2025- 02 - 23   |   بحث في الموقع  
logo ألمانيا: المحافظون يفوزون بالانتخابات التشريعية.. اليمين المتطرف يتقدم logo عائلة نصرالله تشارك في تشييعه.. تعرفوا إليها logo حقيقة خبر وفاة البابا فرنسيس! logo حزب العدالة والتنمية يعزز ثقته بأردوغان! logo البعريني: للوقوف يدا واحدة في مواجهة الاخطار logo موعد مباراة ليفربول القادمة بعد الفوز على مانشستر سيتي logo لِجمع وجهات النظر... موعد انطلاق مؤتمر "الحوار الوطني السوري" logo السيد: لم أرَ تشييعاً ولا وداعاً!
من غزة إلى إسطنبول..كيف نفهم تصريحات أحمد داوود أوغلو؟
2025-02-17 13:55:51

على حين غرّة ودون تمهيد مسبق، أطلق زعيم حزب المستقبل أحمد داوود أوغلو تصريحات لافتة وحتى صادمة، اقترح فيها إجراء استفتاء لتحويل قطاع غزة إلى إقليم حكم ذاتي تابع لتركيا إلى حين إقامة الدولة الفلسطينية وعودة القطاع للانضمام إليها. لا يمكن فهم هذه التصريحات الدعائية الساذجة وحتى الانتهازية فقط في ضوء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد غزة وأهلها، وإنما بمجريات السياسة التركية والنظام الديمقراطي الذي تسعى فيه أحزاب المعارضة وبكل السبل، لإحراج وإضعاف وإسقاط الحزب الحاكم والوصول للسلطة، وهو هدف محمود بالطبع، على عكس النقاش المنفصم الدائر في بعض البلاد العربية حول فكرة وهدف الوصول إلى السلطة بطرق وأساليب سلمية وديمقراطية، طبعاً مع امتلاك برامج محددة وراسخة لتقديم خدمة للناس أفضل من تلك التي تقدمها الحكومات الحالية.
إذن طالب وزير الخارجية، رئيس الوزراء السابق والمعارض حالياً، زعيم حزب المستقبل أحمد داوود أوغلو، بإجراء استفتاء لأهل غزة من أجل الانضمام إلى تركيا كإقليم حكم ذاتي، وذلك إلى حين تأسيس دولة فلسطينية ومن ثم عودة غزة للانضمام إليها.ركوب الترندداوود أوغلو المثقف والسياسي العادي المفتقد للكاريزما والذي لم ينجح في التحليق بحزبه – المستقبل - بعد انشقاقه، وللدقة إبعاده عن حزب العدالة والتنمية الحاكم. لم ينتبه ولم يفكر جيداً في مغزى ودلالة اقتراحه، ولربما سعى لركوب الترند وتسجيل موقف دعائي أو التزلف للرأي العام التركي وتقديم نفسه كمن يسعى إلى إنقاذ غزة من الواقع المأساوي وحرب الإبادة الذي فرضتها عليها إسرائيل مع سيطرتها الكاملة عليها وحصارها التام برّاً وجوّاً وبحراً وتحويلها عملياً إلى مكان غير قابل للعيش.فلسطينياً؛ وببساطة يعني تصريح داوود أوغلو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وفلسطين وبشكل عام، وعملياً، ابتعاد احتمال إقامة دولة فلسطينية مستقلة مع خلق واقع جديد إثر الارتباط بتركيا، ما يعني إراحة أو تحرير إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال من مسؤولياتها القانونية تجاه غزة وأهلها بما في ذلك مسؤوليتها عن الإبادة الجماعية وتدميرها بشكل تام تقريباً.فلسطينيا أيضاً، لا يقتصر اقتراح داوود أوغلو على ابتعاد وحتى تلاشي احتمال إقامة دولة فلسطينية مع تحرر إسرائيل وحلفائها وحتى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من عبء غزة، وإنما يتعدى ذلك إلى احتمال طرح طلبات مماثلة تجاه الضفة الغربية مع تنامي وتصاعد محاولات الضمّ الإسرائيلية، وبقاء أقل من نصفها كمنطقة حكم ذاتي لكن بعلاقة وارتباط ما مع الأردن كرئة ومتنفس على العالم الخارجي، ما يعني من جهة أخرى تصفية القضية الفلسطينية وإزاحتها عن جدول الأعمال الإقليمي والدولي بظل الوقائع المستجدة بغزة وتداعياتها الضفاوية حسب السيرورة التي سيخلقها اقتراح داوود أوغلو في حالة تطبيقه.خدمة لترامبفلسطينياً أيضاً؛ يقدم الاقتراح خدمة لخطة دونالد ترامب التهجيرية لأهل غزة، بمعنى ما ولو بالبعد السياسي – مع الحب لتركيا طبعاً وتمنى أفضل العلاقات معها ضمن مشهد عربي مماثل بظل المصالح المشتركة التاريخية الواسعة والراسخة – واعتبارها، أي غزة، كعبء وكرة حديد ملتهبة أو حبة بطاطا ساخنة وإلقاء تبعتها بعيداً عن إسرائيل وأميركا ضمن عدم تحمل المسؤولية الأخلاقية القانونية والسياسية عن جريمة الإبادة بحقها. ومن ناحية سياسية أخرى، تسهيل تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، وهو ما يمثل أحد أهداف خطة ترامب من دفع العرب إلى تحمل المسؤولية أمنياً واقتصادياً وحتى سياسياً عن غزة، دون أفق سياسي يخلق مساراً جاداً لا رجعة عنه نحو الدولة الفلسطينية، وبالتالي تكريس بل تأبيد الانقسام مع الضفة الغربية وإطلاق أيادي إسرائيل وأميركا فيها. وببساطة يصب اقتراح أوغلو الساذج والسطحي بالتأكيد في هذا الاتجاه.المزيد من الأعباءعلى أهمية ما سبق كله، يعني اقتراح داوود أوغلو بالضرورة إلقاء تبعة التعافي وعملية إعادة إعمار غزة المدمرة - كومة أنقاض وركام - المقدرة بعشرات مليارات الدولارات، على تركيا. وعلى الأغلب لن يساهم أحد بالعملية إذا ما تحولت إلى إقليم حكم ذاتي تابع لها، ما يلقي مزيد من الأعباء على البلاد ويفاقم أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.أما عربياً فيمثل الاقتراح تعدي على مسؤولية الدول العربية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية بصفتها عربية بامتياز، علماً أنها، أي غزة، كانت مرتبطة ذاتياً تقريباً بمصر ولعقدين ما بين النكبتين الأولى في أيار/مايو 1948 والثانية في حزيران/يونيو 1967.هذا فلسطينياً وعربياُ. أما تركياً، فيبدو الاقتراح غير مدروس جيداً ودعائياً بامتياز أراد به أوغلو التزلّف للرأي العام ورفع شعبية وتعويم حزبه الغارق حسب استطلاعات الرأي بالمعنى الدقيق للكلمة.إحراج أردوغانإضافة لذلك ثمة هدف مركزي آخر يتمثل بإحراج الرئيس رجب طيب أردوغان، واتهامه بعدم القيام بما يتوجب عليه تجاه القضية الفلسطينية التي يرتبط بها الشعب التركي تاريخياً وعاطفياً، والتقصير بمساعدة الشعب الأحبّ إلى قلبه حتى قبل حقبة تركيا الجديدة التي انطلقت منذ ربع قرن تقريباً مع وصول حزب العدالة للسلطة.علماً أن آخر رئيس وزراء في حقبة تركيا القديمة بولنت أجاويد كان داعماً للقضية وصديقاً للشهيد ياسر عرفات أبو عمار، وكان وصف أفعال وممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني أثناء الانتفاضة الثانية-2000- بالإبادة الجماعية.إذن يسعى داوود أوغلو لتوريط الرئيس أروغان وخلق أجواء عدم ثقة وسوء فهم مع الدول العربية، يرتد سلباً على العلاقات معها خاصة في الشق الاقتصادي الاستثماري، ما ينعكس كذلك على شعبيته وجماهيريته بالشارع التركي وزيادة الأوضاع الداخلية سوءاً وبالتالي تقوية المطالب بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، تعتقد المعارضة أنها قادرة على الفوز بها إذا ما أجريت بفترة قريبة وقبل إنجاز الخطة الاقتصادية الموضوعة من قبل الرئيس وفريقه، والتي يفترض إنجازها بعد عامين أي 2027.ومن هنا نلمس محاولة لإحراج الرئيس أردوغان والنيل من الإنجازات الاستراتيجية لسياساته الخارجية في سوريا تحديداً والإيحاء أنها ليست أهم من فلسطين، وهو ما كان قد ذهب إليه صراحة أوزال أزغور زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة الذي وصل إلى حد اتهام الرئيس أردوغان بالتخلي والتضحية بغزة مقابل الإقرار الأميركي والدولي بالحضور التركي في سوريا الجديدة، وهو أمر غير صحيح. كون تركيا حاضرة فعلاً ومستعدة للقيام بواجباتها بالتنسيق والتفاهم التام مع الشركاء العرب المركزيين في غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام .أخيراً، وجد الاقتراح البائس والمنفصل عن الواقع ما يستحقه من ردود غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما عبر اللامبالاة وعدم الاكتراث من بعض أنصار وداعمي القضية الفلسطينية. وبالعموم يمكن تقييمه بدقة عبر وضعه في سياق العبارة الشهيرة والذائعة: "عندما يعمل المثقف بالسياسة يعاني غربة ما حيث يتعاطى معه المثقفون كسياسي والسياسيون كمثقف".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top