استنفر المسؤولون ومؤسسات الدولة لمعالجة وتطويق الأحداث التي تدحرجت منذ الإعلان عن منع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار بيروت، وما تلا ذلك من احتجاجات وقطع طرقات وحرق إطارات واعتداءات على "اليونيفل.وزار رئيس الحكومة نواف سلام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وبحث معه التطورات على الأرض والإجراءات التي تنفذ.
بعد اللقاء قال سلام:"حرية التعبير مكفولة ومن غير المقبول إطلاقًا قطع الطرقات وتعطيل الأوضاع" وشدد على أن"الاعتداء على اليونيفيل أمرٌ مُدان وبعيد كل البعد عن التظاهر السلميّ ويجب التشدّد بالحكم على كل من أخلّ بالأمن، وسنستمر بحشد الدعم الديبلوماسيّ لتطبيق الانسحاب الكامل في 18 من شباط الحالي". وأضاف: "نحن على تواصل مع السّلطات الإيرانيّة ويهمنا أوّلًا إعادة اللبنانيين من طهران وبأسرع وقتٍ ممكن، وسلامة مطار بيروت فوق كل اعتبار ولن نتساهل بهذا الموضوع وعلى القوى الأمنيّة التصدي لأعمال الشغب".وفي هذا السّياق، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانيّة، أنّ "وزير الخارجية عباس عراقجي ناقش في اتصال مع نظيره اللبناني يوسّف رجّي سبل حل المشكلة التي نشأت في تنفيذ الرحلات الجوية بين البلدين". وقالت الوزارة إنّ "الوزير عراقجي ونظيره اللبناني أكدا استعدادهما لإجراء حوارات بناءة بشأن مشكلة الرحلات الجوية بين البلدين".
جلسة وزاريةوكان سلام قد ترأس اجتماعًا طارئاً في السّراي الحكوميّ حضره وزراء المال ياسين جابر، الدفاع العميد ميشال منسى، الخارجيّة والمغتربين يوسف رجّي، الداخليّة والبلديات العميد أحمد الحجار، العدل عادل نصار، الأشغال العامّة والنقل فايز رسامني، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء القاضي محمود مكية. وبحسب مصادر حكوميّة، جدّد الرئيس سلام توجيهاته بعدم التهاون مع أي محاولة للمساس بالأمن العام، خصوصًا في ما يتعلق بحماية المرافق العامة والحفاظ على سلامة المسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي، إضافةً إلى منع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وضرورة توقيف المعتدين وإحالتهم فورًا إلى القضاء المختصّ.مجلس الأمن المركزيمن جهته، أعلن وزيرالداخلية العميد أحمد الحجار في مؤتمر صحافيّ بعد اجتماع مجلس الأمن المركزيّ الطارئ أنّ "الاعتداء على قوّات "اليونيفيل" يعتبر جريمة. واطلعت اليوم على التحركات وعلى الإجراءات الّتي حصلت وملاحقة المرتكبين والذي تعدّوا على الأملاك واعتدوا على اليونيفيل". وقال: "حتى الآن، لدينا أكثر من 25 موقوفًا في مخابرات الجيش اللبناني، وهناك موقوف عند شعبة المعلومات بقوى الأمن الداخلي"، موضحًا أنّ "هذا لا يعني أن هؤلاء الموقوفين ارتكبوا الاعتداء على اليونيفيل، لكن التحقيقات سوف تظهر من هو المسؤول ومن المرتكب" كما أنّها "ستتواصل بشكلٍ جديّ جدًا". وأضاف الحجار: "طلبت من الجيش والقوى الأمنية التشدّد على الأرض للحفاظ على الأمن وحماية المواطنين"، مشيرًا إلى أنّ" التعبير عن الرأي مسموح ضمن الأصول والقوانين، إلّا أنّ قطع الطرق والتعدّيات ممنوعان، مؤكدًا أنّ "التدابير ستكون جديّة".
من جهته، أشار وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسماني بالقول إنّه "لم نحصل على أذونات من إيران لإعادة اللبنانيين العالقين في طهران عبر الطيران اللبناني"، مؤكدًا أن "الهاجس الأول اليوم هو أمن مطار بيروت واتخذنا قرارات لتحييد مطارنا عن أي اعتداء".الجيش: لا تهاونوأعلنت قيادة الجيش، في بيان، أنّه "على أثر تعدّي محتجين على موكب من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل، وعناصر من الجيش، وتسبُّبهم في وقوع إصابات، نفّذ الجيش بتاريخَي 14 و15 شباط سلسلة عمليات أمنية ومهمات حفظ أمن في إطار ملاحقة المتورطين في تلك التعديات". وأكّد أنّ "في هذا السياق، تم توقيف عدد من المتورطين، ويجري التحقيق معهم بإشراف القضاء المختص". وجددت قيادة الجيش تحذيرها للمواطنين من "ارتكاب أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة، وتشدد على ضرورة الالتزام بالتعبير السلمي عن الرأي"، مؤكدة أنّها "لن تتهاون مع أي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي". ويُلاحظ انتشارٌ أمنيّ وعسكريّ استثنائيّ في الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت وعند منافذها.
إدانة أميركية وفرنسيةأدانت وزارة الخارجية الأميركية الهجوم الذي استهدف قافلة تابعة لقوات اليونيفيل في بيروت، مؤكدة التزامها بدعم استقرار البلاد. وأعربت في بيان لها "عن تقديرها لالتزام الحكومة اللبنانية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمحاسبة الأفراد المسؤولين عن أفعالهم"، مشددة على أهمية تطبيق القانون لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. كما ثمنت الخارجية الاستجابة السريعة للقوات المسلحة اللبنانية، التي عملت على احتواء الموقف ومنع تصاعد العنف. وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن "مجموعة من أنصار حزب الله" تبدو مسؤولة عن تنفيذ الهجوم.
كما ودانت وزارة الخارجية الفرنسية، "بأشد العبارات الهجوم غير المقبول الذي وقع ليلة 14 إلى 15 شباط على مركبة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، والذي أصيب فيه نائب قائدها". ودعت الخارجية القضاء اللبناني "إلى ضمان سلامة قوات حفظ السلام، وتسليط الضوء على هذا الهجوم غير المقبول ومحاكمة مرتكبيه". وشددت على "ضرورة ضمان حماية حفظة السلام وسلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها ومبانيها"، معتبرةً أن "أي هجوم ضد قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل يشكل انتهاكاً للقانون الدولي والقرار 1701".الخارجية اللبنانيةوفور عودته من مؤتمرٍ في باريس ليل أمس، باشر وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي اتصالاتٍ عاجلة بالتنسيق مع رئيس الحكومة حول الاعتداء على اليونيفيل. وتواصل هاتفيًّا صباح اليوم مع رئيس بعثة قوات اليونيفيل العاملة في لبنان وقائدها العام اللواء أرولدو لاثارو، للوقوف على الوضع الصحّي للجندي المصاب، كما تواصل مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جنين بلاسخارت، حيث جرى التشاور في الوضع الأمنيّ وضرورة إنجاز الانسحاب الإسرائيلي الكامل بحلول 18 شباط. وشدّد رجي على إدانة لبنان لأيّ اعتداءٍ يطال عناصر اليونيفيل، ومطالبته بمحاسبة الفاعلين، مؤكّدًا تمسّك الحكومة بدور القوات الدولية وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701.استنكار سياسيّ ودعوات للمحاسبةمن جهته، استنكر حزب "القوّات اللّبنانيّة" الاعتداء على اليونيفيل وعلى الجيش والقوى الأمنية والمواطنين الذين مرّوا على طريق المطار، مشددًا على ضرورة محاسبة المعتدين "محاسبة صارمة" لردع أي تكرار للأحداث. ورحّب الحزب بالبيانات الرسميّة والمواقف الشعبية التي أدانت الاعتداء، مؤكّدًا أهمية رفع الغطاء عن أي جهة تخلّ بالأمن. كما تمنّى الشفاء العاجل لنائب قائد قوة "اليونيفيل" الجنرال النيبالي شوك بهادور داكال، مجدّدًا وقوفه إلى جانب القوات الأمميّة في مهمّاتها.
وتستمرّ الاتصالات واللقاءات الرسميّة لمتابعة الأوضاع الأمنية وتطويق تداعيات الاعتداءات الأخيرة، فيما تبقى العيون شاخصة نحو الإجراءات الحكومية والقضائية لضمان المحاسبة وعدم تكرار ما شهدته العاصمة من توتّر على مدى الأيام الماضية.