"ماضون في التشييع مهما كانت الظروف"، بهذه العبارة اختصر رئيس اللجنة الإعلامية الخاصة بمراسم تشييع السيد حسن نصرالله ناصر أخضر كل الأسئلة التي تُسأل حول مصير التشييع نهار الأحد في 23 شباط، سواء انطلقت من واقع أمني يتسبب به بقاء الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، أو واقع مناخيّ مُفترض أن يكون صعباً بحال صحّت توقعات خبراء الطقس. فالتحضيرات مستمرة والدعوات تُوزّع والتشييع في موعده.
تحذيرات مستجدةتستمر التحضيرات على قدم وساق في المدينة الرياضية ومكان الدفن، والتقدم في هذه التحضيرات يتم توثيقه بشكل يومي من خلال "فيديو" قصير تُعدّه اللجنة المنظمة، تقول مصادر عاملة في هذه اللجنة عبر"المدن"، مشيرة إلى أن العمل يتم على مدار الساعة ومن المتوقع الإنتهاء من التحضيرات قبل نهار السبت المقبل، إلا بحال بقيت بعض التفاصيل البسيطة والصغيرة.وتُشير المصادر إلى أن العمل لا يقتصر على المدينة الرياضية ومكان الدفن بل مسار المشيعين أيضاً، إذ بدأت ورشة نهاية الأسبوع الماضي على طول الطريق الذي سيسلكه المشيّعون، فتم تركيب الصوتيات على طول الخطّ، كما يتم تجهيز المستديرات، ونشر "السواد" وأعلام لبنان وأعلام حزب الله.كذلك فقد استجدت مسألة أخرى بحاجة إلى تحضير، وهي مسألة الطقس، وبحسب عضو اللجنة الإعلامية لتغطية مراسم تشييع السيدين نصرالله وصفي الدين، خضر رسلان، فهذه لن تكون المرة الأولى التي يُقيم فيها حزب الله نشاطاً في الطقس الماطر لذلك فلن يكون عائقاً أمام المشاركة الشعبية، وتم اتّخاذ كل الإجراءات لكي لا يكون الطقس عائقاً أمام "النقل المباشر" والأمور التقنية.وبسبب الطقس المتوقع، تعمد اللجنة المنظّمة إلى توزيع بعض الإرشادات للراغبين بالمشاركة نهار الأحد، ومنها ضرورة التوجه إلى بيروت ومحيطها لقضاء الليلة التي تسبق التشييع لأنه من المتوقع أن يكون نهار الأحد مثلجاً في المناطق التي تعلو 700 متر عن سطح البحر ما قد يُعيق التحرك، إلى جانب ضرورة إحضار بعض الحاجيات الأساسية بحقائب على الظهر تتعلق بالمطر وأيضاً بالوقوف لوقت طويل، والزحمة المتوقعة.
"الدعوات" والرسائل السياسيةوضع حزب الله لائحة بالمدعوين وهم بالآلاف، من شخصيات سياسية وحزبية واقتصادية وأكاديمية وفعاليات، ولكن بحسب مصادر متابعة فإن التركيز كان على الشق السياسي. فقد تقرر داخل الحزب توجيه الدعوات للكلّ القوى السياسية والكتل النيابية، وفي ذلك إشارة انفتاح على الجميع ومدّ اليد للجميع. وبحسب رسلان، فإن السيد نصرالله يشكل رمزاً وطنياً وأممياً وعالمياً، ولطالما كان يُردد بأن ليس لحزب الله أعداء في الداخل بل خصوم، ومن هذا المنطلق كانت الدعوات للجميع لأنه لا مكان للخصومة في حدث وطنيّ كهذا.ويضيف رسلان في حديث لـ"المدن": "وجهنا الدعوات لكل النواب، ولكل شرائح المجتمع اللبناني، ولغالبية دول العالم ما عدا الكيان الإسرائيلي المحتل"، كاشفاً أن اللجنة تلقت إشعارات بالمشاركة من شخصيات من حوالي 100 دولة حول العالم.يعلم الحزب بحسب المصادر العاملة في اللجنة أن كثراً من المدعوّين لن يحضروا التشييع لأسباب سياسية من جهة، والخوف من الأميركيين من جهة أخرى، علماً أن حملات كثيرة تُخاض اليوم في الإعلام وعلى وسائل التواصل لأجل حثّ بعض المدعوين على المقاطعة. وهناك من بات يروّج لما يُسمى "لوائح العار" لنشر أسماء المشاركين بالتشييع من الفريق الذي يُعتبر بمكان ما بعيداً عن المقاومة وخطّها، وهناك حملات عديدة أيضاً تُخاض بوجه القادمين من خارج لبنان لأجل المشاركة، فأزمة الطيران الإيراني والتلميح لأزمة أيضاً مع الطيران العراقي الذي يُتوقع أن يقلّ مئات من العراقيين وربما أكثر، تأتي في هذا السياق، حيث تكشف المصادر أن من يُراقب المسار الأحداث منذ أسبوع حتى اليوم لا يمكن إلا أن يربطها بحدث التشييع.قمنا بالواجب ...لم تمرّ مسألة "الدعوات" لكل السياسيين مرور الكرام عند جمهور الحزب، خصوصاً بعدما انتشر خبر مفاده أن دعوة وُجّهت لرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وأن الأخير رفض المشاركة، ليستعيد جمهور الحزب على وسائل التواصل مقاطع كلامية للسيد نصرالله يتحدث فيها عن الخصومة مع فؤاد السنيورة.
وبحسب رسلان فإن الحزب قام بواجبه الأخلاقي تجاه الجميع، ومن يُريد الإعتذار فهذا حقه، وفي نفس السياق تكشف المصادر أن عدداً من الشخصيات التي تمّت دعوتها اعتذرت عن المشاركة وعبرت أمام الوفد الذي سلّم الدعوات عن قلقها وبنفس الوقت اعتذارها عن المشاركة. وهناك من الرسميين من سيؤكد مشاركته أو يعتذر عنها بحدود يوم الجمعة المقبل، مشيرة إلى أن بعض الأحزاب الصديقة سيكون لها دعوات رسمية لجمهورها من أجل المشاركة بالتشييع، فحركة أمل على سبيل ستكلّف إقليم بيروت في الحركة بالمشاركة رسمياً، وهنا الحديث عن المسؤولين والجمهور أيضاً، بينما رئيس الحركة، رئيس المجلس النيابي نبيه بري فهو بحسب المصادر يرغب بالحضور، لكن المسألة حتى اللحظة متروكة للقيمين على أمنه، مع العلم أن التقديرات تُشير إلى حضوره في المدينة الرياضية.كذلك كان لافتاً زيارة وفد حزب الله إلى الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط وتسليمه دعوة للمشاركة، وبحسب المصادر فإن الحريري لن يُشارك بالتشييع لأنه سيكون قد غادر لبنان قبل الموعد المحدد نهار الأحد.بحسب معلومات "المدن" هناك خشية كبيرة وحقيقية لدى الكثير من السياسيين من أن تكون مشاركتهم في التشييع سبباً لفرض عقوبات أميركية عليهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المغتربين اللبنانيين الذين يزورون لبنان لأجل المشاركة بهذه المناسبة، علماً أن نصائح تُوجّه لهؤلاء بأن لا ينشروا صورهم خلال التشييع لكي لا يتسبب الأمر لهم بمشاكل في البلدان التي يعملون فيها.يسعى حزب الله لأن يكون التشييع مشهداً تاريخياً يعكس صورة تمسك الناس بفكرة المقاومة، وهناك من يسعى بالتأكيد للتشويش على هذه المناسبة.