نشر رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، فيلماً قصيراً يسلط الضوء على نضال الشعب السوري من أجل الحرية، مستنداً إلى قصة واقعية رواها الكاتب والمعارض السوري الراحل ميشيل كيلو عن تجربة عاشها في المعتقل.
ويقدم الفيلم مشهداً لمجموعة من الأشخاص داخل قاعة فاخرة، تعكس مظاهر البذخ والثراء الفاحش، في تجسيد رمزي لسلطة الأسد وعائلته وأعوانه المستفيدين من بقاء النظام، ثم تتحرك الكاميراً تدريجياً نحو الأسفل، كاشفة عن طبقات المعتقلات تحت الأرض، حيث تتصاعد حدة المشهد وصولاً إلى أعمق زنزانة، ليظهر الممثل الذي يجسد دور كيلو، ويُطلب منه أن يسرد قصة لفتاة ولدت داخل الزنزانة، ليكتشف أنها لم تعرف يوماً معنى العصفور أو الشجرة، في مشهد يجسد حجم العزلة والحرمان داخل السجون.وينتهي الفيلم بانهيار القصر الفاخر، في إشارة إلى سقوط نظام الأسد، بينما تخترق أشعة الشمس الطبقات السفلية، إيذاناً بزوال الظلام، ويحدث هذا التحول بعد صرخة أطلقها الممثل من أعماق الزنزانة، تتسببت في دمار القصر، في رمزية واضحة لثورة السوريين ضد النظام القمعي.
Bir zamanlar tarih, medeniyet ve farklılıkların birlikte yaşamasının simgesi olan Suriye, Baas rejiminin zulmü altında ne yazık ki karanlığa mahkûm edilmişti...Rejim, Suriye halkına yalnızca kan, gözyaşı ve zulmü reva gördü.Baskı, işkence ve ölüm hücreleri, adeta Suriyelilerin… pic.twitter.com/sxQiwN98lI
— Fahrettin Altun (@fahrettinaltun) February 20, 2025
وحظي الفيلم بتفاعل واسع بين الناشطين، الذين أعادوا نشره واستذكروا مقابلة الإعلامية زينة يازجي مع كيلو الذي روى حينها القصة المؤثرة التي تعكس حجم المأساة الإنسانية داخل السجون السورية، والأعداد الكبيرة لهذه المعتقلات المنتشرة تحت الأرض، والتي أحدثت صدمة في كل العالم.ويعكس الفيلم موقف تركيا الرسمي تجاه الثورة السورية، حيث يصور انهيار نظام البعث وانتهاء حكم عائلة الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وعلق ألطون على الفيلم مؤكداً: "سنواصل، تحت قيادة رئيسنا السيد رجب طيب أردوغان، نضالنا من أجل تأسيس العدالة في كل بقاع العالم المضطهدة واضعين العدل فوق كل اعتبار، كما في سوريا". وأضاف أن "سوريا التي كانت رمزاً للتاريخ والحضارة والتعايش بين مختلف الثقافات، أصبحت تحت حكم حزب البعث في ظلام حالك".ويعتمد الفيلم بشكل أساسي على السرد العاطفي، ومشاهد التعذيب في المعتقلات، ثم يستعيد قصة الطفلة التي ولدت ونشأت داخل الزنزانة ولم تكن تعرف معاني الأشياء الأساسية مثل العصفور والشجرة. وتظهر القصة كيفية فقدان البراءة في ظل القمع السياسي، وتسلط الضوء على التأثير النفسي العميق للاعتقال في الأفراد، خصوصاً الأطفال. يهدف الفيلم إلى إثارة تعاطف المشاهدين، تحديداً من الجمهور العربي والدولي، من خلال إظهار المظالم التي تعرض لها المعتقلون السوريون. واستخدام قصة حقيقية يعزز مصداقية الفيلم، ويجعله أكثر تأثيراً مقارنة بالأعمال الخيالية.من الناحية الفنية، يعتمد الفيلم على عناصر تزيد من تأثيره الدرامي، حيث تستخدم الإضاءة الداكنة لتعكس أجواء القمع والمأساة، فيما تعزز الموسيقى التصويرية المؤثرة التفاعل العاطفي للمشاهد، كما تعتمد زوايا التصوير على اللقطات الوثائقية التي تمنح الفيلم طابعاً واقعياً، مع التركيز على تعبيرات الوجه ولغة الجسد لتوصيل المشاعر القوية. كما يمنح السرد الوثائقي الدرامي طابعاً جاداً، بعيداً من الإفراط في المشاهد السينمائية التقليدية، كما أن أسلوب الإخراج القائم على شهادات حقيقية يمنح العمل بعداً توثيقياً يجعله أكثر مصداقية.وفي سياق حديثه عن الفيلم، لفت ألطون إلى "صرخات الأطفال الذين لم يروا نور النهار في الزنازين والمضطهدين الذين تحولت مدنهم إلى أنقاض عانقت السماء". وأضاف: "أخيراً، تحقق المصير المحتوم للظلم في سوريا، انهار حزب البعث، أحد أعتى وأبشع الأنظمة الديكتاتورية التي شهدها تاريخ البشرية… انهار النظام القمعي الذي كان يعتقد أنه لا يقهر، وانهارت جدران الظلم واحدة تلو الأخرى".ويمكن مقارنة الفيلم القصير مع مسلسل "The Platform" الذي عرض في "نتفلكس"، حيث يتناول كلاهما قضايا القمع والسلطة لكن بأساليب مختلفة. ففي المسلسل يتم التعبير عن الصراع الطبقي وهيمنة السلطة بأسلوب خيالي رمزي، حيث يحرم الأفراد من حقوقهم عبر نظام توزيع الطعام، بينما يعالج الفيلم التركي القمع السياسي في سوريا بأسلوب واقعي مباشر، مصوراً المعتقلين على أنهم مسلوبو الحرية وحتى القدرة على فهم العالم الخارجي. ورغم اختلاف الطرح، يلتقي العملان في تسليط الضوء على الظلم والانتهاكات، أحدهما من خلال الرمزية، والآخر عبر التوثيق الواقعي.