2025- 02 - 23   |   بحث في الموقع  
logo الشيخ قاسم: المقاومة باقية وقوية ومستمرة logo الشيخ قاسم لأصحاب “الرؤوس الحامية”: في البلد لا رابح ولا خاسر.. وعلاقتنا مع “أمل” تعمدت بالدم logo المجلس الأرثوذكسي معزياً بالشهيد نصرالله وصفي الدين: نرفض أن تكون الطائفة الشيعية مستهدفة logo الصلاة على جثماني الشهيدين logo الحوار بين بوتين وترامب يحمل آفاقًا واعدة! logo "نتنياهو رفض تصفية السنوار"... تفاصيل ما قبل 7 أكتوبر! logo أدرعي يتحدى "استعراض حزب الله": "أين العلم اللبناني في التشييع؟" logo “رسالة” من إسرائيل بعد تحليق الطائرات فوق مكان تشييع “نصرالله”!
أُمّةٌ في رجل: نصرالله
2025-02-23 10:25:47


تُحاصرني "نوستالجيا" غريبة أسترجع بها الكثير من ذكريات الصراع مع حزب الله وعلاقتي بأمينه العام التي شكّلت كثيرًا من قناعاتي. علاقة "معارضة" في السياسة والعقيدة وارتباطه التبعي إلى حدٍ ما بإيران. تعمقت جدًا في دراسة الحزب، ولعلّ أمينه العام الراحل حسن نصرالله أخذ من أوقات بحثي ما لم يأخذه أحدٌ آخر. كان نصرالله رجلًا يُشبه بيئته في كلّ شيء، يشبه مزارعها الفقير الذي يعيش في عديسة هناك عند الحدود، ويشبه صانعها المتواضع ميسور الحال الذي يسكن في شقّة صغيرة في الضاحية ويشبه فقيرها الذي تغرقهُ الديون.
لم يخرج هذا الرجل من منزله إلى السجاجيد الحُمر، لم يركب طائرةً خاصة ولم يملك قصرًا فخمًا تزينهُ الدنانير.
لا ينزل كلامي هذا في مقام المديح إنما هي حقيقة يعرفها صديقُ هذا الرجل وعدوّه. تُخبر المقاطع المنتشرة عن شهادات من قابله شخصيًا الكثير، تكشف أنه ملمّ بتفاصيل من يصحبه ويهتف باسمه كما تكشف تمسكّه الحقيقي بما اعتقد به من ايديولوجيا دينية قلّ ما نرى تطبيقها العملي في هذا الزمن.
شكّل نصرالله صلةَ وصلٍ حقيقية بين الشعوب المتدينة والتي تأسرها قصص الراحلين من أولياء الله، وبين الدنيا الماديّة التي تُثقل بهمومها كاهل الإنسان فتختطفه من التمسك بالماورائيات. جماهير بلا ذاكرةيتحدث الموسوعي والمفكر والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير عن علاقة القائد بالجمهور ويقول إن "الجماهير غالبًا تكون بلا ذاكرة" وإنها بطبيعتها لن "توجد من دون قائد ولن يوجد قائد من دون جماهير". ولقد نجح نصرالله في خلق ذاكرة يصعب على الجماهير نسيانها إذ تحول شخصُهُ إلى فكرة مزروعة لدى شعوب المنطقة: لا لإسرائيل.
لا يعرف أحدٌ على وجه اليقين مصير محور المقاومة في ظلّ التقلبات السياسية/العسكرية الحاصلة. تُلزم الموضوعية، او ما استطاع الإنسان منها، أن نعترف بثقل خسارة هذا الرجل على الساحة اللبنانية والإقليمية. رحيلُ نصرالله ينزل بثقله على محبّه ومبغضهِ معًا إذ اجتمع أثر حياته على الطرفين. ‏كلّ هذا توقف الآن.
‏ثم أسأل نفسي: أين تقف اليوم؟ فعلى الرغم من خصومتي مع الحزب كنت دائمًا على قناعة بأنّه يملك عقيدة لافتة، غريبة نوعًا ما في صراعه مع دولة الاحتلال.
ما الذي يدفع رجلًا إلى العزلة لما يزيد عن ثلاثين عامًا؟ اتفقت معه أم اختلفت، هو قدّم لما يؤمن به كلّ شيء... وهذه "الكلّ شيء" نادرة في تحققها الفعلي في زمننا هذا.
‏ثم أصمت عن تفكيري قليلًا لأدرك واقعًا جديدًا مخيفًا: هل انكسر ‫حزب الله؟ هل انهار؟ هل هُزم؟ كانت هذه الاسئلة بموقع "المستحيل" عقلانيا لكنّ تسلسل الأحداث في الفترة الأخيرة يسوغ طرحها.
‏تخيفني فكرة جديدة: خصومتي مع ‫حزب الله تنتهي إلى اغتيال ‫إسرائيل -وهي كيان الشرّ الكامل- لأمينه العام. ليست هذه نهاية أريدها أو تستثير مشاعري إلا بالخيبة. كيف أفرح وإسرائيل قتلت في عام واحد ما يزيد عن ستين الف إنسان جلّهم من النساء والأطفال.
‏في خصومتي مع نصرالله وقد قضى شهيدًا، كان يقبع في زاوية عقلي، في ثقب منه ربما شعارٌ راسخ: حزب الله يخيف إسرائيل وهذه حقيقة. اليوم هي المرة الأولى التي أشعر فيها بخوفٍ من إسرائيل..لا أعرف لماذا.
‏أو ربما أعرف وماضي خصومتي يمنعني من الإقرار، أو لربما هي بعض الأفكار العقدية التي تحولت إلى أسطورة بأن الحق لا يهزمه الباطل.
‏لقد تحولت من حولي الدنيا إلى باطلٍ في كلّ مكان، ومسلمات الفكر التي كانت في بالي من دين وإيمان لم تعد ثابتة وأنا أقرّ بهذا علنا.. ‏من يكسر شر ‫إسرائيل؟ هذه الأمة حالها واضح لا يحتاج لشرح مفصّل.
‏هذه كلّها صراعات في رأسي، وفي قلبي..هل كنت محقا في خصومتي؟ هل كنت على باطل؟ لا شيء ينفع الآن.. فات الأوان. وانتهينا إلى حكم الظالم وفوزه.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top