أجّلت الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرار في خصوص تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن إخفاقها في تفادي هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، فيما تسود تقديرات في الأوساط الإسرائيلية أن هيئات أمنية أخرى قد تنضم إلى موقف رئيس "الشاباك" رونين بار، الذي يطالب بتشكيل اللجنة، بخلاف رغبة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الرافض للجنة، بل ولا يريد مشاركة بار في تشكيلها.
وقررت الحكومة الإسرائيلية، تأجيل القرار حول اللجنة خلال اجتماعها الأسبوعي، الذي شهد مشادات بين الوزراء والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا. علماً أن النقاشات جاءت بعد امر من المحكمة العليا الإسرائيلية، ألزم الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة، عقب التماسات قدمت إليها حول هذا الأمر.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ان نتنياهو أعرب عن معارضته لإنشاء اللجنة، مضيفة أن الحكومة الإسرائيلية قررت عدم مناقشة قضية تشكيل لجنة تحقيق رسمية مرة أخرى إلا بعد 3 أشهر.
خلافات
وتحدثت الصحيفة عن خلافات جرت خلال اجتماع الحكومة مع المستشارة القضائية، خصوصاً أن الاجتماع جاء بعد مهلة الـ60 يوماً التي حددتها المحكمة العليا للحكومة في 11 كانون الأول/ديسمبر للبت في تشكيل لجنة تحقيق رسمية.
وقال نتنياهو خلال الاجتماع إن القرار لم يحظ بالإجماع، وأضاف "من المستحيل القول إن الحرب انتهت"، فيما سألت ميارا، خلال الاجتماع عن سبب عدم تعميم موقف بار على الوزراء.
ورد نتنياهو بالقول "إنه موظف. ما علاقته بهذه القضية؟ وهذا تناقض. بأي صلاحية يعبر عن موقف بدون أن يطالَب بذلك، ومن دون أن يكون هو مرتبطاً به أصلا؟".
وأجابت بهاراف ميارا أنه "قدمنا للمحكمة في لاهاي موقفاً، بموجبه نحن نعتزم تشكيل لجنة تحقيق رسمية، ولا يمكننا أن نتراجع عن ذلك". وسألها نتنياهو "من صادق على ذلك؟"، فردّت بهاراف ميارا "أنت يا سيدي".
من جهته، قال رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان إنه "سيتم إنشاء لجنة تحقيق حكومية في أكبر كارثة في تاريخنا بوجود حكومة 7 (تشرين الأول) أكتوبر أو من دونها".
أما زعيم حزب معسكر الدولة الإسرائيلي المعارض بيني غانتس، فقال إن "لجنة تحقيق في أعظم كارثة في تاريخنا ليست أمراً خاضعاً لرغبة الحكومة، والمستجوبون لا يختارون المحققين". وأضاف أن "إنشاء لجنة تحقيق رسمية مستقلة وفقاً للقانون سيتم لا محالة".
وجوب تشكيل اللجنة
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، عن رئيس "الشاباك" رونين بار، قوله إنه "يجب إنشاء لجنة تحقيق رسمية "لوجود مزاعم ومؤامرات بشأن هجوم 7 (تشرين الأول) أكتوبر".
وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان"، اليوم الإثنين، أن بار يعتبر أن تشكيل لجنة تحقيق رسمية كهذه هو أمر ضروري، في ظل "نظريات مؤامرة سائدة في إسرائيل" حول 7 تشرين الأول/أكتوبر، ونقلت عنه قوله إن عدم تشكيل لجنة تحقيق كهذه، "يشكّل أرضاً خصبة لادعاءات كاذبة" حول تلك الأحداث.
بدوره، نقل موقع "واينت" الإلكتروني العبري، عن المصادر التي تقدر انضمام هيئات أمنية إسرائيلية إلى موقف بار، قولها إنه يعتقد أن الطريقة الوحيدة لإعادة تعزيز ثقة الجمهور بـ"الشاباك" هي بواسطة تشكيل لجنة تحقيق رسمية فقط، وليس لجنة تحقيق حكومية لن تحظى بثقة الجمهور.
واعتبر مصدر رفيع أن بار يرى بمنصبه كمن يطبق مبادئ "قانون الشاباك"، وفي مقدمتها "الحفاظ على الديمقراطية".
ويطالب بار في الوثيقة، التي نشرتها "كان"، بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، تحقق ضده أيضاً حول دوره في اتخاذ القرارات، من أجل إزالة "سحابة عن الشاباك بأنه عمل من خلال اعتبارات غير موضوعية".
نظريات مؤامرة؟
وترددت منذ بداية الحرب على غزة تقارير، وصفها "واينت" بنظريات مؤامرة، واعتبرها "الشاباك" أنباءً كاذبة، وضمنها تقارير مصدرها أوساط سياسية، جاء فيها أن مسؤولين في "الشاباك وشعبة" الاستخبارات العسكرية "أمان"، علموا مسبقاً حول استعدادات حماس لهجوم "طوفان الأقصى"، لكنهم لم يتحدثوا عنها انطلاقاً من إهمال، ومن أجل عدم كشف مصادر هامة وضرورية في حماس.
وفي هذا السياق، قالت عضو الكنيست غالي غوتليف، من حزب الليكود، إن زوج الناشطة البارزة في حركة الاحتجاج ضد الحكومة التي تطالب بإعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة شيكما براسلر، والذي يخدم في أحد أجهزة الأمن، كان على اتصال مع رئيس حماس، يحيى السنوار.
ونفى رئيس الموساد دافيد برنيع، أقوال غوتليف، التي استندت فيها إلى منشورات في الشبكات الاجتماعية، وتطالب الشرطة بالتحقيق معها.
احتجاجات في الكنيست
في غضون ذلك، شهد الكنيست الإسرائيلي، اليوم الاثنين، احتجاجات لعائلات قتلى 7 تشرين الأول/أكتوبر ضد تشكيل لجنة تحقيق رسمية.
وأفادت القناة 13 العبرية، بأن عائلات القتلى ترفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وتطالب بإنشاء أخرى بديلة لا يعيّنها رئيس المحكمة العليا.
كما شهد الكنيست مواجهات في عدد من اللجان التي حضرها أهالي المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، بهدف حث صنّاع القرار على المضي قدماً في المرحلة الثانية من صفقة التبادل والإفراج عن جميع المحتجزين.
وقالت عائلات المحتجزين: "من النفاق أن تتركوا إخواننا وأخواتنا في غزة لمدة 16 شهرًا ولا تتحملوا المسؤولية رغم أنكم مسؤولون عن أكبر فشل في تاريخنا".