فيما تخوض الحكومة غداً مسارها الأول نحو إقرار البيان الوزراي، والتوجه يوم الخميس المقبل، على أبعد تصور، إلى المجلس النيابي الذي سيصوت على ثقة حكومة الرئيس نواف سلام، يمر البلاد في أدق مراحله الحساسة، بعدما حركّت أزمة الطائرة الإيرانية الشارع، والتخوف من أن يُشعل فتيلها، في أي وقت، إلى ما لا يُحمد عقباه.
وإستباقاً للكلمة المقررة مساء اليوم للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وجّه حزب الله رسائله إلى الحكومة والجيش اللبناني داعياً إلى إجراء تحقيق بما حصل بالامس من إعتداء على المحتجين كما وصفه.بيان الحزبالحزب اعتبر أنّ "اعتصام الأمس كان تحركاً سلمياً وتعبيراً حضاريًا عن موقف شعبي رافض للخضوع غير المبرر للإملاءات الخارجية"، إلاّ أنّ "المعتصمين فوجئوا بإقدام بعض عناصر الجيش اللبناني على إطلاق القنابل المسيلة للدموع باتجاههم، في تصرّف مُستهجن يُشكّل اعتداءً غير مُبرّر على مواطنين سلميين. وهو محاولة مشبوهة لزج الجيش في مواجهة مع أهله وشعبه". وأكد الحزب أنه "من موقع الحرص ندعو قيادة الجيش إلى فتح تحقيق عاجل عن هذا الاعتداء المدان واتخاذ الإجراءات المناسبة حفاظًا على دور المؤسسة العسكرية في حماية الاستقرار والسلم الأهلي". كما دعا حزب الله الحكومة اللبنانية إلى "تحمل مسؤولياتها كاملة في حماية المعتصمين السلميين وحقهم في التعبير عن مواقفهم ومطالبهم، ويطالبها بالتراجع عن قرارها بمنع الطائرات الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت واتخاذ إجراءات جدية لمنع العدو الإسرائيلي من فرض إملاءاته والتعدي على السيادة الوطنية".
ودان الحزب الحادثة "التي تعرضت لها قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) أول من أمس في محيط مطار بيروت الدولي، ويؤكد رفضه القاطع لأي استهداف لها، وكذلك لأي مس بالممتلكات العامة والخاصة".مواقف سياسيةبيان الحزب وتداعيات ما يحصل على خلفيات المظاهرات وحادثة الطائرة الإيرانية، استدعت ردوداً وبيانات ومواقف سياسية مقابلة. من جهته، أشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، إلى أن "المعادلة السابقة في لبنان تغيّرت بسبب الظروف السياسية والعسكرية والعدوان الإسرائيلي، وقد اتفقنا على تطبيق القرارات الدولية"، لافتًا في حديث إذاعي إلى أن "إسرائيل لن تكتفي بتلك القرارات وهي تستبيح كل شيء، وعلى الأرض هناك 7 تلال محتلة في الجنوب وسنرى ماذا سيجري في 18 شباط، ونعلّق آمالًا كبيرة على الحكومة والعهد الجديد". وردًا على سؤال، استبعد جنبلاط أن تحصل مواجهة داخل الحكومة، معتبرًا أن "الملف الأساسي أمام مجلس الوزراء هو الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والمحاكمات التي تأخرت حول جريمة انفجار المرفأ، وتطبيق القرار 1701 جنوب الليطاني وخلف الليطاني"، مشددًا على أن "لا عودة إلى الماضي".
ورأى حزب الكتائب اللبنانية أن "حزب الله يصر على الوقوف في مواجهة اللبنانيين"، معتبراً انّ "ما يقوم به حزب الله هو رسالة بالغة السلبية للداخل الذي يعطي فرصة لعودة الابن الضال رغم كل ما عانى منه على مدى عقود، ورسالة إلى الخارج الذي يراقب آداء الداخل ليحدد علاقته بلبنان ويبني على الشيء مقتضاه". وجدد دعمه للجيش اللبناني والقوى الشرعية التي تسلمت مسؤولياتها بقرار واضح وصريح من رئيس الجمهورية والحكومة مفاده أن لا عودة إلى الوراء وأن لا تساهل مع الخروج عن القانون وتهديد السلم الأهلي في لبنان، ولهم منا كل الثقة والتقدير".
وعن موقف حركة أمل، قال النائب هاني قبيسي إنّ "حركة بالشارع مستغلة من كثير من الأطراف لا تعبر عن رأينا، ولا تعبر عن موقفنا السياسي بل لا تعبر عن عقيدتنا وعن رسالتنا، فهكذا أمور لا تحل بالشارع ابدا، إن استدعى الامر النزول الى الشارع، لدينا قيادة كثنائي وطني هي التي تدعو للنزول الى الشارع في حال كان الامر ضروريا، إما أن تكون الفوضى متفلتة، هذه الفوضى تنقل صورة مشوهة عن مشروعنا وعن مقاومتنا وعن سياستنا وعن علاقتنا بالآخرين".موقف الراعيوفي كلمته خلال قداس الاحد، أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى أنّ " المجتمع، لا الدولة، هو الذي حافظ سنة 1975، وما بعدها، على لبنان رغم انقسام مؤسّسات الدولة الدستوريّة والأمنيّة والعسكريّة. كان مجتمعنا الوطني يملك قضية مثلثة: الأمن، والحرية والحضارة". وأضاف: " ما يميز لبنان عن دول محيطه أنّه دولةٌ تدور حول المجتمع، بينما في المحيط دول تدور حول أنظمتها. لم تكن التعددية يومًا عائقًا أمام وحدة المجتمع اللبناني، لأنّها كانت تعدّدية لبنانيّة الهويّة".الخارجية السعوديةوكانت الخارجية السعودية دخلت على خط الأزمة، معبرة عن إستنكارها لما حصل، إذ أعربت وزارة الخارجية السعودية عن "دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية لمواجهة محاولات العبث بأمن المواطنين اللبنانيين، والتعامل بحزم مع الاعتداء على قوة الأمم المتحدة "اليونيفيل". وجددت "الدعم والثقة والثقة فيما يتخذه الرئيس جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام في هذا الصدد، وما يقوم به الجيش اللبناني من مهام وطنية تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار".