بعد نشر الجامعة اللبنانية أسماء الأساتذة الذين قبل "مكتب الأبحاث والتطوير" في الجامعة تمويل أبحاثهم، قامت قائمة أساتذة على رئاسة الجامعة بسبب مصادفة فوز الأساتذة المقربين من رئيس الجامعة بغالبية منح الأبحاث. واعتبروا أن هذا "المكتب" بالاسم ينتقي الأبحاث المقبولة، فيما على أرض الواقع يسيطر رئيس الجامعة بسام بدران على أدق التفاصيل، كما يؤكد الأساتذة المعترضون.بحسب لائحة الأبحاث المقبولة، تبين أن العديد من الفائزين (48 أستاذاً) هم من الأساتذة المحيطين برئيس الجامعة، أو يعملون في المختبرات التي يديرها في الجامعة (عندما يتحدث أساتذة الجامعة عن هذه المختبرات يقولون إنها مختبرات بسام بدران).هدايا ومساعدات سنويةيعتبر الأساتذة المنتقدون للائحة أن الأموال التي تخصص لغالبية الأبحاث هي بمثابة جوائز ترضية أو بمثابة مساعدة اجتماعية للأساتذة المحظيين عند بدران، فقط لا غير. وقد درجت العادة في الجامعة على توزيع هذه الأبحاث على المحظيين كل نهاية عام. فتنشر الجامعة لائحة الأبحاث المقبولة بما يشبه تصفية ميزانية الجامعة نهاية العام. وتكون بمثابة صرف الأموال لتصفير الميزانية. ما يجعل الأبحاث مجرد إنفاق أموال من دون أي استراتيجية لرفع مستوى البحث العلمي في الجامعة. حتى أن أساتذة باحثين في الجامعة لا يتقدمون بطلب تمويل أبحاثهم، لعلمهم المسبق بأن الأبحاث توزع وفق مبدأ المحسوبيات السياسية والطائفية، البعيدة كل البعد عن البحث العلمي.وفند الأساتذة أسماء الأساتذة المقبولة أبحاثهم (نتحفظ عن ذكرها) وتبين أن غالبيتهم من المحسوبين على رئيس الجامعة. ليس هذا فحسب، بل تتضمن لائحة الأسماء مدراء فروع أو مستشارون لرئيس الجامعة، لا وقت لديهم لإجراء بحث علمي، يفترض بحسب التعميم أن تكون مدته على سنتين.تغييب كليات العلوم الإنسانيةاللافت في اللائحة توزيع الأبحاث على كلية العلوم بشكل أساسي، حيث يدير مختبرات أبحاث، فيما لم تنل كليات العلوم الإنسانية أي تمول لبحث واحد. فلا يوجد لو بحث واحد لكلية الحقوق أو الآداب أو العلوم الاجتماعية.وبحسب عناوين الأبحاث وأسماء الفائزين، يتبين أن كل كليات العلوم الإنسانية ممثلة ببحث واحد يعود لكلية الإعلام. وتشاء الصدفة أن هذا البحث المقبول يعود للدكتور رامي نجم، مدير الفرع الأول لكلية الإعلام، وهو في الوقت عينه مسؤول مكتب الاعلام المركزي في حركة أمل. ويعلق الأساتذة أن المهمات الملقاة على عاتق الأخير، يفترض أنها تأخذ كل وقته، وسيكون متعذراً عليه اجراء أبحاث. وهذا بمعزل عن أن عنوان بحثه المقبول (بين الصحافة الكلاسيكية والإلكترونية: اضاءات ومقاربات نظرية وعملية) غير جديد وهناك مئات الأبحاث الموضوعة في هذا المجال.ويلفت الأساتذة أن العديد من الأساتذة الباحثين لم تقبل أبحاثهم رغم تاريخهم البحثي المعروف. ما يؤكد أن توزيع الأبحاث كان بمثابة تقاسم قالب حلوى ليس أكثر. لكن هذا لا ينفي وجود بعض الأبحاث التي تعود لأساتذة لديهم سمعة بحثية. ووجود أسماء هؤلاء في اللائحة مجرد رفع عتب وللتقليل من حجم الفضيحة في كيفية اختيار الأبحاث.دور هامشي لمكتب التطويرالمسؤول عن "مكتب البحث والتطوير في الجامعة اللبنانية"، الذي يختار الأبحاث، هو عميد المعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا السابق فواز العمر. علماً أن العمر متقاعد منذ نحو ثلاث سنوات ما يعني أنه لا يحق له الاستمرار بمهامه. هذا فضلاً عن أنه منتدب من قبل مجلس التعليم العالي في وزارة التربية لرئاسة لجنة الوصاية على الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم (AUCE) منذ أكثر من عام. ما يعني أن لا وقت لديه للتفرغ لهذه المهمة للإشراف على اختيار الأبحاث. ورغم ذلك اختاره رئيس الجامعة بدران كمستشار له للاستمرار بإدارة المكتب.وتعلق مصادر مطلعة لـ"المدن" أن هناك لجنة اختارها بدران هي من تختار الأبحاث. أما "مكتب التطوير"، فيقتصر دوره على "البصم" والتوقيع. فمكتب العميد العمر مكلف رسمياً باختيار الأبحاث، لكن عملياً لا تأثير ولا سلطة قرار له على الأبحاث. بل واقع الأمر، ومنذ أيام رئيس الجامعة الأسبق عدنان السيد حسين، أن بدران شخصياً يدير الأبحاث ويختار كيف وعلى من ترسو. وتعلق المصادر أن العميد السابق العمر مشهود له كفاءته العلمية، إلا أنه قبل بتهميش دور مكتبه ورضي أن يكون كمستشار لبدران فحسب.مصادر "مكتب البحث والتطوير في الجامعة اللبنانية" اعتبرت أن ما يقوله الأساتذة مجرد شائعات. فالمكتب اختار الأبحاث بحسب المعايير المعلن عنها في التعميم الذي صدر لهذه الغاية. وسيكون هناك مراقبة صارمة على نوعية الأبحاث التي سيتقدم بها الأساتذة، وفي حال تبين أنها غير أصيلة وغير مستوفية الشروط، سيلزم الأساتذة بإعادة الأموال.وحول عدم قبول أبحاث لأساتذة باحثين، فيما وقع الخيار على أساتذة لأنه مقربين من بدران فقط لا غير، علقت المصادر أن بعض الأبحاث رفضت لأن مواضيعها كانت من خارج الإعلان والتعميم. كما رفض "المكتب" بعض الأبحاث لأن الأساتذة لم يقبلوا بتعديل موازنة البحث الخاص بهم، وتخفيضها للتناسب مع الأموال المرصودة. وبالتالي تم استثناء أبحاثهم. وكذلك تم استثناء أبحاث الأساتذة المتعاقدين بالساعة. والأساتذة المعترضون تنطبق عليهم إحدى هذه الحالات.وشرحت المصادر أنه في السابق كان "المكتب" يقبل تمويل أبحاث لأساتذة متعاقدين. لكن البعض منهم ترك لبنان بسبب الأزمة في لسنوات السابقة وكان حصل على منحة بحثية ولم يكمل بحثه. وبالتالي تقرر عدم تمويل أبحاث أساتذة متعاقدين. لكن الأساتذة المعترضين على لائحة التنفيعات يؤكدون أن اللائحة تضم أقله اسمين لأساتذة متعاقدين بالساعة. وعنوان بحث إحداهن مخالف لنص الإعلان الصادر عن الجامعة. وهذا دليل إضافي على أن انتقاء الأبحاث أتى وفق منطق المحسوبيات، لا وفق المعايير الرسمية التي يضعها مكتب التطوير.