2025- 02 - 24   |   بحث في الموقع  
logo في رؤية أحمد داود أوغلو لسوريا الجديدة logo مؤتمر الحوار الوطني السوري: اعتذارات عن المشاركة.. ومطالبات بتأجيله logo لماذا لست مدعواً/ة إلى المؤتمر؟ logo أُنظروا إلى زيلنسكي... إنّه يحترق!! logo تشييع نصرالله ونكبة الشيعة: نهاية مرحلة وبداية مجهول logo احتفالية "صيدنايا" تثير الإنقسام: طمس للجرائم أم خطوة للعدالة؟ logo المرتضى: اليوم كان موعد الزمان مع وداع ⁧‫السيّد‬⁩ logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأحد
الشرع يرفع علم التحرير أمام مدرسة حافظ الأسد
2025-02-16 16:25:57


أنا طفلة من إحدى القرى الفقيرة في ساحل سوريا، حيث الجبال الشاهقة تحتضن بيوتاً بسيطة وأناساً بسطاء بكرمهم وأصالتهم. لم أعرف حتى سن السادسة سوى رائحة خبز التنور، وجمع البلوط، وقطف نبتة "الزوفا"، فيما كانت الجبال تمتد أمامي كعالم لا حدود له.في ذلك العام، ركبت البوسطة الوحيدة في قريتنا لأول مرة، متجهة إلى مدينة اللاذقية. كانت دهشتي لا توصف أمام الكتل الإسمنتية الشاهقة، والسيارات المتدفقة، وذلك البناء الجميل الذي جذب نظري. التفتُ إلى عمي، الذي كان آنذاك شيوعياً، فسألته عن المبنى، فقال لي: "هذه مدرسة جول جمال، تقع في حي الشيخ ضاهر، عند أشهر ساحات المدينة. سُمِّيت تكريماً للبطل جول جمال، الذي استشهد في مصر خلال العدوان الثلاثي، وهو من الطائفة المسيحية الأرثوذكسية. كما أنها كانت مدرسة الرئيس حافظ الأسد" وخصصت قاعة منها لكتبه وقتها .. كما توسط تمثال ضخم له الساحة حطم يوم التحرير.أقف اليوم أمام شاشة التلفاز، أراقب زيارة رئيس سوريا الحالي، أحمد الشرع، إلى المدينة التي لطالما كانت نموذجاً للتنوع الاجتماعي، حيث يرفع علم التحرير أمام مدرسة جول جمال، في مشهد يختزل رمزية سياسية عميقة.هذا الموقع ليس عابراً في المشهد السوري؛ فهذه المدرسة التي تحمل اسم البطل جول جمال تحوّلت خلال سنوات الحرب إلى ثكنة عسكرية، وشهدت تواجداً إيرانياً، مما جعلها إحدى النقاط الرمزية للصراع. واليوم، تأتي هذه الخطوة في محاولة لإيصال رسالة واضحة لمكونات المجتمع السوري:أولاً، أن هذه المدرسة، بتاريخها الوطني الموثّق، تعود إلى دورها المدني، في إشارة إلى نهاية حقبة عسكرية في هذا الموقع.ثانياً، أن الحديث عن سيناريو التقسيم لم يعد مطروحاً، خاصة مع تركيز الشرع في معظم لقاءاته على وحدة سوريا، وهو خطاب يتكرر في هذه المرحلة الحرجة من إعادة رسم المشهد السياسي في البلاد.رفع العلم هنا ليس مجرد بروتوكول رسمي لانه لم يفعله في زيارته لمدينتي إدلب وحلب ، بل تأكيداً على أن عهداً جديداً قد بدأ، يحمل معه رسائل واضحة إلى الداخل والخارج على حد سواء.. وتطمين للناس وضمانة وجود الدولة في هذه المدينة مع تزايد حالات الثأر والانتقام في المكان.استقبال حافلوسط جمهرة كبيرة من المواطنين، حظي الرئيس أحمد الشرع باستقبال حافل خلال زيارته إلى اللاذقية، حيث ترجل من سيارته، وصافح الحشود، قبل أن يغادر المدينة التي ترزح تحت وطأة أزمات متفاقمة.ورغم المشهد الاحتفالي، إلا أن اللاذقية اليوم تعاني من تصاعد غير مسبوق في معدلات الخطف، والسرقة، والاعتداءات، إضافة إلى تفشي القلق والجوع والفقر، وهي أزمات تفاقمت بعد قرار الحكومة الحالية بإيقاف رواتب أسر الشهداء، علماً أن ساحل اللاذقية يكاد لا يخلو من العشرات منهم في كل قرية.إلى جانب ذلك، لا يزال ملف العسكريين الذين سلموا أنفسهم في إطار التسويات يثير الجدل، حيث ظل العديد منهم قيد الاحتجاز، قبل أن يتم الإفراج عنهم على دفعات.زيارة الرئيس تزامنت أيضاً مع وقفة احتجاجية أمام مديرية المرافئ في اللاذقية، نفذها عدد من العمال احتجاجاً على فصلهم من وظائفهم، ما يعكس حجم الاحتقان الشعبي في المدينة من جهة، وحرية التعبير التي لم نعتد عليها من جهة أخرى.أي فقرٍ أحمق هذا الذي يُلاحق قرى اللاذقية، المدينة التي اعتاد سكانها على تلقي مساعدات أسبوعية من أفراد العائلة الحاكمة، قبل أن يتم نهب قصورهم المترامية الأطراف مقابل بيوت معدمة الفقر بعد رحيلهم في حين سعت أسماء الأسد، عبر جمعيات معينة، إلى امتلاك مساحات واسعة من الأراضي هناك والتي تعد مصدر الرزق الوحيد لأهالي تلك المناطق وسط خوفهم من رفض البيع، وتكهنات حول الأهداف الحقيقية وراء ذلك.في المقابل، لا يزال الخوف والقلق يخيّمان على المشهد، رغم التطمينات الرسمية التي تصف تزايد الجرائم والانتهاكات بأنها "حالات فردية". لكن تصاعدها دفع الأهالي إلى تشكيل مجلس يضم عدداً من المشايخ لمحاولة ضبط الوضع وحماية أنفسهم.وما بين التهليل والترقب، عاشت المدينة اضطراباً كبيراً عقب انتشار شائعة عن عودة ماهر الأسد قبل أيام، سرعان ما تلاشت، تاركة خلفها شائعات أكبر عن احتمالية عودة أعتقد اليوم أنها قد تلاشت تماماً مع هذه الزيارة.الخوف لا يتوقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى دموع تُذرف بصمت، كما تفعل معلمتي في المدرسة ذات الغرفة الواحدة التي كانت تتناوب عليها الصفوف، وهي تترقب عودة ابنها العسكري الذي سلّم سلاحه منذ أشهر، لكنه لا يزال قابعاً في انتظار المجهول.
فهل تحمل زيارة الرئيس أحمد الشرع اليوم بارقة أمل؟


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top