، وتُحاسِب ولا تُحَاسب؟
إذاً، كما في كثير من الأوقات، انقلبت أميركا على حليفها الأوّل أوروبا هذه المرة، وقال في حكّامها نائب الرئيس جيه دي فانس، في مؤتمر ميونيخ للأمن ما لم يقله مالك بالخمرة. وباتت السهام لا تصيب إلا الرئيس "الممثّل الكوميدي والطاغية غير المنتخب والنازي التوجه"، على حد قول ترامب نفسه. اختارت أميركا إنهاء زيلينسكي الذي راهن على الغرب وأوروبا رهاناً سيدفع ثمنه هو ومن معه لأنّ الصفقة مع روسيا حول القطب الشمالي أكثر فائدة لأميركا وإدارتها.
جبهة الصين وتايوانومن جهة ثانية، بدأ الحديث يتصاعد على جبهة الصين وتايوان، إذ يظن كثر أنّ تسليم تايوان إلى الصين بات خياراً جدياً للولايات المتحدة، إذا ما كان هناك مقابلٌ وازن. ولو أنّ بياناً صدر في 7 شباط، وبعد محادثات بين ترامب وإيشيبا شيغيرو، رئيس الوزراء الياباني، استخدم الجانبان لغة أشد حزماً من المعتاد بشأن تايوان، حيث أعلنا معارضتهما لـ"أي محاولات لتغيير الوضع القائم بالقوة أو الإكراه". ومع ذلك، سبق أن قلّل ترامب من أهمية رغبة تايوان في التصدي للضغط الصيني، وقد يكون منفتحاً على صفقة تبيع تايوان مقابل تنازلات من الصين تحتاجها أميركا لتثبيت موقعها دولياً.
أمّا على جبهة إيران، فتسعى إسرائيل للتحشيد لضربة حتمية، ولعلّ إسقاط النظام فيها عز الطلب. لكن لأميركا أغراض أخرى، فإيران بلد غني بالنفط والغاز وبناها التحتية كلّها تحتاج لتأهيل بمئات مليارات الدولارات، وهي جغرافياً عقدة هامّة لبناء سد في وجه الصين، إذا ما استقطبت إلى المعسكر الأميركي. لذا يكون الاتفاق معها أقل كلفة من ضربة، إلاّ أنّ التهديد بالضرب مفيد والعبرة للتفاوض.
على الجبهة اللبنانيةوالحديث قد يطول عندما يتم التطرّق إلى ما يجري هنا وهناك، أمّا في لبنان الذي اعتاد التدخلات الأميركية المتكرّرة منذ استقلاله إلى اليوم، فيؤكد التاريخ أنّ التدخلات كلّها كانت ذا أجل، ولم تدم. فقد تدخّل الأميركيون لدعم حكم كميل شمعون وخرجوا بعد تسوية مع جمال عبد الناصر حول انتخاب فؤاد شهاب. ومن ثمّ تدخلوا لعقد الطائف وإقرار وثيقته الشهيرة، وعادوا وسلّموا زمام الأمور لحافظ الأسد الذي دعم حرب التحالف بقيادة واشنطن على العراق بعد اجتياح الكويت، وصاغ طائفاً خاصاً بمصلحته طُبّق في لبنان إلى حين صدور القرار الدولي 1559.
تفاصيل التدخلات الأميركية تحدّث عنها ديفيد هيل، السفير الأميركي السابق في بيروت، في كتابه "الديبلوماسية الأميركية تجاه لبنان"، غير أنّ التاريخ يؤكد أنّ التدخلات الأميركية في لبنان لم تنجح في فرض معادلات نهائية، وكلّفت البلاد كما كلّ التدخلات الإقليمية في لبنان، من سوريا إلى ليبيا والعراق وإيران وأوّلهم وأخطرهم وأكثرهم شراسة حروب إسرائيل، ومجازرها، كلفت البلاد دماً ومالاً وخسائر لا يمكن إحصاؤها، ولا زلنا ندفع أثمانها إلى اليوم.
ولأن لبنان ليس أوكرانيا ولا تايوان ولا حتى أفغانستان، ولا مجال للمقارنة بين ثروات العراق وموجودات لبنان، فأهمية لبنان مرتبطة حصراً بوجوده على حدود إسرائيل، فلا ثروات ولا مواد أولية ولا معادن نادرة تستوجب البقاء فيه، وفسادٌ مستحكمٌ منذ الانتداب الفرنسي ازداد بشكل فاضح في العقود الأخيرة لكنه فسادٌ لا يؤثر على غرب أو على شرق، بل على شعب صارت فئة منه جزءاً من آلة الفساد الدائرة.
أميركا التي تسعى لإدارة العالم كلّه لمصلحتها لن تجد الوقت والمال، بل حتى الرغبة في متابعة تفاصيل مملة في لبنان البلد الذي ضاق من مساحة ملعب كرة قدم إقليمي إلى ملعب كرة سلة وبات اليوم ملعباً لكرة المضرب لا أكثر.
في عالم تحكمه المصالح وتتبدّل فيه التحالفات وتتغيّر فيه المعادلات، كلّ رهان على أميركا لن يكفي ولو أنّ الرهان على القوة العالمية الأولى من دون منازع، منطقي ورهان على الأقوى، لكن الأهم النظر إلى ما يريده الأقوى لنفسه خلف أيّ مشروع أو أيّ حلف. قد يعتبر البعض في لبنان وفي الإقليم أنّ ما يدور حالياً هو المعركة الأخيرة لتثبيت تفوّق إسرائيل وتطبيع العلاقات معها دفعة واحدة وأخيرة، مع سوريا ولبنان وغزة تحديداً.
وقد يكون هذا البعض محقاً. إلاّ أنّ بعضاً آخر يعتبر أنّ الصراع مع إسرائيل صراع مبادئ وأخلاق ودين، وصراع بين شرّ وخير، وهذا البعض محقّ بدوره. التاريخ لا ينهي حساباته في حقبة، بل هي أيّام تتوالى وجولات ودورات تتتابع وتتالى، فكيف إذا استند الصراع إلى أديان تشكّل عمق قناعات أبناء الشرق الأوسط والعالم الغربي؟
لبنان يحتاج إلى أفعالٍ وطنية أكثر ورهانات أقلّ. فمن أكل حقوق المودعين حفنة من خونة الناس وخونة الله وليس دولة بعينها. ومن أفسد القطاع العام حفنة أخرى. ومن سرق المرافق والمرافئ وقطاع الاتصالات بشركتيْ الخليوي فيه والذي استفاد من استيراد الفيول المغشوش والغاز والبنزين عصبة شكّلت كلّ تلك الحفن، والعصب دولة عميقة استفادت من كلّ عهد وتدخّل وارتبطت مع كلّ محتلّ أو فارض وصاية.
الأصل في هذه المرحلة صيانة السلم الأهلي، مراعاة القوة العظمى القاهرة من دون الاستسلام المطلق أو الزحف على البطون والبدء بمسيرة الإصلاح بخطوات قصيرة لكن ثابتة، ودعوا أميركا لأميركا وانظروا إلى زيلينسكي يحترق من دون أن تحترقوا معه أو من أجله.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top