مشروعٌ مبتكر جديد يُضاف الى سجلّ مسرح "مونو"، بقيادة مديرته جوزيان بولس التي أعلنت إطلاق مغامرةٍ جديدة تحمل عنوان "الوصول والشمولية" في مسرح "مونو".
ويهدف المشروع إلى إضفاء سِمَتي "الوصول والشمولية" على العروض المسرحية في لبنان بتوفير تسهيلاتٍ خاصة بجمهور ذوي الاحتياجات الخاصة، كالصمّ والبكم والمكفوفين، تجعلهم يتمتعون بالمسرح إسوةً بالجمهور العريض، من خلال إدراج "الترجمة بلغة الاشارة" و"الوصف الصوتي" في البرمجة المسرحية.
يرتكز هذا المشروع على قناعة مديرة مسرح "مونو" جوزيان بولس بأنّ الفنون الجميلة عموماً والمسرح خصوصاً حقٌّ مكرّسٌ للجميع، حُرِم منه عددٌ كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة بسبب عدم توفير التسهيلات الخاصة بهم في هذه المساحة.
واستلهمت بولس فكرة مشروعها- بعد اختيارها في العام 2023 للمشاركة في برنامج "القيادة للزوار الدوليين"، وهو من أبرز برامج وزارة الخارجية الأميركية للتبادل المهني- من عرضٍ مسرحيّ حضرته في الولايات المتحدة، لاحظت فيه أهمية استخدام تقنية "الوصف الصوتي" بالتزامن مع "الترجمة بلغة الإشارة"، لتمكين جمهور ذوي الاحتياجات الخاصة من الاستمتاع بالعروض.
و"الوصف الصوتي" هو عندما يراقب التقنيّ المتخصّص عناصر العرض المسرحي (الديكور، حركات الممثلين، الأزياء... إلخ) وينقل وصفه لها في ميكروفونٍ متّصل بسماعة رأس لاسلكية يرتديها جمهور المسرح من المكفوفين.
ويسمح "الوصف الصوتي" لهؤلاء بمتابعة أحداث المسرحية بشكلٍ سلسٍ وسهل.
ويقترن "الوصف الصوتي" بـ"جولات اللمس" التي تسمح للمكفوفين بزيارة المسرح والممثلين قبل بدء العرض لفهم عناصر المسرحية وديكورها.
وتتمّ "الترجمة بلغة الإشارة" عبر نشر مُترجمي لغة الإشارة المتخصّصين في مواقع أساسية بالمسرح، وترجمة لغة الممثلين إلى لغة الإشارة. ويسمح هذا الأمر للصمّ والبكم بمتابعة كلام الممثلين والحوارات.
وتعزّز هذه التسهيلات كلّها قيم الشمولية والمساواة لضمان مشاركة المجتمعات المهمّشة في حياة المسرح. وسيوفّر المشروع الترجمة بلغة الإشارة في الوقت الفعلي، وسماعات رأس لاسلكية للوصف الصوتي أثناء العروض، إلى جانب "جولات اللمس" للمكفوفين.
ويستفيد المشروع من الخبرات المحلية كذلك، إذ تقوم ندى سمرا من معهد إعادة التأهيل السمعي L’Institut de Réeducation Audiophonétique (IRAP) بتدريب مترجمي لغة الإشارة انطلاقاً من اعتباراتٍ خاصة مرتبطة بترجمة الفنون المسرحية.
ويعمل المشروع بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، على تأهيل اكثر من عشرة تقنيي "وصف صوتي" وعشرة مترجمي "لغة الإشارة"، بالتعاون الوثيق مع مجتمعات الصمّ والبكم والمكفوفين لضمان تحسين التسهيلات المرجوّة، ويطاول ما يربو على 100 مستفيدٍ من المجتمعات المهمّشة. وتتوافر هذه التسهيلات المذكورة أعلاه، من وصفٍ صوتي، وجولات لمس، وترجمة بلغة الإشارة، في عرضٍ واحد على الأقل شهريًا في مسرح "مونو"، خلال الفترة الممتدّة من كانون الثاني إلى أيلول 2025.
وتُدرج بولس، صاحبة الباع الطويل في شؤون الفنون والمسرح، مشروعها الجديد ضمن جهودها الحثيثة لتحويل المسرح الى مساحة لقاءٍ رحبةٍ لجميع الأطياف، بمن فيهم من يعانون تحديات سمعية وبصرية.
وتتعاون بولس مع منظماتٍ ومعاهد عالمية متخصّصة في تطوير تقنيات وتسهيلاتٍ لذوي الصمّ والبكم والمكفوفين ومحدودي البصر للاستفادة من خبراتهم وتعليماتهم في هذا المجال. وسيُدعى الجمهور الذي تحتضنه هذه المنظمات لحضور عروض مسرح "مونو"، بهدف استفادة أكبر عددٍ منه من فنون المسرح، لا سيما من غير القاطنين في بيروت..
لتدريب تقنيّي "الوصف الصوتي"، تعاملت بولس مع ماديسون زالوباني، وهي خبيرة أميركية في مجال "الوصول والإدماج" Access and Inclusion قدّمت تعليمات متخصّصة لمجموعةٍِ من ذوي الخبرات المسرحية اختيرت بدقةٍ وعناية. وستُثري خبرة ماديسون، كممثلة مسرح ومستشارة إدماج، تجربة المتدرّبين بإطلاعهم على أساليب وتقنيات مبتكرة لم يعهدوا لها مثيلاً في لبنان.