تصاعدت حالة التوتر في لبنان على خلفية تداول أنباء عن احتجاز طائرة مدنية إيرانية تقل زوارًا لبنانيين في مطار طهران الدولي، حيث مُنعت من الإقلاع إلى بيروت إلا بعد الحصول على إذن رسمي بالهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي. وأثار هذا الإجراء موجة غضب بين الأهالي، ما دفع عددًا من الشبان إلى قطع طريق المطار احتجاجًا على ما اعتبروه "احتجازًا غير مبرر" للبنانيين في إيران. وسارعت وحدات الجيش اللبناني إلى التدخل لإعادة فتح الطريق، في حين انتشرت مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر اللبنانيين العالقين وسط حالة من القلق والتوتر. ورغم عدم صدور توضيح رسمي من السلطات اللبنانية أو الإيرانية بشأن أسباب التأخير، فإن الحادثة أثارت تساؤلات حول خلفياتها وانعكاساتها.برّي: لانسحابٍ عاجلبالتزامن مع هذه التطورات، احتدم المشهد السّياسيّ اللبناني على وقع الأزمة المتصاعدة بشأن الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان. فقد التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، في عين التينة، رئيس لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون. وخلال اللقاء، شدّد بري على رفض أي تمديد لمهلة الانسحاب الإسرائيلي المقررة في 18 شباط الجاري، مؤكّدًا رفض نشر أي قوات أجنبية على الحدود اللبنانية، معتبراً أن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل جاهزان للقيام بهذه المهمة.
وفي دردشة مع الصحافيين، كشف بري أن الأميركيين أبلغوه بأن الاحتلال الإسرائيلي سينسحب من القرى التي لا يزال يحتلها في 18 الجاري، لكنه سيبقى في خمس نقاط، مشددًا على أنه أبلغهم باسم الرؤساء الثلاثة "رفض لبنان المطلق لهذا الأمر". وأضاف: "رفضت الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة عمل الانسحاب، ومن مسؤولية الأميركيين أن يفرضوا ذلك، وإلا يكونوا قد تسببوا بأكبر نكسة للحكومة. إذا بقي الاحتلال، فالأيام بيننا. هذه مسؤولية الدولة اللبنانية، والجيش يقوم بواجبه كاملاً في جنوب الليطاني، أما في ما يخص شمال الليطاني، فهذا الأمر يعود للبنانيين ولطاولة حوار تناقش استراتيجية دفاعية."اختبار حاسموفي ظل هذه التوترات، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن إسرائيل طلبت تأجيل انسحاب قواتها من خمس نقاط استراتيجية في جنوب لبنان، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية لم تحسم موقفها بعد من هذا الطلب. كما نقلت وكالة "بلومبرغ" عن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، قوله إن تل أبيب ستحتفظ بهذه النقاط حتى بعد انتهاء مهلة وقف إطلاق النار، وهو ما يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية وقدرتها على الالتزام بالاتفاقات الدولية.
هذا الموقف الإسرائيلي يضع الولايات المتحدة أمام اختبار دقيق، خصوصًا أن الاتفاق الذي رعته لإنهاء الحرب كان جزءًا من جهودها الدبلوماسية في المنطقة. ويخشى مراقبون أن يؤدي استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمواقع جنوب الليطاني إلى تقويض مصداقية واشنطن كضامن لتنفيذ القرار 1701، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل تبرير إبقاء قواته في هذه النقاط باعتبارات أمنية.
وفي ظل هذه التطورات، كثّف رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون اتصالاته مع الأطراف الدولية المعنية، بدأها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طالبًا منه التدخل للضغط على إسرائيل للالتزام ببنود الاتفاق، باعتبار فرنسا شريكة إلى جانب واشنطن في رعاية الاتفاق. كما شملت تحركات عون تواصلاً مع عدد من الدول الأوروبية لحشد موقف موحد ضد محاولات إسرائيل التملص من التزاماتها، في وقت يواصل الجيش الإسرائيلي انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بإعادة التصعيد في الجنوب اللبناني.