تحولت الدعوات التي وجهتها اللجنة الإعلامية لمراسم تشييع أمين عام "حزب الله" الراحل حسن نصر الله، إلى مادة جدلية، أثارت استياء بيئة الحزب التي ترى بأن نصر الله "هو أب الجميع"، وبأن المشاركة في تأبينه "لا تحتاج الى دعوة"، و"ليست تشريفاً بقدر ما هي انتقاص ممن وجهت لهم الدعوة".
وتلقى سياسيون وناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ومؤثرون موالون للمحور، دعوات للمشاركة في مراسم التشييع، وانتشرت صور تلك الدعوات في مواقع التواصل، مما دفع كثيرين الى اعتبار تلك الدعوات بمثابة "تمييز" بين "محبي السيد"! وسأل البعض: "على أي أساس وجهت دعوات لناشطين؟"، وقال آخرون: "نفهم أن دعوات رسمية تصدر لشخصيات خارج لبنان، أو لسياسيين ومسؤولين وقادة أحزاب وفق البروتوكولات المعروفة، لكن دعوات الجمهور، جديدة".
وقالت مغردة تعليقاً على نشر صور الدعوات: "دعوات التشييع لا تضيف شرفاً لأحد، فمن يرى نفسه جزءاً من بيئة المقاومة وجمهورها، ومن يشعر أنه يودّع أباه، لا يحتاج إلى دعوة". وتابعت: "أشرف الناس سيكونون هناك، لتشييع الأب، القائد، والقدوة، حتى لو اضطروا للزحف على الركب".
دعوات التشييع لا تضيف شرفًا لأحد، فمن يرى نفسه جزءًا من بيئة المقاومة وجمهورها، ومن يشعر أنه يودّع أباه، لا يحتاج إلى دعوة.أشرف الناس سيكونون هناك، لتشييع الأب، القائد، والقدوة، حتى لو اضطروا للزحف على الركب.
— كيان الأسدي (@kayanalasadi) February 11, 2025
سابقة بتاريخ الحزب
وبدت تلك الدعوات سابقة في تاريخ الحزب، إذ كان يكفي في السابق الاعلان عن احتفال أو كلمة للسيد، حتى يتداعى جمهوره للمشاركة، سواء في مناسبات إحياء عاشوراء، أو في أي فعالية أخرى.. لكن ظروف إصدارها، يشير الى فرضيتين، إما خوف القيادة الجديدة من إحجام عن المشاركة، وهي فرضية ضعيفة، وإما أن الحزب دخل في تحول إعلامي جديد، تظهر ملامحه في تلك الدعوات.
وسقوط الفرضية الأولى، يُستدل فيه الى أن جمهور الحزب ومحبيه، ما زال على تلك العلاقة مع نصر الله، حتى بعد مماته، إذ تتزايد المنشورات في مواقع التواصل حول المشاركة، ويبررون ذلك بالقول بأنها دليل على علاقة محبي السيد به..
بالفيديو | هذا هو خط مسار مشيّعي الشهيدين السيدين نصرالله وصفي الدين pic.twitter.com/0lACTxpGFg
— قناة المنار (@TVManar1) February 11, 2025
أما الفرضية الثانية، فإنها أكثر واقعية، وتعكس تحولاً في التجربة الإعلامية، لناحية الاهتمام بمغردي مواقع التواصل، وضمانة مشاركتهم، وذلك لتوفير تغطية إعلامية من مختلف الطوائف والمناطق، في حال لم تغطِ وسائل الاعلام بالقدر المأمول تلك الفعالية.
لكن هذه التجربة الجديدة، لم تحقق نجاحاً، وارتدّت احتقاناً وانقساماً بين الناشطين المقربين من المحور، واللجنة الإعلامية. فما ظهر، دفع الى الاعتقاد بأن هناك تمييزاً بين الناشطين، ومن غير الواضح ما هي معايير توجيه الدعوات، طالما أن المدعوين ليسوا رسميين أو سياسيين أو ممثلي أحزاب سيكونوا في الصفوف الأولى..
مرحلة التجريبمن الواضح أن الحزب، بعد اغتيال السيد نصر الله والمسؤول الاعلامي محمد عفيف، يخوض تجربة جديدة، لا تقتصر على تموضعه السياسي والعسكري، بل تطاول السيستم الاعلامي بأكمله.. وسيكون الحزب، إثر تلك التحولات، في موقع "تجريب" للكثير من الممارسات والسلوكيات التي تحتاج وقتاً كي تنتظم، وهي واحدة من المهام الشاقة لحزب جماهيري بحجم "حزب الله"، وامتداداته الداخلية والدولية.