بدأت ملامح الخطة المصرية حول قطاع غزة بالتبلور، فيما يجتمع عدد من القادة العرب في السعودية، غداً الجمعة، في قمة عربية مصغرة، لبحث خطة مضادة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، القاضية بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن.
وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية في واشنطن، وأخرى عربية بالجامعة العربية في القاهرة، لـ "العربي الجديد"، عن ملامح الخطة المصرية لغزة لتقديمها إلى ترامب، بعد اعتمادها عربياً خلال قمتي الرياض والقاهرة المرتقبتين، في وقت أشارت فيه 4 مصادر، إلى تباين بين القوى العربية الفاعلة في المشهد الإقليمي بشأن مبادئ عامة تحكم تفاصيل التصور المطروح.
إعادة توزيع السكّان
وأفادت "العربي الجديد"، نقلاً عن دبلوماسي مصري في واشنطن، قوله إن الخطة المصرية لغزة تتكوّن من مرحلتين، أولاهما تستغرق 10 سنوات، وهي غير قاصرة على عمليات إعادة الإعمار والإنشاءات السكنية والبنى التحتية، لافتاً إلى أن تلك المرحلة ستتضمن تنفيذ أعمال تهيئة للمرحلة الثانية من التصور الشامل لحل القضية برمتها. وكشف أن التصور المقترح يتضمن إعادة توزيع الكتل السكنية في القطاع، بحيث يجري تخفيف أعداد سكان شمال غزة وتوفير مساحات آمنة غير كثيفة السكان في المناطق المتاخمة لمستوطنات الغلاف.
ومن بين ما يُصنف ضمن أعمال التهيئة في المرحلة الأولى، أوضح الدبلوماسي المصري أن هناك ما يخص التعامل مع سلاح المقاومة وفق تصور يراعي مخاوف المانحين والممولين لعمليات إعادة الإعمار، وكذلك يحافظ على محاذير المقاومة بشأن تمسّكها بسلاحها إلى حين إقامة الدولة الفلسطينية. وأشار إلى أن التصور يتضمن وضع قيود ورقابة على سلاح المقاومة واستخدامه بدون نزعه، إذ يطرح تحديد أماكن محددة لمستودعات الأسلحة بحيث تخضع تلك المستودعات لرقابة أوروبية ومصرية.
كما تتضمن تلك المرحلة، قيام لجنة عربية بقيادة مصرية بالفصل في أي منازعات أو خروقات من جانب أجهزة الأمن المحلية، أو من جانب الفصائل المسلحة، وأن تلك اللجنة ستكون امتداداً للجنة المصرية القطرية التي تراقب عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الساري في الوقت الحالي.
إقامة الدولة
وأوضح المصدر، أنه وفقاً للتصور المطروح يستمر عمل شركة الأمن الأميركية، ويقتصر دورها على التواجد في ثلاثة مواقع في نقاط تماس بين القطاع وثلاث مستوطنات، وسيكون ضمن الأعمال الخاضعة للرقابة الدولية التأكد من خلو المواقع التي سيتم إعادة إعمارها من أنفاق المقاومة أو أي بنية عسكرية. وكشف الدبلوماسي المصري أن المرحلة الثانية من التصور المطروح للتعديل والتنقيح عربياً، تتضمّن الشروع في مسار إقامة دولة فلسطينية وتحديد نقاط التواصل المكاني وترابط الأراضي بين أجزاء تلك الدولة في كل من غزة والضفة والقدس.
في المقابل، كشف دبلوماسي عربي أن إحدى الدول الخليجية أجرت مشاورات مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أخيراً، جرى خلالها توجيه انتقادات للخطة المطروحة من جانب مصر، فيما يتعلق بالبنود الرافضة لهجرة سكان القطاع، مشيراً إلى أن بعض أطراف الاجتماع الذي جرى في واشنطن أخيراً ذكرت أن مصر تتعامل بمعايير مزدوجة مع حركة حماس، بالشكل الذي يضمن دور المقاومة المسلحة في غزة بما يخدم المصالح المصرية، بحيث تظل تلك الفصائل شوكة في خاصرة إسرائيل، وهو ما يهدد أي مخططات لاستثمارات في محيط تلك المنطقة.
إسرائيل هي العائق
وكشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن الخطة المصرية الخاصة بإعادة إعمار قطاع غزة، والمزمع مناقشتها مع الأطراف الدولية ذات الصلة، أصبحت شبه جاهزة، غير أن العائق الرئيسي أمام تنفيذها هو "التعنّت الإسرائيلي" وإصرار تل أبيب على أن تشرف على إعادة الإعمار بشكل تام، خوفاً من تنامي قوة "حماس" مرة أخرى في ظل العملية، حتى لو لم يكن للحركة دور مباشر فيها.
وأشارت المصادر إلى أن الخطة المصرية تقوم على أساس عدة ملامح رئيسية، أولها إعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع غزة، وبناء وحدات سكنية جديدة للسكان المشردين بسبب الحرب، وتحسين المرافق العامة التي تقدم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. كما تشمل إدخال مواد البناء عبر معبر رفح البري وليس معبر كرم أبو سالم، وضمان تأمين عمل الشركات المصرية في القطاع، عبر إيجاد صيغة أمنية يكون للسلطة الفلسطينية دور فيها، إلى جانب رقابة دولية أياً كانت طبيعتها سواء من الاتحاد الأوروبي أو من الدول العربية. وألمحت المصادر إلى أن الإدارة المصرية تراهن على حشد موقف عربي داعم للخطة يستطيع أن يصمد أمام الإدارة الأميركية، ويقنعها بأنه يجب إجبار إسرائيل على قبول الخطة، وهذا ما سوف يتم مناقشته في قمة الرياض المرتقبة، مشيرة إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ناقش الخطة مع مسؤولين عرب وغربيين.
خطة مصر وقمة الرياض
في غضون ذلك، تشهد الرياض غداً الجمعة قمة عربية مصغرة، لبحث القضية الفلسطينية.
وتأكد حتى الآن مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، فيما لم تتأكد مشاركة العاهل الأردني الملك عبدالله الذي خضع الثلاثاء لجراحة في عمان.
وأفاد مصدر مقرب من الحكومة السعودية وكالة "فرانس برس" أن القادة العرب سيناقشون "خطة إعادة إعمار مضادة لخطة ترامب بشأن غزة". وقال إنه ستكون على الطاولة "نسخة من الخطة المصرية".
وأوضح أن "معظم قادة الدول المشاركة سيحضرون القمة، لكن بعضهم سيوفد ممثلين".
وأكد المصدر أن الرياض ترى أن "السلطة الفلسطينية" يجب أنّ تكون الجهة المسؤولة عن القطاع.