يزداد المشهد اللبناني تعقيدا، فيما المؤشرات لا تبشر بالخير، لا سيما على صعيد إتمام الانسحاب الاسرائيلي وتنفيذ بنود القرار 1701 وإتفاق وقف إطلاق النار الذي يلتزم لبنان بحذافيره، وما يزال مجرد “حبرا على ورق” لدى العدو الاسرائيلي المتمركز في سبع نقاط ضمن خمس مناطق ويمارس عدوانيته وغطرسته وإجرامه بشكل يومي من دون حسيب أميركي أو رقيب أممي أو دولي.
بات واضحا أن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس قد خدعت لبنان برئاساته الثلاث، حيث لم تكتف بإنتهاك السيادة اللبنانية بشكرها وإمتنانها لإسرائيل من على أعلى منبر رسمي، بل تعهدت بالانسحاب الاسرائيلي الكامل مع حلول تاريخ 18 شباط، وهي غادرت الى تل أبيب على أن تعود الى لبنان لتكون شاهدة على الإنسحاب، لكنها توارت عن الأنظار وإنقطعت أخبارها، فيما تصريحات ومواقف المسؤولين اللبنانيين حول هذه الأزمة التي تستفحل يوما بعد يوم تذهب أدراج الرياح.
اللافت، أن التواصل بين أورتاغوس والمسؤولين اللبنانيين قد إنقطع تماما، حيث لا أحد منهم يعلم عنها شيئا أو يعرف متى ستعود، ما دفعهم أمس الى تعليق الآمال على وفد الكونغرس الأميركي برئاسة داريل عيسى الذي زارهم أمس، ومطالبته بأن تبادر واشنطن الى الضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للإنسحاب من لبنان.
تغيب الجدية الأميركية عن التعاطي مع المسؤولين اللبنانيين في موضوع الانسحاب الاسرائيلي لأسباب غير معروفة لا بل مستغربة، خصوصا أن لبنان قد نفذ الرغبات الأميركية والدولية والعربية بإنتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية والقاضي نواف سلام رئيسا للحكومة، وكان يُفترض لو صدقت النوايا أن تجبر أميركا إسرائيل على الانسحاب الكامل، لتنطلق الحكومة المدعومة منها في البحث بموضوع سلاح المقاومة وإعادة الاعمار والنهوض الاقتصادي، لكن ذلك لم يحصل، ما يؤكد أن لبنان سيبقى في الدائرة الحمراء بإنتظار نضوج التسويات والاتفاقات في المنطقة، الأمر الذي يجعل كل حديث عن سحب سلاح المقاومة “لزوم ما لا يلزم” في ظل الاحتلال القائم، علما أن رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون قد أجرى أمس إتصالا هاتفيا بنتنياهو مطالبا إياه الاسراع بالانسحاب، لكن الأخير رفض ذلك وأبلغه بأنه باق في المواقع التي يتواجد فيها.
أمام هذا الواقع، يبدو لبنان أمام أزمة حقيقية، فالاحتلال مستمر ويضاعف من إعتداءاته، والراعي الأميركي غائب عن السمع إلا من وفود لا قرار ولا تأثير لها، والضامن الفرنسي عاجز عن الضغط، واللجنة الخماسية المؤلفة من سفراء أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر قد بلعت ألسنتها بعدما وضعها رئيس الجمهورية جوزاف عون يوم الإثنين الفائت أمام مسؤوليتها في مواجهة الانتهاك الاسرائيلي المتمادي للسيادة اللبنانية، ولجنة المراقبة الدولية تمارس السياحة في زمن التزلج، وتمتنع عن عقد الاجتماعات كمن يسلم بالأمر الواقع، بينما يحرص رئيسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز على نقل الرغبات الاسرائيلية الى لبنان.
وما يزيد الطين بلة، هو أن رئيس الحكومة نواف سلام لا يضغط على لجنة المراقبة ولا يدعوها للإجتماع من أجل حثها على القيام بواجباتها في التشدد بمنع الاعتداءات وعدم الاكتفاء بتعدادها، وبضرورة الانسحاب السريع والكامل للعدو.
ويبدو حتى الآن أن الرئيس سلام يريد تطبيق القرار 1701 على اللبنانيين فقط بإسقاط “حق المقاومة” من البيان الوزاري تمهيدا لسحب السلاح وحصره بيد الدولة، وهو أمر بات يشكل إحراجا لرئيس الجمهورية جوزاف عون بالدرجة الأولى، كونه لا يستطيع أن ينادي بذلك في ظل بقاء الاحتلال، وهو سبق وأكد للأميركيين أن الانسحاب الاسرائيلي أولا ومن ثم موضوع سلاح المقاومة، لذلك، فإن لقاء بعبدا الذي عقده الرئيس عون بمشاركة الرئيسين نبيه بري ونواف سلام خرج ببيان أكد على “حق لبنان بتحرير أرضه بكل الوسائل”، وذلك في خطوة تستبق مضمون البيان الوزاري الذي لن تكون مناقشته في مجلس النواب بعد تشييع السيدين الشهيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين مجرد نزهة!..
The post خديعة أميركية للبنان.. إسرائيل لن تنسحب!.. غسان ريفي appeared first on .
كلمات دلالية: لبنان الاسرائيلي الانسحاب قد الى سلام عون اللبنانيين |