من أروقة المصارف ومكاتب الشركات المالية إلى عالم السياسة، قام فريدريش ميرتس، الرئيس الحالي للحزب المسيحي الديمقراطي، بنقلة سريعة. تولى ميرتس قيادة الحزب في بداية عام 2022، واليوم، بعد ثلاث سنوات فقط، يقترب من الوصول إلى منصب المستشار الألماني، وهو المنصب التنفيذي الأهم في البلاد.
تجري اليوم الأحد في ألمانيا انتخابات عامة حاسمة يتنافس فيها الحزب المسيحي الديمقراطي، بقيادة ميرتس، ضد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يقوده أولاف شولتز، هذه الانتخابات ستكون محورية لتحديد من سيتولى قيادة البلاد.
وأعلن ميرتس في تغريدة عبر منصة "إكس" بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، فوز حزبه قائلاً: "لقد فزنا في هذه الانتخابات البرلمانية. شكرًا على الثقة التي منحتموها لنا ولشخصي"، مضيفًا: "سنفي بمسؤوليتنا الحكومية بسرعة، لأن العالم لا ينتظرنا".
وُلد فريدريش ميرتس في 11 تشرين الثاني 1955، ويتميز بسيرة مهنية متنوعة. قبل دخوله عالم السياسة، عمل كمصرفي استثماري في العديد من المصارف والشركات المالية العالمية، ومع تحولاته السياسية السريعة، أصبح معروفًا بمواقفه الحازمة، خاصة في قضايا الهجرة.
اشتهر ميرتس بمواقفه الصارمة ضد سياسة الهجرة، وخاصة سياسة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي سمحت بدخول مئات الآلاف من اللاجئين إلى ألمانيا في عام 2015. اعتبر ميرتس أن سياسة الهجرة المفتوحة كانت فاشلة، وركز على ضرورة ضبط الحدود بشكل محكم. وأكد في تصريحات له أنه يجب أن تكون الهجرة إلى ألمانيا "منظمة" و"اقتصادية"، بحيث تساهم في مصلحة البلاد. كما طالب بترحيل اللاجئين الذين لا يعملون في ألمانيا، مؤكدًا أن بعضهم قد يكونون من أفراد ميليشيات النظام السوري، وأنه "لا حاجة لهم في ألمانيا".
على مستوى السياسة الخارجية، أعلن ميرتس أنه في حال فوزه بمنصب المستشار، سيعمل على تعزيز العلاقات مع إسرائيل، وأكد أنه سيضع حدًا للقيود المفروضة على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مؤكدًا أن ألمانيا ستقف دائمًا إلى جانب إسرائيل في جميع الظروف، وقال: "أمن إسرائيل هو جزء من مصلحة الدولة الألمانية".
منذ بداية الحرب في أوكرانيا، دعم ميرتس الحكومة الأوكرانية بشكل كبير. زار كييف وأكد مرارًا أن ألمانيا يجب أن تكون في مقدمة الدول التي تدعم أوكرانيا، بما في ذلك تقديم الأسلحة، مثل صواريخ "توروس" طويلة المدى. كما دعا إلى موقف "حازم" ضد "سياسة المهادنة" التي يتبعها بعض السياسيين في ألمانيا بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا.
يتبنى ميرتس موقفًا مختلفًا عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا، حيث عبر عن "صدمته" من إلقاء ترامب اللوم على أوكرانيا في الحرب، وأكد أن ألمانيا يجب أن تتوحد في مواقفها مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة مثل هذه التصريحات.
علاوة على ذلك، أبدى ميرتس دعمه لاتخاذ موقف حازم بشأن الهجرة غير النظامية، وقال أنه بعد أفغانستان وسوريا، يجب على ألمانيا أن تبدأ في ترحيل المهاجرين غير النظاميين بشكل منتظم.
في ظل هذه المواقف السياسية الواضحة، يظل فريدريش ميرتس أحد الشخصيات السياسية المحورية في ألمانيا، مع طموح جاد لقيادة البلاد نحو المستقبل، مع التركيز على تعزيز الأمن الداخلي، العلاقات الخارجية، واستعادة التوازن في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.