استغل وزير الطاقة السابق وليد فيّاض مناسبة التسليم والتسلم بينه وبين خلفه في الوزارة خَلَفه جو صدّي، ليعرض ما اعتبره "إنجازات" خلال حقبة تولّيه الوزارة. وأشار فيّاض أنّه أتى إلى الوزارة "في وقتٍ كانت التغذية الكهربائية شبه معدومة ومبنى مؤسسة كهرباء لبنان مدمّراً بفعل انفجار مرفأ بيروت، وموظفوها مشتّتون وخزائنها فارغة، وكانت طوابير السيارات تمتد مئات الأمتار أمام محطات المحروقات للحصول على حفنة من الليترات في وقت كانت هذه الليترات تتدفّق مدعومةً عبر الحدود. أما في المياه، فقد ارتفعت نسبة انعدام الخدمة الى 75 في المئة بسبب نقص التمويل وغياب الكهرباء. وأمام هذا الواقع عملنا بمنطق الإصلاح والإنقاذ أو الإصلاح للإنقاذ على وضع وتنفيذ خطط وإستراتيجيات في القطاعات الأربعة والتي بدأت تظهر نتائجها".
خطط الكهرباء
في معرض الإضاءة على الإنجازات، أشار فيّاض إلى "إقرار الخطّة الوطنية الشاملة للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء التي تركّز بجوهرها على التحوّل الطاقوي نحو الغاز والطاقة المتجدّدة، وتُقسم إلى 3 مراحل. ولكن، وبغياب التمويل المطلوب وبسبب منع تزويد لبنان بالغاز المصري والكهرباء الأردنية، رغم الوعود وتوقيع الإتفاقيات، انتقلنا إلى تنفيذ خطة الطوارىء الوطنية التي سمحت بتنفيذ المرحلة الأولى أي زيادة التغذية الى ما بين 9 و11 ساعة تغذية يومياً".
وأضاف فيّاض أنه نجح في "زيادة التغذية إلى 10 ساعات، بدون الاعتماد على دعم أو أي استثمار من الدولة، على عكس ما كان يحصل سابقاً، بل بمساعدة الأشقاء في العراق عبر سلسلة من الإتفاقيات بشروط مسهَّلة لتزويد لبنان بالفيول بعد تعذّر الحصول على الغاز".
كذلك، قال فيّاض إنّ "رفع الدعم العشوائي عن تعرفة الكهرباء، أدى الى وفر بالإستهلاك بحدود 4 مليار كيلوات ساعة أي ما يعادل ملياري دولار، والى إستعادة الملاءة المالية في مؤسسة كهرباء لبنان بعد 40 سنة من الخسائر حيث أصبحت سيولتها تفوق الـ100 مليون دولار، ومستحقاتها مع العملاء من قيمة الكهرباء المستهلكة، تفوق الـ500 مليون دولار، يعني درجة عالية من الملاءة المالية مكنّتها من إجراء كل الصيانات التي كانت متأخرة والاستثمار في البنى التحتية ومن زيادة التغذية وسمح لها بتغطية كافة إحتياجاتها وإلتزاماتهما من دون أي دعمٍ حكومي (توفير حوالي 2 مليار دولار سنوياً وتخفيض عجز الميزان التجاري ودفع جزء من ديونها ومن مستحقات العراق كما وتلزيم إعادة إعمار مبنى المؤسسة)".
وبنظر فيّاض "حقّقت هذه السياسات ثورة كبيرة في قطاع الطاقة المتجدّدة الذي نما من 150 ميغاوات الى 1500 ميغاوات بسنتين، لتصل نسبة إختراق الطاقة الشمسية والكهرومائية في لبنان الى 25 بالمئة، لأن رفع الدعم جعل الإستثمار في الطاقة المتجددة مجدياً في كل القطاعات".
وتطرّق فيّاض إلى دخول الوزارة على خطّ إنتاج الطاقة المتجدّدة من خلال "منح 11 رخصة لإنتاج الطاقة الكهربائية بقدرة 165 ميغاوات والشروع بتنفيذ بعضها بتمويل من شركات عالمية مثل CMA CGM وتمديد تراخيص الطاقة الهوائية بقدرة 235 ميغاوات في عكار وإيجاد مموّلين جدد لها كما وترسية مناقصة توسيع الطاقة الشمسية فوق نهر بيروت وإطلاق مناقصة محطة حراش الكهرومائية".
تشريعات ضرورية
ولمواكبة الإنجازات قانونياً، قال فيَّاض إنّه تم "إصدار مجموعة تشريعات إصلاحية ضرورية لمواكبة التقدم واستكمال الأصلاح في قطاع الطاقة وهي مشروع تعديل القانون 462 الذي انتهينا من إعداده وأرسلناه الى مجلس شورى الدولة ويشكّل نقلة نوعية كبيرة في تنظيم قطاع الكهرباء تمنع الخصخصة العشوائية عن طريق خلق نظام الشاري الأساسي ومشاركة القطاع الخاص في مجالي الإنتاج والتوزيع، لاحظاً أهمية تحديد اتفاقيات الشراكة اللازمة لهذا الغرض(IPP للانتاج وامتيازات للتوزيع)، علماً أننا حضّرنا الهيكلية الإدارية للهيئة الناظمة وانتهينا من تلقي طلبات الترشيح وفرزها، وأعددنا تصنيفاً للسير الذاتية التي يستحق اصحابها إجراء مقابلات التوظيف مستعينين بلجنة تقييم تضم خبراء عالميين من MEDREG".
وأيضاً "إقرار قانون الطاقة المتجددة الموزعة ما يسمح بفتح سوق لامركزي مفتوح للاستثمار والتجارة بها وعبر كهرباء لبنان لنقلها". فضلاً عن "تحضير مشروع حفظ الطاقة وإرساله الى البرلمان".
استعادة الثقة
أفضَت هذه الخطوات، برأي فيّاض إلى "إعادة ثقة المجتمع الدولي بقطاع الكهرباء وتُرجمت هذه الثقة بموافقة البنك الدولي على منح لبنان قرضاً بقيمة 250 مليون دولار لدعم نهوض قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة ولتمكين المؤسسة من مواكبة هذا النهوض على المستوى التقني والإداري: إعادة بناء مركز التحكم الوطني، العدادات الذكية، نظام الفوترة، الدعم الفني والتقني، تحديث شبكة النقل، محطة الأشرفية، بناء 150 ميغاوات مزارع طاقة شمسية، تحديث معامل الليطاني الكهرومائية".
كما أشار فيّاض إلى "إعداد دفاتر الشروط لمعامل الكهرباء ومعامل التغويز المستقبلية التي سيصبح ممكناً إطلاقها مع توفر الدعم الدولي وفتح باب الاستثمار الذي كان وللأسف مغلقاً علينا في الفترة السابقة".
استكمال الإصلاح
استناداً إلى تلك الإنجازات، قال فيّاض إنّه يتطلّع إلى متابعة الوزير صدّي "عملية الإنقاذ والإصلاح في قطاع الكهرباء عبر عرض مشروع تعديل القانون 462 على مجلس الوزراء ليسلك طريقه الى مجلس النواب وإقرار قانون حفظ الطاقة، بالتوازي مع استكمال إجراءات تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، علماً أنه لم يكن ياستطاعتنا تعيينهم في حكومتنا كونها حكومة تصريف أعمال بالنطاق الضيق، لا صلاحيات لها بالتعيين، خاصة في الفئة الأولى. كما نتوقع أيضاً منكم مواصلة رفع التغذية الى الحد الأقصى التي تسمح به المعامل المجدية (12-14 ساعة تغذية) بالتوازي مع خفض الهدر وزيادة الجباية مما يسمح بالتخفيض التدريجي للتسعيرة. ويمكن تسهيل ذلك عبر تنفيذ مشروعي جرّ الكهرباء من الاردن والغاز من مصر، علماً أننا قمنا بتأهيل الخطوط وتوقيع العقود، إلاّ أنّ الظروف الدولية حالت دون تنفيذهما. ونتوقع أيضاً إطلاق مناقصة مشاركة القطاع الخاص في إنشاء وإنتاج الكهرباء في دير عمار بطاقة 800 ميغاوات كون باب الاستثمار قد فُتح، ومناقصة محطة التغويز FSRU في الموقع نفسه مع توفر البيئة الاستثمارية لتنفيذ ذلك. ونعوّل أيضاً عليكم لمواصلة العمل على مشاريع الطاقة المتجددة، وتحديداً تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية صاحبة التراخيص الـ11 الممنوحة، ومنها 4 قيد التنفيذ، ومشروع البنك الدولي لمصلحة مؤسستي كهرباء لبنان والليطاني، وفيه 150 ميغاوات طاقة شمسية، ومشروع عكار لإنتاج 230 ميغاوات، وتنفيذ مشروعي نهر بيروت وجعيتا".
المحروقات ومنشآت النفط
اعتبر فيّاض أنّ "رفع الدعم العشوائي عن المحروقات منذ اللحظة الأولى، وفّر من أموال الإحتياطي والمودعين حوالي 5 مليار دولار سنوياً أو 18 مليار دولار خلال فترة تواجدنا في الوزارة، ومنع التهريب الى سوريا، وحسّن الميزان التجاري بقيمة انخفاض الفاتورة النفطية أي بحدود 3 مليار دولار سنوياً، وأمّن المادة وإستقرار السوق وأختفت الطوابير وأصبحت عملية التسعير شفافة ومرتبطة بالدولار عبر تطبيق على الهاتف الذكي".
وعن منشآت النفط في طرابلس والزهراني، قال فيّاض أنها انتقلت "من الحضيض المالي، بسبب احتجاز مصرف لبنان لكل أموالها وعدم تمكنها من تحصيل استحقاقاتها المالية من العملاء، إلى مؤسسة رابحة. وضعنا لها هيكلية إدارية جديدة وحسابات شفافة، ونفّذنا مكننة كاملة لعمليات التشغيل بدءاً من الإستيراد وصولاً الى التعبئة تحفظ الشفافية وتمنع الهدر والتجاوزات. وأدى ذلك الى إستعادة التوازن المالي وإرتفاع الملاءة التي تعدت 60 مليون دولار من السيولة كما وإعادة تكوين شبكة العملاء والمساهمة الفاعلة في مؤسسة تؤمن استقرار السوق".
وأضاف "اعتمدنا الشفافية الكاملة في مناقصات شراء الفيول والمحروقات عبر تطبيق قانون الشراء العام، ما أدى الى خلق سوق تنافسية، وتعدد الشركات الرابحة والمشارِكة ودفع بالدول على مساعدة لبنان كالجزائر التي منحت الفيول المجاني والعراق الذي زودنا بالفيول بشروط ممتازة".
النفط والغاز
أعادت الوزارة إطلاق دورة التراخيص الثانية من أجل تلزيم بلوكات بحرية إضافية. وبحسب فيّاض "أطلقنا دورة التراخيص الثالثة التي تنتهي في 17 آذار 2025 كما شاركنا بشكل فعّال في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية ما سمح بإجراء عملية الحفر في البلوك رقم 9. وعملنا على إدارة عملية حفر البئر الاستكشافية في البلوك 9 بعد انجاز الترسيم بالتنسيق مع الوزارات والادارات المعنية لإنجاز المهمة لا سيما البيئة، المالية، الدفاع، الداخلية والصحة وغيرها. وأنجزنا حزمة تعديلات من أجل تليين بعض الشروط وتحفيز شركات اضافية للعمل في البحر اللبناني وأرسلناها الى مجلس الوزراء، ولكنه لم يقرّها".
قطاع المياه والصرف الصحّي
في هذا القطاع، قال فيّاض إنّه تم "إعداد وإصدار الإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه. وتحسّنت خدمة المياه نتيجة الإجراءات الجذرية التي قمنا بها وهي تعديل تعرفة المياه بهدف استعادة التوازن المالي في مؤسسات المياه، وتحسين كبير لتغذية مؤسسات المياه بتيار كهرباء لبنان، واستحداث خطوط خدمة 24/24 وأنظمة طاقة شمسية لمنشآت المياه".
أما الإصلاحات في قطاع المياه، فكان أهمّها بنظر فيّاض "إعداد الجزء الأكبر من المراسيم التطبيقية لقانون المياه، وتحديث المراسيم التنظيمية لمؤسسات المياه. إعداد هيكلية إدارية جديدة للوزارة ولمؤسسات المياه التابعة لها تتماشى مع الممارسات المثلى العالمية. الشروع بالتحول الرقمي في الوزارة (تطبيق رقمي لمنح تراخيص الآبار) وفي مؤسسات المياه. وهذه الإصلاحات أدت الى إستعادة ثقة المجتمع الدولي والجهات المانحة وترجمت بتمويل عدة مشاريع أهمها قرض من البنك الدولي لإستكمال مشروع جر مياه الأولي الى بيروت الكبرى بقيمة 260 مليون دولار. وهبات من الإتحاد الأوروبي لتمويل تشغيل وصيانة محطات الصرف الصحي ومنشآت المياه بقيمة 75 مليون دولار، ومن الحكومة الألمانية بقيمة 250 مليون دولار لتمويل مشاريع مياه. إضافة الى دعم تقني للوزارة ولمشاريع مياه من الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 40 مليون دولار. وقرض من البنك الدولي لرفع التلوث عن بحيرة القرعون بقيمة 55 مليون دولار".
كرة النار
من جهته قال صدّي إنّ "كثر يعتبرون وزارة الطاقة والمياه كرة نار لكثرة المشاكل المتراكمة والحاجات المزمنة، ليس فقط على صعيد قطاع الكهرباء بل أيضاً على صعيد الغاز والمياه وتنظيم الصرف الصحي". وأكّد أنّه لن يعد اللبنانيين "سوى بأمر واحد، أن أضع كل خبراتي وطاقاتي وعلاقاتي لخدمتهم عبر هذه الوزارة وأن أكون مع العاملين فيها فريق عمل نسابق الوقت لأن المطلوب كثير والمكسور كثير وحق الموطنين علينا كبير جداً".
وقال إنّه سيحيّد الوزارة "عن المناكفات السياسية أو الصراعات كي نركّز على وضعها على سكة العمل المؤسساتي الشفاف والمستدام. كما سأعمل بشكل حازم على مكافحة الفساد".
وأشار إلى أنه "سننطلق بورشة اصلاحات بنيوية وادارية في الكهرباء والمياه. كذلك سنشكل الهيئة الناظمة للكهرباء، ونفعّل المجالس الإدارية في المؤسسات الخاضعة لوصاية الوزارة وننجز المراسيم التطبيقية كي نوفّر افضل الخدمات ونأمّن زيادة ساعات التغذية تدريجياً وبأقل كلفة". أمّا الحلول، فسيكون منها حلولاً "قريبة المدى، وأخرى مستدامة بعيدة".