قراران اتخذهما وزير الثقافة السابق، محمد مرتضى، قبل أيام من تسليمه الوزاره لسلفه الوزير، غسان سلامة. القرار الأول بدء مشروع تحويل المنزل الذي نشأت فيه المطربة الشهيرة فيروز في زقاق البلاط ببيروت إلى متحف. ويشمل المشروع شراء الأرض وترميم المنزل القديم ليصبح متحفاً يحتفي بتاريخ فيروز الفني ومسيرتها، وذلك بالتنسيق مع المؤسسة الوطنية للتراث. والقرار الثاني تشكيل اللجنة الوطنية للأعمال الكاملة للمبدعين اللبنانيين، ضبط آثارهم ونشرها وإبرازها إرثًا حضاريًا للعالم بعهدة هنري زغيب ورفاقه...
وكأن الوزير السابق أراد تسجيل بعض الانجازات الاستعراضية في اللحظة الأخيرة من عمر ولاية وزارته، فأتحفنا بالقرار الذي يلامس الوجدان الشعبي والثقافي، بشأن منزل فيروز التي ملّ الناس من كثرة الاقترحات بشأنه، مشروع الوزير ليس الأول، لقد سبق أن أعلنت بلدية بيروت عن المشروع نفسه، وأكثر من جهة ثقافية تحدثت عنه، وعشرات الكاميرات التلفزيونية تمعنت في المكان ورصدته، ومن يتابع عناوين الصحف والمواقع الكترونية، يعرف مقصدنا، والكل يجرّب اللعب على الوتر الجمعي والذاكرة، نقرأ عناوين "بيت "السيدة فيروز"، يقاوم عواصف الزمان والإنسان... ولكن "منزل فيروز يتحول إلى متحف بقرار من بلدية بيروت"(2015)، هل يتحوّل منزل فيروز في زقاق البلاط الى متحف قريبًا؟ وزيران في منزل فيروز: هذا البيت لن ينهار!(2022) إنها أسطوانه تتكرر في الصحف والإعلام، ودائما يعاد الكلام نفسه، قرار بانشاء متحف بانتظار تملّك العقار، والقرار إلى الجوارير وسط الروتين وتضارب الصلاحيات. أقر الوزيرّ المشروع بمرسوم، ولم يحدّد موعداً للتنفيذ، مع العلم أن منزل فيروز الأول كان شقة صغيرة متواضعة داخل مبنى قديم، مهجور الآن، لم يبق منه إلا الجدران المتهالكة والردميات. لعب الإعلام كثيراً على شيء وهمي، وبقيت فيروز صامتة.أما اللجنة الوطنية للأعمال الكاملة فهنا الاعتباطية في القرارات، قالت الوزارة إنها تهدف إلى توثيق وضبط ونشر الإرث الثقافي في الأدب والشعر والفنون على أنواعها وحفظها وديعة للأجيال القادمة، وعلل الوزير قراره باعتبار "وزارة الثقافة مؤتمنة على هذه المسؤولية الوطنية بما يشكّله الإرث المذكور من مخزون يسهم في ابراز الهوية الوطنية الإبداعية للبنان". وقال، إن "توثيق هذا الموروث الثقافي الذي يراد منه إظهار نتاج أعلام لبنان في المضامير الثقافية يرقى إلى الواجب الوطني لا سيما وانه يهدف أيضاً إلى تقديم لبنان إلى العالمين العربي والغربي كوطن مصدّر لرسالة الابداع".
وتتألّف اللجنة من السادة هنري زغيب رئيسًا وكل من السادة شوقي ساسين، لور سليمان، مكرم غصوب، محمود درنيقة، علي ضاهر، مصطفى الحلوة، سهيل مطر، سليمان بختي، شربل كاملة، ميراي شحادة وروني ألفا أعضاء. سأل كثيرون من المهتمين على أي أساس شُكلت هذه اللجنة، ووفق أي معايير، مع الاحترام لكل الأسماء الواردة.
بالطبع، تحتاج وزارة الثقافة مثل هكذا خطوه لكن لا تقوم بالطرق الاعتباطية والوقت الضائع. واللافت أن هنري زغيب نشر خبرا عن المشروع في الجريدة التي يكتب فيها يقول: "بعدما رشّحت "أسواق العرب" هنري زغيب ليكون وزيرًا للثقافة والتراث في حكومة نوّاف سلام العتيدة، ولما تعذّر تحقيق ذلك بسبب التوزيع الطائفي للوزارات (منصب للكاثوليك هذه المرة)، فاجأنا وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى كعادته بخطوةٍ لافتة وصائبة، حيث أعلن عبر قرارٍ وزاري عن تشكيل "اللجنة الوطنية لنشر الإبداع اللبناني" برئاسة مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية الشاعر هنري زغيب".