2025- 02 - 21   |   بحث في الموقع  
logo الحكواتي السياسي.. بين فن السرد وعجز الفعل.. بقلم: أ.د. وديعة إبراهيم الأميوني logo الإنتخابات البلدية تتأرجح بين ثلاثة إحتمالات!.. عبدالكافي الصمد logo هل يُنتخب البطريرك الـ78 للموارنة قبل حزيران المقبل؟ logo واشنطن علّقت دعم أجهزة الأمن الفلسطيني.. فعلاً؟ logo سوريا: مئات القتلى على مذبح العدالة الانتقالية والفاعل مجهول logo بالفيديو: معبر الواويات خارج الخدمة.. وشظايا صاروخ ألحقت أضرارا بمنازل شمال لبنان logo وفد من الكونغرس في بيروت غداً logo انفجارات تطال 3 حافلات في تل أبيب
مفاوضات الرياض: يالطا ثانية؟
2025-02-19 09:55:48


قبل سنوات قليلة، من كان يتصور أن تندلع حرب طويلة في وسط أوروبا، تحول ملايين الأوروبيين إلى لاجئين في دول الجوار؟ الحرب الأوكرانية الأولى لم تكن سوى اجتياح سريع عبر الحدود تم تثبيت نتائجه بيسر، أما الحرب الثانية فتحولت إلى مواجهة لها أبعاد كوكبية، بين روسيا وحلفائها القلائل من ناحية، والعالم الغربي من ناحية أخرى، بمعنى آخر هي حرب عالمية على بقعة صغيرة. لكن هذا لم يمنع التهديد بضغط الزر النووي أكثر من مرة. وأخيراً يبدو أن البيت الأبيض عازم على وضع نهاية لتلك الحرب والخروج بتسوية مع الروس.في يالطا السوفياتية العام 1945، تقاسم ستالين مع روزفلت وتشرشل أوروبا، عملية إعادة تأسيس القارة التي مزقتها الحرب تمت بصلف امبراطوري، لم تضع في الحسبان لا الشعوب ولا ممثليها الحكوميين. صاغ المنتصرون الكبار معادلة للمحاصصة، سرعان ما أضحت خريطة للحرب الباردة يقسمها الستار الحديدي. اليوم في الرياض، حيث تدور مفاوضات سلام بين الأميركيين والروس بشأن أوكرانيا، من دون توجيه دعوة لا إلى للأوكرانيين ولا أي من الحلفاء الأوروبيين، يبدو وكأننا أمام يالطا ثانية.
بعد أربعة أعوام من مؤتمر يالطا، تأسس حلف شمال الأطلسي. كانت الولايات المتحدة في حاجة لحلفائها الأوروبيين كحائط صد أمام الخطر الأحمر، واحتاج الأوروبيون بالقدر نفسه المظلة الأميركية لحمايتهم من التهديد الذي مثلته الأنظمة الشيوعية في الشطر الآخر من أوروبا. ظلت البنية الأمنية للقارة من دون تغييرات كبرى حتى سقوط جدار برلين وبعدها انهيار الاتحاد السوفياتي في طرفة عين. كانت هذه نهاية مفترضة للتاريخ، بوعد لسلام أبدي في أوروبا. حملت هذا النهاية الإعجازية بذور الاضطراب داخلها، لكن ضباب التفاؤل العارم ولاحقاً تحالفات عقد الحرب على الإرهاب كانت كفيلة بتأجيل الانفجار.مع غياب الخطر السوفياتي، لم يعد التحالف بين ضفتي الأطلسي ضرورة ملحة كما في الماضي. بشكل متأخر، تعلن إدارة ترامب على لسان نائب الرئيس، جيمس فانس، عن أن أوروبا لم تعد أولوية للولايات المتحدة. الحرب الروسية في أوكرانيا، وإن أثارت فزع الحكومات الأوروبية، فهي أثبت للأميركيين الحجم الحقيقي لموسكو، وقدراتها المحدودة على تحقيق انتصار حاسم ضد عدو متوسط القدرات مثل أوكرانيا. سنوات قليلة بقيت أمام الصين لتصبح الاقتصاد الأكبر في العالم، ويذهب البعض إلى أنها أصبحت بالفعل حيث يعتمد الأمر على طريقة الحساب. بالضربة القاضية خسرت الولايات المتحدة حرب التبادل التجاري السلعي أمام الصين، وتتقدم الأخيرة ببطء لكن بثبات شبه حتمي في سباق الخدمات والتقنيات الرقمية. لا يرى ترامب في أوروبا حليفاً مفيداً في الصدام مع بكين، بل ومنذ فترته الرئاسية الأولى يبدي عداءً صريحاً تجاه الاتحاد الأوروبي.كما يظهر، يتلذذ ترامب بإهانة حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، فيما يمد يده بحماسة تجاه الخصوم، بما فيهم الرئيس الكوري الشمالي. سياسة ابتزاز الأصدقاء أصبحت علامة مسجلة لدبلوماسية الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض، والغرض على الأرجح هو الحصول على أكثر المكتسبات الممكنة من الدول الدائرة في الفلك الأميركي. بشكل أساسي يضغط البيت الأبيض على أوروبا لرفع إنفاقها العسكري، لتتولى دول القارة مهمات الدفاع عن أمنها، وتحوّل الولايات المتحدة مواردها من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. ولعل الإدارة الأميركية تهدف أيضاً إلى قلب تأثير العقوبات التي دفعت بوتين أكثر إلى أحضان بكين. في الماضي مدت واشنطن ذراعها نحو الصين الماوية لإبعادها عن الاتحاد السوفياتي، اللعبة التي ثبت فشلها لاحقاً يعيدها ترامب اليوم بشكل معكوس، أي عرض التقارب مع موسكو لتحييدها عن المعركة المصيرية أمام الصين. هكذا تتصور الإدارة الأميركية أنها تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.ثمة عامل أيديولوجي يحرك الإدارة الأميركية. يحتقر ترامب الضعفاء، وفي نظره تبدو أوروبا الليبرالية رخوة أكثر من اللازم. وفي هذا، لا يعدم حلفاء من حكومات وأحزاب اليمين المتطرف داخل القارة نفسها، ومعظمهم متعاطفين مع بوتين. وفي هذا السياق كان لقاء فانس في ميونخ قبل أيام مع زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف. خطوة أثارت موجة من الرعب في العواصم الأوروبية. يخاطر ترامب بلعبة قد تكون مجزية بالفعل، لكن على الوجه الآخر خسارتها قد تعيد أوروبا إلى الذكريات المروعة لما قبل يالطا.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top