قبل أن تعقد الحكومة الجديدة جلستها الأولى اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وحضور الرئيس نواف سلام والوزراء، للإلتقاط الصورة التذكارية والتعارف وتشكيل لجنة وزارية لصياغة البيان الوزاري، إستبق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المشهد بإلتقاط صورة تذكارية مع وزراء القوات اللبنانية في الحكومة وهم: يوسف رجي (الخارجية والمغتربين) جو الصدي (الطاقة) جو عيسى الخوري (الصناعة) وكمال شحادة (المهجرين والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي).
يمكن القول، إن “الذكاء السياسي” كان يقضي بعدم إنعقاد هذا الاجتماع أو على الأقل أن يكون بعيدا عن الاعلام من أجل حفظ ماء وجه رئيس الحكومة نواف سلام الذي لم يترك مناسبة على مدار 26 يوما إلا وتحدث فيها عن “إستبعاد الوزراء الحزبيين أو المحسوبين بشكل علني على الأحزاب والتيارات السياسية، وعن إحترام وحدة المعايير وإعتماد تكافؤ الفرص والعدالة في عملية تأليف الحكومة”.
وقد حرص جعجع أمام وسائل الاعلام على إظهار إنتماء الوزراء الأربعة الى القوات اللبنانية، حيث أكد أن “معراب ليست غريبة عنهم وهم يعرفونها تماما، وإنهم سياديون ومشروعهم قواتي”، كما حرص في تصريحه على وضع الخطط التي يجب أن يعتمدوها في إدارة وزاراتهم، ونصّب نفسه مرشدا عاما للحكومة ورئيسها حيث أعطى ما يشبه التعليمات حول ترجمة شعار “الانقاذ والاصلاح”وتطبيق القرار 1701، محاولا ربط مشروع الاعمار في الجنوب والبقاع والضاحية بوزارة المهجرين العائدة للقوات، مصادرا بذلك صلاحيات ومهمات رئيسيّ الجمهورية والحكومة المفترض بهما التعاون الوثيق لتحقيق مصالح البلاد والعباد.
لا شك في أن جعجع إرتكب “فاولا سياسيا” كبيرا، من شأنه أن يكون له تداعيات على أكثر من صعيد، وهو أطلق نيران صديقة من معراب بإتجاه حكومة سلام، لغايات لا يعرفها سواه، وذلك من خلال ما يلي:
أولا: أكد جعجع من خلال الاجتماع، أن القوات اللبنانية نالت حصة وزارية وازنة بحقائب أساسية واحدة منها سيادية (الخارجية)، وأراد أن يربط ذلك بقوة حضور القوات كأكبر كتلة مسيحية في البرلمان.
ثانيا: ضرَبَ جعجع كل كلام وشعارات رئيس الحكومة نواف سلام وصولا الى إحراجه سياسيا، بعدما تأكد للقاصي والداني بعد الاجتماع الوزاري القواتي، أنه لم يعتمد وحدة المعايير وأنه أعطى القوات حصة وازنة وحرم تيارات مسيحية أخرى لا سيما التيار الوطني الحر وتيار المردة والكتل النيابية السنية، إما لتصفية حسابات شخصية معها أو بتوجيهات دولية ـ عربية، ما يعني أن آلية المحاصصة ما تزال مستمرة وإن كانت محاصصة مقنعة.
ثالثا: وجّه جعجع صفعة لخطاب القسم الذي أكد عدم التمييز بين اللبنانيين والوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف والمكونات السياسية، فأظهر أن رئيس الجمهورية وقع على تشكيلة وزارية فيها حصة وازنة للقوات ووافق على إستبعاد تيارات مسيحية أخرى، فضلا عن حصول القوات على وزارة الخارجية التي ستؤمن لها إمكانية التواصل مع المغتربين خلال فترة الاستعداد للإنتخابات النيابية ما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المتنافسين على هذا الاستحقاق المفصلي.
رابعا: أعطى إجتماع معراب الوزاري الحق لأحزاب أخرى في أن تعلن عن وزرائها وأن تجتمع بهم بدءا من الثنائي الشيعي الى الحزب التقدمي والاشتراكي الى الكتائب فالطاشناق، وربما يًكشف المستور عن آخرين، ما يدفع الى إتهام رئيس الحكومة بخداع اللبنانيين بإيهامهم بأنه أجرى تغييرا جذريا في آلية إختيار الوزراء وفقا لإستقلاليتهم عن الأحزاب والتيارات السياسية، ولكفاءتهم التي لا يشكك أحد بها بإنتظار أن تترجم جليا في إدارة الوزارات وتحقيق الانجازات المرجوة.
يقول متابعون لولادة الحكومة التي تعقد أولى إجتماعاتها اليوم: “إن جعجع يجب أن يكون أكثر ذكاء وهو يستقبل الوزراء القواتيين ومن بينهم وزير الذكاء الاصطناعي وأن يكف عن “البهورة” السياسية غير المبررة وعن عرض عضلاته الوزارية، خصوصا أن ما قام به يؤكد أنه غير معني بمصلحة البلاد وبنجاح الحكومة بقدر ما يعنيه أن يتغنى بقوة حضور القوات في الشارع المسيحي، خصوصا أنه ما يزال يعاني من عقدة أنه جمع أكبر كتلة مسيحية ولم يتمكن من الوصول الى رئاسة الجمهورية، بالرغم من إعتقاده أن اللقمة وصلت الى فمه قبل أن يخطفها منه قائد الجيش”.
الشرع يعلّق على خطة ترامب بشأن غزة
حكومة "الإنقاذ والإصلاح" ما لها وما عليها!.. حسناء سعادة
كلام ترامب عن غزة.. جريمة ضد الإنسانية!.. ديانا غسطين
The post نيران صديقة من معراب بإتجاه حكومة سلام!!. غسان ريفي appeared first on .
اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع