2025- 02 - 20   |   بحث في الموقع  
logo توقيف منفّذ 30 عملية نشل logo "أغنية الغابة" بالعربية...أسحار أوكرانيا وقد مرّت بالجزائر logo "ألترا سوريا": منصة جديدة تكسر اختزال البلاد في العنف logo تقرير "رابطة الصحافيين السوريين" 2024: النظام تصدّر الانتهاكات logo "ترامب الملك"! logo تركيا تعتقل متهماً بـ"الإساءة لأردوغان" في سوريا logo التوتر يتصاعد بين ترامب وزيلينسكي: تهديد جديد لمساعي السلام! logo بالفيديو: "إذا مش عاجبكم هاجروا"... هذا ما حصل في المطار!
أين يقع خير الشرّيْن في لبنان؟
2025-02-18 00:25:47


في لقاء لمركز أبحاث يهتم بشؤون المنطقة والعالم، في إحدى العواصم الأوروبية، تمثّلت إيران بشخص أستاذ محاضر في إحدى جامعتها، وهو يعرف أنّ الحاضرين بأغلبهم الأعم لا يحملون وداً لإيران ولا تقديراً لدورها ولا تأييداً لسياساتها. تمحور اللقاء حول سوريا فإذا به يبدأ مداخلته بالقول: "منذ 2017، تحوّلت سوريا إلى عبء على إيران بل وعلى إيران وحدها". وفي تلك اللحظة، تذكّرتُ ما قاله وزير خارجية تركيا، حاقان فيدان، في منتدى الدوحة قبل يوم واحد من دخول، أحمد الشرع، بصفته قائد هيئة تحرير الشام، إلى دمشق يوم الثامن من كانون الأوّل 2024. وآنذاك، قال فيدان بالحرف وأمام الملأ: "منذ 2017، حاولنا جاهدين نحن وروسيا وإيران في مسار آستانا، أن نوقف حمّام الدم، ونجحنا بعض الشيء، وعملنا على المساهمة في مسار سياسي تصالحي وإصلاحي في سوريا، لكننا فشلنا كلّ تلك السنوات بسبب تعنّت وعدم صدق الرئيس السوري بشار الأسد". وختم فيدان حديثه: "هذه قناعتنا مع أصدقائنا في روسيا وإيران".
من انقسام إيراني داخلي حول سوريا إلى حكم جديد في دمشق
بالعودة إلى المحاضر الإيراني، فقد تحدّث عن تدخّل إيران في سوريا، وكشف أنّ انقساماً قد وقع بين من يريدون ولا يريدون التدخل، موضحاً أنّ هذا الاختلاف لم يكن بين محافظين وإصلاحيين، بل بين فريقيْن من المجموعتيْن. وقد جاءت النتيجة لمصلحة التدخل أمام إصرار قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني آنذاك، قاسم سليماني، الذي كان له مؤيدون في الفريقيْن، ولو أنّ هذا التأييد لم يكن جارفاً. وتابع الأستاذ الإيراني: "تحرّرت ايران بتقديري من المسؤوليات كافة في سوريا، وباتت قادرة على الاعتماد على ذراعها الديبلوماسي فحسب، فهي كانت ترغب بفتح قنوات مع المعارضة لكنّها راعت الأسد. واليوم، ترغب طهران بالتحدّث مع الحكم الجديد وهيئات المعارضة السابقة والجديدة في محاولة لتخفيف عداء أغلب مكوّنات الشعب السوري لها، نتيجة تحالفها ودعمها للأسد". وتابع المحاضر قائلاً: "علينا أن نعترف أنّ إيران قد فقدت التوازن الذي قام خلال أكثر من عقديْن مع إسرائيل على إثر الضرر الكبير لكن غير القاتل الذي لحق بحزب الله وسقوط الأسد والتزام الحشد الشعبي سياسة رئيس الحكومة العراقي المتوازنة والموازنة بين واشنطن وطهران".
يتضح ممّا سبق أنّ إيران تدرك على أيّ أرض تقف اليوم، كما أنّها تدرك أنّ أذرعها كلّها، بعد سنوات من الدعم، قد أصيبت بأعطاب غير قابلة للترميم بسهولة وسرعة. وتعلم طهران اليوم أنّ الإدارة الأميركية الجديدة، بالتعاون والتلاحم والتطابق مع إسرائيل، تريد ممارسة الضغوط القصوى عليها، وصولاً إلى ضربها إذا اقتضى الأمر، أو الاتفاق معها، وهذا ما ظهر جلياً في لقاء وزير الخارجية الأميركي الجديد، ماركو روبيو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم السادس عشر من شباط الجاري. ولأنّ إيران تعرف مصلحتها وتعمل من أجل تحقيقها، ولأنّ العراق استطاع تجاوز المطبّات الكبرى التي كان مقدراً له أن يدخلها، قد يكون من المفيد في لبنان أن نتعلّم دروساً من البلديْن في كيفية إدارة مصالحنا، ومن هنا نبدأ.
لبنان والانهيار الكبير
قبل حرب الإسناد بسنوات خمسة، انهار لبنان اقتصادياً ومصرفياً، ففقد آخر وظيفة له كواحة مصرفية إقليمية تحترم السرية المصرفية في الشرق الأوسط. وفي 27 تشرين الثاني 2024، خسر لبنان حرباً مع إسرائيل، ولن نختلف على تسميتها حرباً أو جولة أو مجابهة، لكن لبنان خسرها، سواء رضي البعض أم لم يرضَ. ومن الواضح والجلي أنّ تل أبيب قد انتقلت من مجابهة أذرع طهران في المنطقة إلى درس استهداف إيران بذاتها، وهي في الوقت عينه تحاول إذلال الإقليم كلّه، من طبّع منه ومن لم يطبّع، وذلك عبر فرض سياسة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن وعبر ترويج نتنياهو باستهزاء مقيت لإقامة دولة فلسطينية في السعودية كردّ على ربط المملكة إقامة علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل إلا بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. في المقابل، تبدو حماس الوحيدة التي توازن صلف إسرائيل اليوم ولو أنّها تواجه على أنقاض غزة وجثث ضحايا العدوان عليها. وهو عدوان لم يكن مبعث استنكار عالمي بل على العكس، كانت أحداث غزة منطلقاً لضرب المؤسسات الدولية من سياسية وقضائية وإنسانية وتمهيداً لتغوّل إسرائيلي لتغيير الشرق الأوسط.
بالعودة إلى واقع لبنان اليوم بعد العدوان الإسرائيلي المتوحش الأخير، فتشير التقديرات إلى أنّ جنوبه مهدّم إلى حد يفوق 90 بالمئة؜ في معظم قرى الحافة الحدودية، وهو يحتاج إلى ورشة إعادة إعمار كبرى وشاملة تصل كلفتها إلى عشرات مليارات الدولارات. وإذا أردنا أن نتحدّث عن واقع لبنان قبل الحرب الأخيرة، فهو يحتاج إلى عملية إعادة تأهيل شاملة للبنى التحتية من أقصى الشمال وصولاً إلى أقصى الجنوب، ناهيك عن أزمة الودائع العالقة في المصارف منذ العام 2019 والتي تقدّر بأكثر من 80 مليار دولار أميركي. ومثلما كان الوضع سائداً قبل الحرب الأخيرة، يربط الغرب المساعدات بتطبيق القرارات الدولية وبإطلاق عملية إصلاح سياسي وإداري وقضائي ومالي. وهذان أمران عسيران اليوم، بل تكاد مسألة إجراء الإصلاحات اللازمة تتخطى الالتزام بالقرارات الدولية صعوبة.
لبنان يحتاج اليوم إلى أمريْن، يتمثّل أوّلهما بالتقاط أنفاسه ومحاولة لملمة جراحه استعداداً للقيام بحملة ديبلوماسية واسعة لضمان انسحاب اسرائيل ووقف اعتداءاتها كافة، وهذا مسار يقتضي وحدة موقف وصلابة. أمّا ثانيهما، فهو استيعاب مشاعر والتعاطف مع من استشهد أبناؤهم وهدمت بيوتهم وأُحرقت أراضيهم.
يأتي الغرب والولايات المتحدة الأميركية ليقولوا إنّهم لن يسمحوا بتقديم المال للإعمار، إلاّ بعد تجريد حزب الله من سلاحه وتطبيق القرار 1559 وتنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية التي تستغرق وقتًا طويلاً. بل يذهب الغرب إلى حد التصريح بعدم السماح بوصول مال إغاثة إيراني ليصبح واقع حال الناس كالمثل الذي يقول:"رغيف لا تقسم، ومقسوم لا تأكل، وكل حتى تشبع". وهنا، يأتي دور الحكم الرشيد الذي عليه أن يفاضل بين الأمور ويعيد ترتيب أولوياته. لبنان اليوم في موقع تفاوضي ضعيف، والضعيف يشد عضضه بأخيه ولا يعمل على زيادة الشرخ الداخلي الذي لا يستفيد منه إلا العدو. أمام هذا الواقع، نستذكر قول الخليفة عمر بن الخطاب: "ليس الفطِنُ من عرفَ الخير من الشرَّ، وإنما الفَطِنُ من عرف خير الشرّيْن!".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top