أكد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام أنّ الحكومة تسعى إلى استعادة ثقة المواطنين الذين عانوا كثيرًا من الأزمات المتتالية. وأشار إلى إحصاء يؤكّد على أنّ نسبة الرغبة لدى الشباب في الهجرة تبلغ 69%، مؤكّدًا العمل على تغيير هذا الواقع من خلال تأمين فرص العمل. وقال سلام في حديثٍ عبر "تلفزيون لبنان": "هدفنا الأساسيّ استعادة ثقة المواطنين بعد حالة الاهتراء التي أصابت الدولة".
وأضاف سلام، الذي حاوره كلّ من رئيس تحرير جريدة "المدن" الزميل منير الربيع، ونائب رئيس تحرير صحيفة "النهار" نبيل بو منصف، ومسؤول تحرير مكتب صحيفة "الشرق الأوسط" في بيروت ثائر عباس، أنّه لم ينقطع يومًا عن لبنان وحياته السياسيّة، وأنّ عودته اليوم أتت لوجود "فرصة جديدة أمام البلد يجب ألّا تُفوَّت". وأوضح: "كنتُ محاميًا عن لبنان في الخارج، وما يدفعني إلى المجيء اليوم هو أنّ للبنان فرصة حقيقيّة للنهوض".تأليف الحكومة ومعايير التمثيلوفي معرض حديثه عن تأليف الحكومة والّتي كانت المحور الأوّل من اللقاء، أشار سلام إلى أنّ بعض الجهات التي لم تشارك فيها حاولت فرض معاييرها عليه، لافتًا إلى أنّ "التيّار الوطنيّ الحر" اعتمد معيار حجم كتلته وكيفيّة تمثيلها، ما صعّب التعامل معه. كما ذكر أنّ هناك إشكالًا مع "تكتّل الاعتدال" بشأن التمثيل المناطقي، إذ طالب هذا التكتّل بأسماء معيّنة في حين أنّه طرح أسماء ذات كفاءة أعلى.
وأوضح سلام أنّ الحكومات السابقة تحوّلت إلى حكومات "شلل وطنيّة" لا تُحاسِب أيّ جهة فيها، مشدّدًا على ضرورة تعزيز مبدأ فصل السلطات وحياديّة الحكومة. وأكّد أنّه سعى إلى تشكيل حكومة من غير الحزبيّين، معتبرًا أنّ الأحزاب جزء أساسيّ من الحياة الديمقراطيّة، لكنّ الخوف كان من تحوّل الحكومة إلى ساحة صراعات، في وقت تنتظرها مهام كبيرة.
وتابع سلام مبيّنًا أنّ "معيار التيّار الوطنيّ الحرّ لتمثيله كان حجم كتلته النيابية، ونحن لم نكن نعتمد هذا المعيار". كما شدّد على أنّه "لا يوجد أيّ عُرف يقول إنّ وزارة المالية للشيعة، ومن الخطأ الحديث عن وزارات سياديّة، فكلّ الوزارات سياديّة بالنسبة إليّ".
ولفت سلام إلى أنّ هذه الحكومة "تأسيسيّة" تهدف إلى إعادة وضع البلاد على سكّة الدولة، مشدّدًا على أنّه لا يجوز حصر وزارة معيّنة بطائفة دون أخرى، ولا يمكن اعتبار أيّ وزارة "محرّمة" على أيّ طائفة، مؤكّدًا مرّة أخرى أنّ جميع الوزارات سيادية. أما بالنسبة إلى "تكتّل الاعتدال"، فقال الرئيس سلام: "كان هناك إشكال حول التمثيل المناطقي الذي طالبوا به، وطرحتُ عليهم أسماء ذات كفاءة أعلى من تلك التي عرضوها عليّ". وأكّد الرئيس سلام أنّه لا توجد وزارة حكرًا على طائفة، ولا وزارة ممنوعة على طائفة، مشيرًا إلى أنّ جميع الوزارات هي وزارات سياديّة، ولافتًا إلى أنّ تصنيف الوزارات الأربع على أنّها محصورة بالطوائف الأربع الكبرى هو تقليد جديد لا يتناسب مع تاريخ البلد.
واعتبر رئيس الحكومة أنّ أبناء الجنوب، بعد الحرب، رأوا أنفسهم مجروحين، ويجب مراعاة هذه الجروح وتضميدها، ولو تمّ تغيير وزير المالية لاعتُبر ذلك انقضاضًا سياسيًّا على الطائفة الشيعية، مشدّدًا على ضرورة ألّا يشعر أيّ فريق بأنّه منكسر، ومؤكّدًا في الوقت نفسه أنّ وزارة المالية ليست حكرًا على الشيعة في اتفاق الطائف، ولا يوجد أيّ عرف يكرّس ذلك.تطبيق القرار 1701 وتابع موضّحًا أنّ الحكومة ستحصّن نفسها بالارتكاز على ثقة المواطنين، وستكون بمثابة حكومة انتقاليّة لبناء الدولة والمؤسّسات. كما لفت إلى أنّ البيان الوزاري سينصّ على تطبيق القرار 1701 ووقف إطلاق النار وإعادة الإعمار، مشيرًا إلى خوفه من تحوّل الحكومة إلى ساحة صراعات، في حين أنّ المهام الملقاة على عاتقها جسيمة.
وشدّد سلام على العمل لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في موعده أو قبل الموعد المحدّد، مؤكّدًا الضغط عبر الأطر الدبلوماسيّة على إسرائيل. وأوضح أنّ لبنان قام بدوره كاملًا في تطبيق القرار 1701 وآلية المراقبة، مشيرًا إلى أنّه "لا تقصير أبدًا في التزاماتنا"، وأنّه يعوّل على دور الحكومة الجديدة في ترميم الثقة الداخليّة والخارجيّة بالبلاد.