2025- 02 - 24   |   بحث في الموقع  
logo في رؤية أحمد داود أوغلو لسوريا الجديدة logo مؤتمر الحوار الوطني السوري: اعتذارات عن المشاركة.. ومطالبات بتأجيله logo لماذا لست مدعواً/ة إلى المؤتمر؟ logo أُنظروا إلى زيلنسكي... إنّه يحترق!! logo تشييع نصرالله ونكبة الشيعة: نهاية مرحلة وبداية مجهول logo احتفالية "صيدنايا" تثير الإنقسام: طمس للجرائم أم خطوة للعدالة؟ logo المرتضى: اليوم كان موعد الزمان مع وداع ⁧‫السيّد‬⁩ logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأحد
شهر عسل أخير أمام الحكومة السورية؟
2025-02-15 10:25:44


لا توجد تقاليد سياسية في سوريا، ووجودها المأمول سيكون حصيلة تراكم مديد لخبرات الحكم والمعارضة وتداول السلطة. مثلاً، في بلد مثل الولايات المتحدة تُعَد المئة يوم الأولى من عمر الإدارة الأميركية رقماً معيارياً يتم التوقف عنده، فيُقيَّم أداء الإدارة خلال هذه المدة، وتُسأل عمّا أنجرته من وعود لها، أو عمّا شرعت فعلاً في إنجازه. في جانب منها تعكس جردة الحساب، بعد انقضاء مئة يوم، أن شهر العسل قد انتهى، وأن الإدارة حظيت خلال المدة الفائتة بالأعذار والتبريرات التي يجب أن تُمنح لكل وافد جديد إلى السلطة.مع ذكرى الثورة السورية في الشهر المقبل، تكون السلطة الجديدة قد أتمت مئة يوم في الحكم، إذ يقع الرقم مئة بين يومي 15 و18 آذار، وهما اليومان اللذان ينقسم سوريو الثورة حول اعتماد واحد منهما كتأريخ لبدئها. ولذكرى الثورة طعم مختلف هذه السنة، إذ يُتوقع أن تشهد احتفالات واسعة على خلفية إسقاط الأسد قبل ثلاثة شهور ونيّف. ومن المتوقّع أن تبادر الحكومة قبيل الذكرى وعشيتها إلى إعلان العديد من القرارات والإجراءات، وبعضها معلنٌ عنه بعمومية مع وقف التنفيذ، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.
الأمثلة عديدة فيما يتعلق بالمنتظر خلال شهر، فهناك "مؤتمر الحوار الوطني" الذي أُعلن مؤخراً عن تشكيل لجنته التحضيرية، ولا يُستبعد أن تُوجَّه الدعوات إلى المختارين ليكونوا أعضاء في المؤتمر، خصوصاً مع تسريب أخبار عن أن العمل في أروقة التحضير يسبق ما هو معلن. ينافس أخبار مؤتمر الحوار ما تم تأكيده على أعلى المستويات لجهة تشكيل حكومة انتقالية في الشهر المقبل، مع الإشارة إلى أنها ستكون مفاجئة "إيجاباً"، ومن المتوقع أن يُعلن عنها عشية ذكرى الثورة، أو في وقت قريب جداً منه.الخبر المنتظَر، والذي لا يقل أهمية بالنسبة لسوريين كثر، ظهرت تباشيره قبل ثلاثة أيام بالأنباء عن وصول طائرة شحن روسية تحمل كمية ضخمة من العملة السورية المطبوعة في روسيا. وكانت الأسابيع الأخيرة قد شهدت صعوداً في سعر صرف الليرة قياساً إلى الدولار، يعود قسم منه إلى الشحّ في المعروض من الليرة بسبب تأخر الحكومة عن تسديد رواتب موظفين لديها. بموجب الأخبار الأخيرة، قد تتوفر السيولة لا لدفع الرواتب المستحقة فقط، وإنما أيضاً للإعلان عن زيادة فيها، مع التذكير بأن العهد الجديد كان قد وعد بزيادة تبلغ 400%.
نذكّر بأن العهد الجديد نال ترحيباً خارجياً قلّ أن تناله سلطة جديدة، وإيران هي الاستثناء الوحيد المعروف ضمن الإجماع على مساندته. في المقابل، قدّم الرئيس الشرع ووزير خارجيته خطاباً مطمئناً للخارج، ويجوز وصف ما جرى حتى الآن بأنه إعلان نوايا طيبة متبادل بين الجانبين. إعلان الحكومة الجديدة سيكون بمثابة اختبار خارجي، فوق دلالاته الداخلية، لأن الحكومة المقبلة ستكون تحت الأضواء من خلال ملفات كثيرة تتعلق بالتعافي المبكّر. أي أن التعاطي مع الخارج لن يكون مقتصراً على الرئيس ووزير الخارجية، فهناك مساعدات تتعلق بالصحة والمواصلات والمدارس والطاقة...إلخ، والترتيبات الخاصة بها ستكون من خلال الوزراء المعنيين بكل قطاع.بالطبع، ستكون الحكومة الانتقالية المقبلة تحت مجهر الداخل، وكذلك هو حال ما يتفرّع عنها من تعيينات في الوظائف العليا، أو من إعادة هيكلة إدارية واقتصادية. فالحكومة الحالية لم تُطرح كجسم تمثيلي، وقيل إنها حكومة لون واحد بسبب لحظة التغيير التي تتطلب أشخاصاً سبق لهم العمل كفريق، لذا صار مفهوماً أن الحكومة المقبلة سيكون لها جسم تمثيلي. الأهم سيكون هو الأداء الحكومي، فالأداء الجيد سيبرر النواقص (المتوقعة أو الحتمية) على الصعيد التمثيلي، والمطلوب من الفريق الجديد نتائج ملموسة على الصعيد الخدمي والمعيشي للجميع، وفي المقدمة الفئات الأضعف.
تطول القائمة إذا شئنا تعداد ما هو منتظر، أو مطلوب، من العهد الجديد بعد انقضاء مئة يوم على وجوده. وستبدو عديمة الرحمة مطالبته بإيجاد حلول لأزماتٍ عمرُ بعضها عشرات السنين، ومسؤولو العهد أنفسهم لم يرأفوا بأحوالهم وبإمكانياتهم وهم يطلقون تصريحات شديدة التفاؤل. جدير بالملاحظة أن الاهتمام بتصريحاتهم تراجع في الآونة الأخيرة، وهي لم تعد تحمل جديداً بسبب عدم وجود وقائع جديدة.في كل الأحوال، بعد أسابيع قليلة سينصب الاهتمام أكثر فأكثر على الأفعال ونتائجها، وهذا هو المعتاد في كافة البلدان، إذا لم يؤخذ في الحسبان إرثٌ من تشكك السوريين إزاء الأقوال. الكثير من المواقف تجاه العهد الجديد هي اليوم نتاج الحقبة السابقة، أما المواقف السياسية الحقيقية فستتكوّن بناء على الوقائع المستجدة، وهذا أيضاً من طبائع السياسة؛ يعزز من هذا السلوك السياسي المعهود تزايدُ الاطمئنان إلى أن العهد القديم لن تكون له فرصة العودة.
ستكون هناك مطالبات أكبر من الإمكانيات المتاحة، إن لم تكن المطالبات علناً فستكون ضمناً، ومن خلال تجربة العقود الماضية يجوز الجزم بأن صمت السوريين لا يعني الرضا. في مواجهة ذلك لن يكفي التذكير طوال الوقت بالتركة الثقيلة التي ورثها العهد الجديد، بما أن المسؤولين ارتضوا لأنفسهم مواقعهم. والقول أن على السوريين التخلّص من ثقافة الاعتماد على الدولة يتطلب تخلي السلطة عن موقع المسؤولية الحصري، لتكون المشاركة في المستويات العليا إنقاذاً للسلطة نفسها من تحمّل ما يفوق طاقتها، قبل أي اعتبار آخر. ويبقى الأهم، على المدى الأبعد، هو التخفف من المركزية المفرطة، لأن توزيع السلطة من رأس الهرم في اتجاه قاعدته يورّط في المسؤولية عدداً أكبر من القوى المجتمعية.والكلام عن شهر عسل أخير لا يعني انقلاباً دراماتيكياً في نهايته، بل هو تأكيد على المسار الطبيعي الذي لا بد من الخوض فيه. ففي السبعين يوماً الماضية تغلّبت الأجواء الاحتفالية بسقوط الأسد، وهذا مفهوم عطفاً على فرحة الخلاص من حكم استمر لأكثر من نصف قرن، وقبل شهور قليلة شاع اليأس مما يحدث خارجياً على صعيد إعادة تدويره. ومن المنطقي أن تبلغ الاحتفالات ذروتها في ذكرى الثورة، ثم تنتهي ليبدأ موسم الجد وأسئلته.
لعل الصعوبات السابقة تتفاقم مع عدم وجود معطيات واضحة حتى الآن فيما يخص سيطرة المركز على كافة الأراضي السورية، فالسيطرة غائبة كلياً عن مناطق الإدارة الذاتية "مسد"، وغائبة جزئياً عن الجنوب. بقاء الوضع على ما هو عليه سيكون بمثابة تحدٍّ يُضعف الحكومة المقبلة، وسيُفهم كإشارة سلبية من الخارج، ويُضعف مشروع المؤتمر الذي قيل أولاً إنه وطني ثم قيل إنه مؤتمر للحوار بتوصيات غير ملزمة. أما محاولة الإجابة عن السؤال الأساسي الخاص بتوحيد البلاد فتذهب بنا إلى التساؤل عن أولويات الرئيس ترامب في المئة يوم الأولى من عهده!


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top