2025- 02 - 22   |   بحث في الموقع  
logo بين أحياء وأموات... نتنياهو يعلن استعادة 192 مخطوفًا! logo تكليف وزير العمل بتمثيل رئيس الحكومة في مراسم التشييع غداً logo مطالبات بتدقيق تصاريح "الذمّة الماليّة" لرياض سلامة logo مع اشتداد العاصفة.. طلبٌ عاجل من بلديّة كفردبيان للمواطنين logo مشاورات أمنية تؤجّل عمليّة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين logo نصائح لأهالي الضنية لِتجنب تجمّد المياه في المنازل logo غليان سني بسبب صورة مسيئة لـ "عمر بن الخطاب" وغضب يهز طرابلس.. تحذير من حرب طاحنة: تحركوا فوراً! logo الثلوج تغطي بعلبك... وموكب "التشييع" يستعد رغم العاصفة! (فيديو)
المعتقلون السّوريّون برومية يضربون عن الطعام: لبنان يماطل بترحيلهم
2025-02-20 15:25:49


في مثلِ هذا اليوم، في 20 شباط من كلّ عام، يحتفل العالم باليومِ العالميّ للعدالةِ الاجتماعيّة، تكريمًا للجهود المبذولة في سبيل تحرير الإنسان من الخوف والحاجة والظلم، وصولًا إلى إرساءِ مبادئ العدالة. ولمّا كانت مقارنة الجهود الإنسانيّة الدوليّة في هذا المضمار بالتعسُّف والإهمال الموصوفَين لدى السّلطات اللّبنانيّة، في كلّ مناسبةٍ حقوقيّةٍ، أمرًا مبتذلًا حدّ السخريّة، فإنّه في الوقت نفسه دليلٌ قاطعٌ على إمعان لبنان الرسميّ، في مراكمة النّقاط السّوداء على سجلِّه الحقوقيّ، علانيةً ومن دون أيّ اعتذارٍ أو تصويب.
وقد انسحبت هذه الانتهاكات على ملفِّ اللاجئينَ السّوريّين في لبنان، ولا سيّما الموقوفين منهم في السّجون اللّبنانيّة، الذي اتخذ بُعدًا سياسيًّا بامتياز. وكان هذا الملف قد طُرح مجدّدًا بعدما طالبَ هؤلاء بترحيلهم إلى سوريا، بالتزامن مع سقوط نظام الأسد والاتّفاق الذي جرى فعلًا بين لبنان وسوريا عند زيارة رئيس الحكومة اللبنانيّة السّابق نجيب ميقاتي دمشق مطلع العام الجاري، حيث التقى حينها بالرئيس أحمد الشرع. في ذلك الحين، أعلنت وزارة الخارجيّة السّوريّة الشروع في إجراءات استعادة المعتقلين السّوريّين من لبنان. وبانتظار تنفيذ هذا الاتّفاق، يبلغ عدد الموقوفينَ السّوريّين في السّجون اللّبنانيّة نحو 2351 شخصًا (وفق تقاريرٍ حقوقيّة)، أي ما يعادلُ قرابةَ 35% من إجماليّ السّجناء (راجع "المدن").ورغم مرور أكثر من شهرٍ على الاتّفاق، فإنّه لم يُنفّذ حتّى الآن. وفي خطوةٍ احتجاجيّة، لجأ أكثر من مئة موقوفٍ سوريّ في سجن رومية المركزيّ قبل عشرة أيّام إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، رفضًا لتأخير تسليمهم إلى السّلطات السوريّة الجديدة واستكمالِ محاكمتهم في بلدهم.إضرابٌ مفتوحفجر اليوم الخميس وعند السّاعة الثّالثة، علمت "المدن" أنّه تمّ نقل ثلاثة نزَلاء في سجن "رومية" المركزيِّ وتحديدًا المبنى "باء" (المُخصَّص لجرائم الإرهاب) من التابعيّة السّورية إلى مستشفى الحياة، وهم كلٌّ من أحمد طماس وحازم بروك وأحمد الصّبحي، بسبب تردّي وضعهم الصحيّ نتيجةَ الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي جاء كآخرِ وسيلةٍ للضغطِ على السّلطاتِ اللّبنانيّةِ لإيجاد حلٍّ لوضعهم.
ويعدّ المعتقلون السّوريون في سجن رومية – وهو أكبر سجون لبنان – الّذين أوقفوا بسبب مواقفهم المؤيّدة للثّورة السّورية، جزءًا من ملفّ "الموقوفين الإسلاميين" في لبنان. ويضمّ هذا الملفّ مئات المعتقلين من جنسياتٍ مختلفة، لبنانيّة وفلسطينيّة وسوريّة، احتجزوا خلال السّنوات الماضية بتهمٍ متباينة. وفي تطوّرٍ لافت، أعلن معتقلو الرّأي السّوريون في السّجون اللّبنانية، يوم الثلاثاء 11 شباط، دخولهم في إضرابٍ عامّ عن الطعام احتجاجًا على استمرار احتجازهم من دون محاكماتٍ عادلة أو آفاق واضحة لحلّ قضيّتهم. وأفاد عددٌ منهم لـ "المدن" بأنّ الإضراب سيستمر حتّى يتمّ النظر في ملفّاتهم.
"نريد أن نُرحّل إلى سوريا"، بهذه الجملة يختصر أحد الموقوفين مطالب مئات السّوريّين الموقوفين في السّجون والنظارات اللّبنانية، ويضيف الموقوف (لم يتمّ ذكر اسمه لدواعٍ انسانية) بالقول: "نحن، المعتقلون السّوريون في سجن رومية بلبنان، نخوض اليوم العاشر من إضرابنا عن الطعام. ومنذ يومين وحتّى الآن، تمّ نقل سبعة سجناء إلى المستشفى بعد تدهور حالتهم الصحيّة. لقد أصبحنا أشخاصًا منسيين، محرومين من حريتنا، بلا مستقبلٍ واضح، ومن دون أي دعمٍ قانونيّ. نحن لسنا مجرمين؛ فالعديد منّا أُعتقل بتهمٍ ملفّقة أو بذريعة تأييدنا للثورة السّوريّة، من دون أيّ أدلةٍ أو محاكماتٍ عادلة. معظمنا لاجئون فرّوا من الحرب بحثًا عن الأمان وحياةٍ جديدة، لكنّنا اليوم محتجزون خلف القضبان، محرومون من أبسط الحقوق الإنسانيّة، كالرعاية الطبيّة، والتّمثيل القانونيّ، وظروف الاحتجاز الكريمة".
ويُضيف: "وفي ظلّ اليأس من صمت المجتمع الدوليّ وعدم تحرّكه، أعلنّا إضرابًا عن الطعام. نحن نخاطر بحياتنا لأننا فقدنا كلّ شيء آخر. لا نطلب المستحيل، بل نطالب فقط باحترام حقوقنا كبشر. ونطالب السّلطات اللّبنانيّة بتسليمنا فورًا للإدارة السّوريّة الجديدة، واستكمال محاكماتنا (في حال كان ضروريًّا) في سوريا. لم نعد قادرين على الانتظار أكثر؛ فكل دقيقة نقضيها هنا تسلبنا الأمل والصحّة".مُطالبات حقوقيّةودعت الشَّبكة السّوريّة لحقوق الإنسان الحكومتين السّوريّة واللّبنانيّة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء معاناة نحو 2000 معتقل سوري في السّجون اللّبنانيّة، بينهم ما لا يقلّ عن 190 معتقلاً احتُجزوا بسبب مشاركتهم في الثورة السّورية. وأوضح البيان أنَّ المعتقلين السّوريين يعانون من انتهاكاتٍ متواصلة، تشمل الاكتظاظ الشديد، وسوء الرعاية الصحية، وحرمانهم من الاتصال بذويهم، فضلاً عن محاكمات غير عادلة أمام القضاء العسكريّ اللّبنانيّ، حيث تُعتمد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب. كما وثّق البيان حالات تدهور صحيّ حادّ لدى المعتقلين المضربين عن الطعام، وتأكيدات من ذويهم بشأن معاناتهم رغم تلقيهم بعض العلاجات.
وأشار البيان إلى اتفاقية قضائية ثنائية بين لبنان وسوريا (1951) تنظم عمليات تسليم المعتقلين، مبرزًا خروقات لهذه الاتفاقية من قبل السّلطات اللبنانية عبر تسليم معتقلين سابقًا إلى نظام الأسد، ما أدّى إلى اختفائهم قسريًّا أو تعرّضهم لانتهاكاتٍ جسيمة. لكن مع سقوط نظام الأسد في نهاية 2024 وتولي الحكومة الانتقالية السورية السلطة، باتت إعادة المعتقلين مشروطة بضمان محاكمات عادلة واحترام حقوق الإنسان. وتضمن البيان توصيات لكل من الحكومتين السورية واللبنانية، والأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية، ووسائل الإعلام، تدعو إلى التنسيق لوضع آلية قانونية تضمن محاكمات عادلة وتحترم حقوق المعتقلين، وتحسين ظروفهم في السجون اللبنانية، إضافة إلى توفير برامج دعم نفسي واقتصادي للعائدين إلى سوريا، ومراقبة أوضاعهم لضمان عدم تعرّضهم لانتهاكات جديدة. (نصّ البيان)أبعاد قضيّة المعتقلين السّورييناليوم، وأكثر من أي وقتٍ مضى، بات ملفّ تسليم المعتقلين السّوريين في السّجون اللّبنانية، ولاسيّما أولئك الذين أوقفوا بذريعة مناصرة الثّورة السّورية أو على خلفية تهم مرتبطة بالإرهاب، قضيّة ملحّة. وتأتي هذه الأهمية في ضوء شروع السّلطات السّورية في إعداد قوائم بأسماء الموقوفين، وإرسال طلباتٍ رسميّة إلى الحكومة اللّبنانية لتسليمهم، ما جعل الموضوع حاضرًا بقوّة في النقاشات بين الجانبين اللّبنانيّ والسّوريّ، وأصبح عاملًا حاسمًا في مسار العلاقات الدّبلوماسيّة بين البلدين. وفي هذا السّياق، تُشير مصادر سوريّة مُطلعة لكون "الرئيس السّوريّ أحمد الشرع، يُتابع هذا الملف وعن كثب، وتحديدًا بعد لقائه برئيس الحكومة السّابق نجيب ميقاتي، وقد طلب من الهيئات المعنيّة، إجراء إحصاءاتٍ بأعداد السّوريّين المُحتجزين، وإرسالها فورًا للسّلطات اللّبنانيّة وفق ما تقتضيه الاتفاقيات المُبرمة بين لبنان وسوريا"، وأكدّت المصادر لكون "الملف وصل إلى نقطةٍ متقدّمة، والسّلطات السّوريّة قد باشرت العمل عليه عبر القنوّات الدبلوماسيّة".
والحال، أن قضيّة المعتقلين، تعود جذورها إلى السّنوات الأولى من الحرب السّوريّة، إذ وجد العديد من السّوريين أنفسهم في لبنان، إمّا كلاجئين أو كمعتقلين لأسبابٍ شتّى، منها المشاركة في الاحتجاجات ضدّ النّظام السّوري، أو الإنخراط في أنشطةٍ معارضة، بما فيها تشكيل عصاباتٍ مسلّحة أو المشاركة في القتال الدّاخليّ السّوريّ.
ويواجه هذا الملفّ تعقيداتٍ قانونيّة وسياسيّة بالغة، إذ أنّ السّلطات اللّبنانية تواصل اعتقال العديد من هؤلاء بتهم تتعلّق بالإرهاب، فيما تبدي في الوقت نفسه استعدادًا للتعاون مع السّلطات السّورية الجديدة. ويثير هذا الموقف تساؤلاتٍ حول ازدواجية المعايير، حيث توجّه تهم بالانتماء إلى جماعاتٍ إرهابية لمجرّد دعمها للثّورة السّورية، بينما شخصيات هذه الثورة هي في سدّة الحكم حاليًّا. ومن ناحيةٍ أخرى، تتجلّى مشكلة التناقض في التعامل مع السّجناء في احتساب بعض الميليشيات اللّبنانيّة الّتي قاتلت إلى جانب النّظام السّوريّ على أنّ قتلاها "شهداء" في لبنان، بينما بيّنت تقارير حقوقيّة تورط هذه الميليشيات بجرائم حربٍ يُمكن للدولة اللّبنانيّة محاكمتهم بموجبها، لكنّها حتّى اللحظة لم تبدِ أي استعدادٍ لذلك. ويضع هذا الواقع لبنان أمام إشكاليةٍ قانونيّة ودبلوماسيّة تتطلّب حلولًا متوازنة تراعي حقوق المعتقلين، وفي الوقت نفسه تأخذ بعين الاعتبار مقتضيات التعاون الأمنيّ بين البلدين. كما وقد تخضع الاتفاقيات القضائيّة بين البلدين للتعديل لتوائم المستجدّات السّياسيّة في سوريا. وفي ظل التحرّكات الدبلوماسيّة المتواصلة، يبقى هذا الملف رهينةً للتفاهمات السّياسيّة الّتي قد تفضي إلى حلولٍ وسطيّةٍ تحافظ على حقوق المعتقلين، وتراعي في الوقت ذاته المصالح المشتركة وتصون حقوق الإنسان في المنطقة.
ويرى مراقبون أنّ رفض التعاون من قبل الحكومة اللّبنانيّة قد يؤثّر سلبًا على علاقاتها مع سوريا، ولا سيّما أنّ لبنان يعتمد على المعابر البريّة السّورية في التجارة والتواصل الإقليميّ. وفي حال عدم التوصّل إلى تسوية، قد تلجأ سوريا إلى استخدام هذا الملف للضغط على السّلطات اللّبنانيّة، من خلال إغلاق الحدود أو فرض قيود على الحركة التجاريّة، وغيرها من الإجراءات.بين العودة الطوعيّة والقسريّةللمفارقة، كانت "المدن" قد نشرت، قبل عامٍ كامل، تقريرًا بعنوان: "الأمن العام يرفض بلا مسوّغ قانونيّ إطلاق معارض سوريّ"، حيث عرضت فيه قضيّةَ موقوفٍ سوريّ لدى الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة بتهمة "الإرهاب"، لمجرّد مشاركته في الثورة السّوريّة. آنذاك، قرّرت الدولة اللبنانيّة ترحيلَه انسجامًا مع خطّتها الحكوميّة حينها، والرامية إلى تأمين "عودة" غير طوعيّةٍ للاجئين السّوريّين إلى بلادهم. بيد أنّ الواقع اليوم قد تبدّل؛ فبينما كانت السّلطات تُرحِّل من تشاء بلا حسيبٍ أو رقيب، غير آبهةٍ بقانونٍ أو وازعٍ إنسانيّ أو حتى اعتبارٍ سياسيّ (رغم خلافِها العميق مع نظام الأسد)، صار التّرحيل اليوم مطلبًا مُلحًّا للآلاف من المحتجزينَ قسرًا في الزنازين من دون محاكمات؛ إمّا بذريعة الانتماءِ إلى عصاباتٍ مسلّحة، أو المشاركة في الاقتتال الداخليّ السوريّ، أو فقط لدعمِهم الثورة. وهكذا، حين بات الترحيلُ الخيارَ الوحيدَ الذي يطالبون به للخلاصِ من معاناتهم، تُصِرّ السّلطةُ اللّبنانيّة على التراجع، ليبقى هؤلاءِ عالقين في دوّامةِ الاحتجاز والانتظار.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top