تواصلت في العاصمة اللبنانية موجة استنكار واسعة ودعوات للمحاسبة، تزامنًا مع اتخاذ إجراءات رسميّة على خلفية الاحتجاجات الّتي شهدتها بيروت خلال السّاعات الماضية، والّتي تعرّضت خلالها آليّة تابعة لـ "اليونيفيل" لهجومٍ من قبل بعض المحتجّين على طريق المطار، ما أدّى إلى إصابة ضابط برتبة عالية. وفي السّياق، ترأس رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اجتماعًا في السّراي الحكوميّ حضره وزراء المال ياسين جابر، الدفاع العميد ميشال منسى، الخارجيّة والمغتربين يوسف رجّي، الداخليّة والبلديات العميد أحمد الحجار، العدل عادل نصار، الأشغال العامّة والنقل فايز رسامني، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء القاضي محمود مكية. وبحسب مصادر حكوميّة، جدّد الرئيس سلام توجيهاته بعدم التهاون مع أي محاولة للمساس بالأمن العام، خصوصًا في ما يتعلق بحماية المرافق العامة والحفاظ على سلامة المسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي، إضافةً إلى منع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وضرورة توقيف المعتدين وإحالتهم فورًا إلى القضاء المختصّ.استعادة السيطرةوكانت قد شهدت العاصمة بيروت ومحيطها احتجاجاتٍ حادّة على خلفية منع السّلطات اللبنانية طائرة إيرانية مدنية كانت تقلّ ركّابًا لبنانيين عائدين من زيارةٍ دينية في إيران من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدوليّ، بسبب التهديد الإسرائيليّ لها. وامتدّت التحرّكات لتشمل إقفال بعض الطرقات بالإطارات المشتعلة، من بينها جسر الرينغ وجسر سليم سلام، وسط انتشار أمنيّ مكثّف. وبعد ساعاتٍ من التوتر، تمكّن الجيش اللبناني من تفريق المحتجين وإعادة فتح طريق المطار، ما سمح بعودة حركة الملاحة إلى طبيعتها. كما نجحت وحدات الجيش في إزالة العوائق عن الطرقات الأساسية التي قُطعت في مختلف المناطق، بالتزامن مع مساعٍ حكومية لتطويق تداعيات الاعتداء على قوات اليونيفيل.
وفور عودته من مؤتمرٍ في باريس ليل أمس، باشر وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي اتصالاتٍ عاجلة بالتنسيق مع رئيس الحكومة حول الاعتداء على اليونيفيل. وتواصل هاتفيًّا صباح اليوم مع رئيس بعثة قوات اليونيفيل العاملة في لبنان وقائدها العام اللواء أرولدو لاثارو، للوقوف على الوضع الصحّي للجندي المصاب، كما تواصل مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جنين بلاسخارت، حيث جرى التشاور في الوضع الأمنيّ وضرورة إنجاز الانسحاب الإسرائيلي الكامل بحلول 18 شباط. وشدّد رجي على إدانة لبنان لأيّ اعتداءٍ يطال عناصر اليونيفيل، ومطالبته بمحاسبة الفاعلين، مؤكّدًا تمسّك الحكومة بدور القوات الدولية وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701.استنكار سياسيّ ودعوات للمحاسبةمن جهته، استنكر حزب "القوّات اللّبنانيّة" الاعتداء على اليونيفيل وعلى الجيش والقوى الأمنية والمواطنين الذين مرّوا على طريق المطار، مشددًا على ضرورة محاسبة المعتدين "محاسبة صارمة" لردع أي تكرار للأحداث. ورحّب الحزب بالبيانات الرسميّة والمواقف الشعبية التي أدانت الاعتداء، مؤكّدًا أهمية رفع الغطاء عن أي جهة تخلّ بالأمن. كما تمنّى الشفاء العاجل لنائب قائد قوة "اليونيفيل" الجنرال النيبالي شوك بهادور داكال، مجدّدًا وقوفه إلى جانب القوات الأمميّة في مهمّاتها.
وتستمرّ الاتصالات واللقاءات الرسميّة لمتابعة الأوضاع الأمنية وتطويق تداعيات الاعتداءات الأخيرة، فيما تبقى العيون شاخصة نحو الإجراءات الحكومية والقضائية لضمان المحاسبة وعدم تكرار ما شهدته العاصمة من توتّر على مدى الأيام الماضية.