يتجاوب المدعى عليهم في تحقيقات المرفأ مع المحقق العدلي، طارق البيطار. ففي الأسبوع الثاني من جلسات الاستجواب، حضر المدعى عليهم جلسات التحقيق، وقدموا كل الإجابات على الأسئلة التي طرحها عليهم. فيما لم يصدر بالمقابل إجراءات قضائية بحق أي منهم. لكن، يبقى الجزء الأهم في هذا المسار، هو إعادة تعاون النيابة العامة التمييزية مع قرارات البيطار لتسهيل صدور قراره الظنيّ، ويتمثل ذلك بكسر قرارات المدعي العام التمييزي السابق، غسان منيف عويدات، وهو ما لم يتحقق حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
بالتزامن مع جلسات الاستجواب داخل قصر عدل بيروت، سُرّبت معلومات مفادها أن البيطار حوّل الدفع الشكلي (الذي تقدم به أحد المدعى عليهم في السابع من شباط الجاري) إلى النيابة العامة التمييزية، وتسلّمها الحجار وهي تتواجد حاليًا على مكتبه.انقلاب مؤجل؟علماً أن تمرير معلومات كهذه لم يكن تفصيلًا، إذ يحمل دلالات كثيرة، وهي أن الحجار انقلب على عويدات، واتخذ موقفًا مفاجئًا بكسر قراراته السابقة، والتي طلب بموجبها آنذاك من قلم النيابة العامة التمييزية عدم تسلّم أي ورقة أو ملف أو استنابة من البيطار.
منذ خلافته عويدات، لم يتخذ الحجار إجراءات مماثلة، وإن سعى لحل الخلافات بين البيطار وعويدات، وعبّر مرات عدة عن رغبته بالتنحي منعًا للاحراج، إلا أنه لم يسبق له وأن أعلن عن نيته بوضوح كسر قرارات عويدات، باعتبار أنها قرارات النائب العام التمييزي تسري بعد تقاعده، وهناك الكثير من العراقيل التي تسيطر على الملف. وفي ضوء التغيرات السياسية في لبنان، واقتراب موعد اختيار اسم المدعي العام التمييزي بشكل رسميّ لتعيينه بعد الاتفاق عليه، هل سيرسخ اسم الحجار في ذاكرة اللبنانيين لكونه المدعي العام التمييزي الذي كسر قرارات عويدات دعماً للبيطار في إصدار قراره الظني؟ لا يبدو الأمر كذلك. وبعد تدقيق "المدن" تبين أن المعلومات غير صحيحة، وهو ما أكدته مصادر قضائية قالت إن البيطار لم يحول الدفع الشكلي للحجار، ويتوجب على النيابة العامة التمييزية إبلاغه بإعادة التعامل معه في حال حصل هذا الأمر".استكمال جلسات التحقيقفي السياق نفسه، فإن أجواء استئناف التحقيقات كانت ايجابية. وكل ما يحيط بالملف بات يسير في طريقه الصحيح خلافًا لسنوات العرقلة السابقة. وللأسبوع الثاني على التوالي، حضر المدعى عليهم جلسات استجوابهم، وتعاونوا مع البيطار واعترفوا بشرعيته كمحقق عدليّ.
وصباح اليوم الثلاثاء، 11 شباط، استجوب البيطار غراسيا القزي (عضو سابق في المجلس الأعلى للجمارك) التي حضرت برفقة وكيلها القانوني وقدمت الإجابات على أسئلة البيطار، العميد ريمون الخوري (المدير العام الحالي للجمارك) الذي أصرّ على دخول جلسة التحقيق من دون وكيله القانونيّ، العميد عادل فرنسيس (حضرت وكيلته القانونيّة وطلبت استمهالها للاطلاع على الملف) وقد وافق البيطار على إرجاء الجلسة للسابع من آذار المقبل، أما أسعد طفيلي (رئيس المجلس الأعلى للجمارك) فلم يحضر جلسة استجوابه بحجة أنه لم يتبلغ بموعدها وفقًا للأصول، إلا أن وكيله القانوني حضر إلى قصر عدل بيروت بعد أن علم بموعد جلسة طفيلي في الوسائل الاعلامية، وتعهد بالمثول أمام البيطار في جلسة أخرى بعد أن يتبلغ بها.
تؤكد وقائع جلسات اليوم، أن التحقيقات انطلقت، وغالبية المدعى عليهم وافقوا على المثول أمام البيطار وتقديم ما بحوذتهم من معلومات. وحسب مصادر "المدن" فإن الصورة النهائية لما حصل في الرابع من آب باتت مرسومة بوضوح أمام البيطار، الذي يتابع جلسات الاستجواب تمهيدًا لاصدار قراره الظني في نيسان المقبل.مراحل منفصلةوعقب انتهاء جلسات الاستجواب، اجتمع البيطار بالحجار بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، ووضعه في أجواء الجلسات وعودته للتحقيقات وبالخطوات التي سيتخذها لاحقًا. وتشير معلومات "المدن" إلى أن جلسات التحقيق يوم الثلاثاء المقبل خصصت لاستجواب شخصيات أمنية في الأمن العام وهم: "العميد نجم الأحمدية (ضابط حالي في الأمن العام)، العميد المتقاعد من الأمن العام منح صوايا، والعميد المتقاعد من الأمن العام حسن مقلّد". ولا تُخفي المصادر أن الملف يتجه نحو المرحلة الأكثر صعوبة وحساسية. فبعد انتهاء البيطار من مرحلة التحقيقات مع موظفي المرفأ، وبعض الضباط من الأجهزة الأمنية، سيتجه إلى تبليغ القضاة والسياسيين بمواعيد جلسات استجوابهم، مع ترجيح المعلومات رفضهم الموافقة على المثول أمامه.