اتفقت موسكو وواشنطن على تعيين فريق للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا. جاء ذلك، بعد المحادثات التي أجراها وفدا البلدين في العاصمة السعودية الرياض، واستمرت لأربع ساعات، وجمعت مسؤولين من الجانبين، بينهم وزيرا خارجية البلدين الأميركي ماركو روبيو، والروسي سيرغي لافروف، بهدف إصلاح العلاقات المتوترة والتباحث بشأن أوكرانيا، تمهيداً لقمة محتملة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، في السعودية.
وهذا الاجتماع هو الأبرز بين الطرفين منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع عام 2022، وغابت عنه أطراف أساسية معنية بالحرب مثل كييف والاتحاد الأوروبي. ولم تصدر عن المجتمعين أي مؤشرات بشأن قمة مرتقبة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترامب.
خطوة مهمة
ووصفت الخارجية الأميركية اللقاء مع الروس بـ"الخطوة المهمة إلى الأمام"، وثالت المتحدثة باسم الخارجية تامي بروس، إن روبيو ونظيره الروسي، قرّرا بعد اجتماعهما في الرياض الثلاثاء، تعيين فرق للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا. وأضافت أن الوزيرين اتفقا على "تعيين فرق رفيعة المستوى للبدء في العمل على مسار لإنهاء الصراع في أوكرانيا، في أقرب وقت ممكن بطريقة دائمة ومستدامة ومقبولة من جميع الأطراف". كما اتفقا أيضاً على أن اجتماعهما في الرياض يضع "الأساس للتعاون في المستقبل" بين بلديهما، في ظل الخلافات بينهما. وأشارت إلى انهما توافقا ايضاً على "وضع الأساس للتعاون في المستقبل في المسائل ذات الاهتمام الجيوسياسي المشترك والفرص الاقتصادية والاستثمارية التاريخية التي ستظهر من خلال نهاية ناجحة للصراع في أوكرانيا".
لا قوات للأطلسي بأوكرانيا
وبعد المحادثات، قال لافروف إنّ الوفدين الروسي والأميركي، أبديا "اهتماماً كبيراً" برفع "الحواجز" الاقتصادية، خلال محادثاتهما، في إشارة إلى العقوبات الغربية التي تستهدف روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا.
وأضاف في مؤتمر صحافي في العاصمة السعودية، أنه "كان هناك اهتمام كبير بإزالة الحواجز المصطنعة التي تعوق تطوير التعاون الاقتصادي ذي المنفعة المتبادلة" بين البلدين.
وأعلن أن الولايات المتحدة باتت "تفهم بشكل أفضل" موقف موسكو، مضيفاً "أعتقد أن المحادثة كانت مفيدة للغاية. لم نستمع فقط بل أنصتنا لبعضنا بعضاً، ولدي سبب للاعتقاد بأن الجانب الأميركي فهم موقفنا بشكل أفضل".
وأشار الوزير الروسي إلى أنه أبلغ الجانب الأميركي، أن موسكو تعارض إرسال قوات من دول في حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا في إطار وقف إطلاق النار، موضحاً أن "ظهور قوات من القوات المسلحة من دول حلف شمال الأطلسي، ولكن تحت علم أجنبي أو علم الاتحاد الأوروبي أو تحت أعلام وطنية، لا يغير شيئاً في هذا الصدد. هذا أمر غير مقبول بالنسبة إلينا بالطبع".
بدوره، أكد المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف، الذي شارك بالمفاوضات، أن المباحثات بين الجانبين كانت "جدية" لكن "من الصعب القول "إن مواقف الطرفين تقاربت بنتيجتها.
وأكد في تصريحات للتلفزيون الرسمي الروسي، أنه "من الصعب القول إن (مواقف البلدين) تتقارب"، مشيراً الى أن الطرفين أجريا "مباحثة جدية للغاية"، لافتاً في الوقت نفسه، إلى أنه ما زال من المبكر الحديث عن موعد لقمة مرتقبة بين بوتين وترامب. وأضاف أن "موسكو وواشنطن ستبحثان الوضع في أوكرانيا "في الوقت الملائم".
عملية جادة
من جهته، عبّر روبيو عن اقتناعه، بأن روسيا راغبة في الانخراط في "عملية جادة" لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وأكد وزير الخارجية الأميركية، أن العلاقات بين واشنطن وموسكو يمكن أن تزدهر إذا انتهت الحرب في أوكرانيا. وقال للصحافيين إن "هناك فرصاً استثنائية للشراكة" مع روسيا، مضيفاً أن "المفتاح لفتح تلك الفرص هو إنهاء هذا الصراع" في أوكرانيا المستمر منذ شباط/فبراير 2022.
وشدّد روبيو على أن الاتفاق بشأن أوكرانيا يجب أن يكون "مقبولاً" للجميع، مشيراً إلى أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي "الجلوس إلى الطاولة" في المحادثات بشأن أوكرانيا، مؤكداً أن هدف الولايات المتحدة هو حل "عادل ودائم" للحرب في ذلك البلد.
من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، إن المفاوضات بشأن الحرب في أوكرانيا ستركز على "أراضٍ" و"ضمانات أمنية".
وأضاف "يجب أن تكون هذه نهاية دائمة للحرب وليس نهاية موقتة، كما رأينا في الماضي. ستكون هناك بعض المناقشات حول الأراضي وستكون هناك مناقشة حول الضمانات الأمنية".زيلنسكي غاضبفي غضون ذلك، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، عن تأجيل زيارته إلى السعودية التي كانت مقررة غداً الأربعاء، بعدما ندّد بالمحادثات الروسية الأميركية التي جرت في الرياض.وقال زيلينسكي، في مؤتمر صحافي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة إلى أنقرة: "نحن صادقون ومنفتحون، ولا أريد أي مصادفات. ولهذا السبب لن أذهب إلى السعودية". وأضاف أنه اتفق مع السلطات السعودية على تأجيل زيارته إلى "10 آذار/مارس المقبل".واكد أن أي محادثات تهدف إلى إنهاء الحرب، يجب أن تكون "عادلة" وتشمل الدول الأوروبية، بما في ذلك تركيا.وقال: "يجب أن تشارك أوكرانيا وأوروبا بالمعنى الواسع، وهذا يشمل الاتحاد الأوروبي وتركيا وبريطانيا، في المحادثات، وتطوير الضمانات الأمنية اللازمة مع أميركا في ما يتعلق بمصير جزئنا من العالم".