بين شروط الدروز وحسابات قسد... عقباتٌ أمام "الجيش السوري الجديد"
2025-02-20 10:25:45
في إطار مساعي تشكيل جيش سوري موحد، تواجه هذه الخطوة العديد من التحديات الكبيرة، وفي مقدمتها مواقف الأطراف الفاعلة، مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والطائفة الدرزية في السويداء. ورغم أن هذه الحوارات تعتبر خطوة إيجابية على طريق الحل السياسي، يظل التساؤل قائمًا حول إمكانية تطبيق هذه المبادرات على أرض الواقع.
عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري جلسة في محافظة السويداء، حيث تمحورت النقاشات حول قضايا عدة، من بينها إعادة هيكلة الجيش السوري، وإمكانية دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن المنظومة الأمنية والعسكرية للدولة. في هذا السياق، صرح الشيخ حكمت الهجري، زعيم طائفة الموحدين الدروز، بأنه "لا يمانع تسليم السلاح والانضمام إلى الجيش السوري الموحد بعد تعافي الدولة"، لكنه شدد على ضرورة تشكيل إدارة مدنية تكنوقراطية لا تحكمها الانتماءات العرقية أو الدينية أو السياسية.
من جانبه، أكد مالك أبو خير، أمين عام حزب اللواء السوري، في حواره لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن "القضية اليوم ليست بالتفاعل فقط، بل بقدرة حكومة دمشق على التطبيق الفعلي"، موضحًا أن "اللغة التي تطرحها السويداء اليوم هي لغة دستورية وقانونية، لكن المخاوف تتعلق بآلية التنفيذ".
في موازاة ذلك، أصدرت قوات سوريا الديمقراطية بيانًا أكدت فيه على "أهمية الحوار القائم مع دمشق، وضرورة إنجاحه عبر دمج قواتها العسكرية والأمنية ضمن الجيش السوري، مع استبعاد المقاتلين الأجانب". كما شددت على "أهمية إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في شمال وشرق سوريا"، وهو ما يشير إلى تعقيدات المفاوضات بين مختلف الأطراف.
إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول مدى إمكانية تنفيذ هذه التفاهمات على أرض الواقع. وفي هذا السياق، أشار مالك أبو خير إلى أن "المخاوف لدى جميع الأطراف لا تزال قائمة بسبب عدم وجود خطوات واضحة حتى الآن"، موضحًا أن "هناك حالة من عدم الثقة، خاصة في ظل عدم تنفيذ الوعود الاقتصادية التي طرحتها الحكومة السورية".
إلى جانب البعد العسكري، تلعب العوامل الاقتصادية دورًا رئيسيًا في تحديد مواقف الأطراف، حيث أكد أبو خير أن "الوضع الاقتصادي في السويداء يعد من أكبر التحديات، إذ لم يتم تطبيق أي حلول عملية حتى الآن، مما يفاقم المخاوف داخل المحافظة". وأضاف: "التحدي الأكبر ليس فقط تسليم السلاح، بل التأكد من أن هذه الخطوة ستتم ضمن مؤسسات الدولة الرسمية، مع ضمانات حقيقية تعيد الثقة بين الأطراف المختلفة".
أما فيما يتعلق بالمطالب السياسية، فقد شدد أبو خير على أن "الحل لا يكمن في منح امتيازات لطرف دون آخر، بل في تحقيق مشاركة حقيقية لجميع السوريين، بما في ذلك الأكراد والدروز، في إدارة الدولة". وأوضح أن "اللامركزية قد تكون الحل الأمثل لضمان تمثيل عادل لجميع المكونات، بعيدًا عن المركزية المطلقة التي أثبتت فشلها في الماضي".
في ظل هذه التحديات، تبقى مسألة تشكيل الجيش السوري الموحد رهينة لإرادة الأطراف المختلفة، ومدى استعدادها لتقديم تنازلات حقيقية. وبينما تسير الحوارات بخطى متسارعة، تبقى العبرة في التنفيذ الفعلي لما يتم الاتفاق عليه.
ويرى أبو خير أن "نجاح هذه المساعي مرهون بقدرة الحكومة السورية على تحقيق خطوات دستورية واضحة، تعزز ثقة الأطراف المختلفة، وتترجم الأقوال إلى أفعال"، مؤكدًا أن "الحل السياسي في سوريا لا يمكن أن ينجح إلا من خلال استيعاب جميع المكونات، وليس عبر فرض رؤية أحادية".
مع استمرار الحوارات، يبقى السؤال الأبرز: هل تكون هذه المفاوضات بداية حقيقية لبناء جيش وطني موحد، أم أن العراقيل السياسية والاقتصادية ستظل تعيق هذا المسار؟
وكالات