علمت "المدن" أن وزارة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية، بدأت بتنظيم عودة الضباط الطيارين المنشقين عن جيش النظام المخلوع، في خطوة يمكن إدراجها في إطار توجه الحكومة نحو إعادة بناء القوى الجوية السورية، التي تعرضت لدمار واسع جراء القصف الإسرائيلي المكثف بعد سقوط النظام.
وشكلت الوزارة لجنة مؤلفة من العقيد الطيار مصطفى بكور والعقيد الطيار طلال نجم والعقيد الطيار علي حبول وممثل عن قائد القوى الجوية، بهدف تنظيم عودة الطيارين المنشقين إلى مواقعهم الجديدة، وأكدت أن "اللجنة ستبدأ باستقبال طلبات الطيارين، وإجراء مقابلات معهم في مبنى القيادة الجوية بدمشق".
وأفادت مصادر "المدن"، بأن تشكيل اللجنة يأتي في إطار تأسيس جيش سوري جديد، مؤكدة أن عودة الضباط الطيارين المنشقين إلى عملهم، هي خطوة من مسار طويل و"شائك"، يهدف إلى إعادة تفعيل سلاح الجو السوري.
وأشارت إلى "التحديات" الكبيرة أمام هذا التوجه، معتبرة أنه "من المبكر جداً الحديث عن خطوات جادة لتفعيل سلاح الجو السوري"، خصوصاً أن "القرارات في هذا الشأن تحددها سياسة الدولة السورية المقبلة".
ولفتت إلى "قِدم" المقاتلات السورية، والضرر الكبير الذي لحق بمعظمها، وبالمطارات العسكرية، وأنظمة الدفاع الجوي.وقالت: "الأمر في غاية التعقيد، ولا قرارات حالية في هذا الشأن".
استنزاف وخسائر
واعتمدت سوريا في بناء القوى الجوية على التسليح الشرقي والروسي، بحيث تشير التقديرات إلى أن البلاد كانت تمتلك قبل العام 2011، نحو 600 طائرة بين مقاتلة وحوامات، معظمها قديم الصنع. وزج النظام المخلوع بالطائرات بنوعيها، المقاتلة والمروحي، خلال سنوات الحرب، الأمر الذي زاد من أعطال وإجهاد الطائرات.
وتقول مصادر عسكرية إن سوريا خسرت نحو 150 طائرة خلال الحرب، كحصيلة للمواجهات العسكرية والأعطال التي كانت مسؤولة عن إسقاط بعضها. وجاءت الضربات الإسرائيلية التي أعقبت سقوط نظام الأسد، لتصيب سلاح الجو السوري في "مقتل".
وتفسر المصادر التعاطي الباهت للإدارة السورية الجديدة مع الضربات الإسرائيلية لسلاح الجو السوري، والبنية التحتية، بسببين، الأول "الدمار والقتل" الذي ألحقته الطائرات بمناطق سيطرة الفصائل، أما الثاني هو عدم قدرة الإدارة الجديدة على مجابهة إسرائيل، وعدم امتلاكها أساليب الضغط الكافية لوقف الضربات الجوية الإسرائيلية.
تحديات جسام
ويتحدث العقيد الطيار المنشق عن النظام المخلوع أديب عليوي، لـ"المدن"، عن تحديات جسام تتصدرها "الميزانيات الضخمة"، تواجه الدولة السورية ووزارة الدفاع في سبيل إعادة بناء القوى الجوية السورية.
ويوضح عليوي أن "المهمة معقدة، لأنها تحتاج إلى مراحل طويلة بعد تشكيل وزارة الدفاع ورئاسة الأركان وقيادة القوى الجوية وبعض المفاصل الأخرى". ويقول: "نحن بحاجة إلى منهاج متكامل، وبرمجة، واللجنة تأتي للعمل على إيجاد الأرضية لذلك".
ويضيف أن تخصص الطيران يعدّ من أصعب التخصصات العسكرية، ومن غير الممكن الاعتماد على ضباط لا يمتلكون الخبرة، والأهم من كل ذلك أنه "من الخطأ" الاعتماد على الضباط الذين مارسوا القتل في عهد النظام المخلوع.
ويترك العقيد الطيار كل ما سبق، ليُشير إلى "العقيدة القتالية" التي سيُبنى عليها الجيش السوري الجديد، لأنها هي التي ستحدد نوعية التسليح، غربية كانت أم شرقية. ويوضح أن "هذا التساؤل تحسمه الدولة المستقبلية المستقرة، وتتداخل فيه ردود الدول التي ستزود سوريا بالأسلحة".
والأرجح أن تلعب تركيا دوراً كبيراً في بناء الجيش السوري الجديد، وهي التي كشفت عن "خارطة طريق مشتركة" لتطوير قدرات الجيش السوري، بعد سقوط النظام.