أفادت هيئة البثّ الإسرائيليّة، نقلاً عن مسؤولين في المجلس الوزاريّ الإسرائيليّ المصغّر، بأنّ تل أبيب حصلت على موافقة أميركيّة للبقاء في بعض نقاط جنوبي لبنان لفترة أطول من المقرّر. وسبق لمسؤول لبنانيّ ودبلوماسيّ أجنبيّ أنّ أكّدا لوكالة "رويترز"، اليوم، أنّ إسرائيل طلبت إبقاء قواتها في خمس نقاط جنوبية حتى 28 شباط الجاري. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في تشرين الثاني بين لبنان وإسرائيل، كان يفترض أن تنسحب القوّات الإسرائيليّة من الجنوب اللّبنانيّ بشكلٍ كامل بحلول 26 كانون الثاني الماضي، فيما يعارض الجانب اللبناني أيّ تمديدٍ إضافيّ لهذا الوجود. ونقلت قناة "كان" الإسرائيليّة الناطقة باللغة العربيّة، عن وزراء في الكابينت أنّ "إسرائيل" حصلت على موافقة واشنطن للبقاء بعدد من المواقع في لبنان إلى ما بعد الموعد المحدد لوقف النار.نفي لبنانيإلى ذلك، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة في بيان، بأنه لا صحّة لما بثّته محطة "الحدث" عن "اتفاق بين لبنان وإسرائيل على تمديد وقف النار لما بعد عيد الفطر". ولفت البيان إلى أنّ الرئيس جوزاف عون أكدّ مرارًا إصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الإسرائيليّ ضمن المهلة المحددة في ١٨ شباط الجاري".كذلك صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه برّي نفي لما "نسبته قناة الحدث عن مصادر حول إتفاق بين الرئيس نبيه بري وحزب الله على تمديد وقف إطلاق مرة ثانية" معتبراً أنه "محض إختلاق ومزيف تمامًا".تحذير إسرائيلي لسكان الجنوبفي السّياق، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ، أفيخاي أدرعي، على منصة "إكس"، تحذيرًا عاجلًا إلى سكّان الجنوب اللّبنانيّ، مشيرًا إلى أنّه تمّ تمديد فترة تطبيق الاتفاق وأنّ الجيش الإسرائيليّ ما يزال منتشرًا في المنطقة، ما يفرض منع الانتقال جنوبًا. ودعا أدرعي الأهالي إلى عدم العودة لمنازلهم "حتى إشعار آخر"، زاعمًا أنّ الجيش لا ينوي المساس بالمدنيين، وأنّ أي حركة جنوبًا "قد تعرّض صاحبها للخطر". في المقابل، أكّدت لجنة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار والقرار 1701 أنّ الجيش الإسرائيلي طلب البقاء في بعض النقاط الجنوبية حتى 28 شباط الجاري، وأنّ الجانب اللّبنانيّ رفض هذا الطلب بشكلٍ قاطع، مطالبًا بانسحابٍ فوريّ وفق المهلة المحدّدة مسبقًا.
ميدانيًا، سجّلت مناطق عدّة في الجنوب اللبناني خروقات عسكرية إسرائيلية متواصلة، حيث أفادت تقارير ميدانيّة بإطلاق الجيش الإسرائيلي رشقاتٍ رشّاشة من بلدة مارون الراس عند مدخلها باتجاه أطراف مدينة بنت جبيل في محافظة النبطية. ووثّقت التقارير أيضًا قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات حرقٍ لمنازل وتنفيذ تفجيرات في بلدة العديسة (قضاء مرجعيون)، إضافةً إلى تفجير مزرعة في بلدة عيتا الشعب الحدودية مع فلسطين المحتلة (قضاء صور). كما أشارت إلى أعمال تجريفٍ وتركيب ألواحٍ إسمنتيةٍ تقوم بها جرافات إسرائيلية عند أطراف بلدة الضهيرة على طول الشريط التقنيّ الحدوديّ. وشهدت بلدة حولا، في وقتٍ سابقٍ من يوم الأربعاء، تفجيرًا ضخمًا نفّذه الجيش الإسرائيلي؛ ما يعزّز تقارير رسمية لبنانية تتحدث عن استمرار انتهاكاتٍ للهدنة.الجيش اللبناني والرئاسة يستنكرانمن جهته، دعا الرئيس اللبناني، جوزاف عون، دول الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها ضمن المهلة المحدّدة في 18 شباط الجاري، كما طالب بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد "انتفاء أسباب بقائهم في لبنان"، بحسب تعبيره. وتأتي هذه الدعوة في وقتٍ أعلن فيه الجيش اللبناني رفضه القاطع لأيّ تمديدٍ للوجود الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية، مشددًا على ضرورة احترام القرار الدولي رقم 1701 الذي نصّ على وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار وانسحابٍ إسرائيلي كاملٍ من الجنوب.
وبحسب بياناتٍ رسميةٍ لبنانيّة، ارتكب الجيش الإسرائيلي مئات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني. وقد أدّت هذه الخروقات إلى سقوط ما لا يقلّ عن 73 شهيدًا و265 جريحًا في صفوف المدنيين والقوى العسكرية اللبنانية خلال الأشهر القليلة الماضية. والآن مع استمرار التوتر في الجنوب اللبناني، تزداد المخاوف من توسيع دائرة المواجهة مجددًا في حال لم يتم الالتزام بالمواعيد النهائية للانسحاب. وبينما يتمسّك لبنان بضرورة الإيفاء بتعهّدات اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل اتخاذ إجراءاتٍ تصعيدية، ما يهدّد بمزيدٍ من الضغوط الإقليمية والدولية في الفترة المقبلة.