2025- 02 - 11   |   بحث في الموقع  
logo استحقاق الحدود: توسيع صلاحية "اليونيفيل" إلى الحدود السورية؟ logo حكومة إطلاق الإصلاح والإنقاذ واستكمال مسار التغيير logo بالخبز وحده يدوم حكم الشرع ويستقر logo صندوق النقد ينتظر لبنان: تحديث خطّة التعافي ضرورة logo لماذا تراجعت قسد عن تسليم النفط لحكومة الشرع؟ logo إليكم عدد النازحين السوريين الذي عادوا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد logo تهريب مئات القرارات بـ"التربية": أتصلح كرامي ما أفسده الحلبي؟ logo أمن الحدود السّوريّة:لم نستهدف الداخل اللبناني وحزب الله خطر
نصف الكأس الملآن في سوريا.. فرص إلى جانب التحديات
2025-02-10 09:55:54

لا نستطيع إلا أن نتفق مع الفكرة الرئيسية التي قام عليها تقرير صحيفة "واشنطن بوست"، حول إلحاح وتعقيد الأزمة الاقتصادية في سوريا، وكونها تشكّل تحدّياً عصيباً لإدارة الرئيس الجديد، أحمد الشرع، وصولاً إلى التهديد بتقويض حكمه.لكن في التفاصيل، تبدو الصحيفة الأميركية مُغرقة في النظر إلى نصف الكأس الفارغ، وقد بنت استنتاجاتها التي أتت متشائمة، على فكرة استمرار قيود العقوبات الغربية وخنقها لفرص النهوض باقتصاد سوريا. إذ، وبعيداً عن الرفع الجزئي للعقوبات من جانب الولايات المتحدة الأميركية، تبدو الاندفاعة الأوروبية الجلية نحو التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، ومنذ الأيام الأولى لوصولها إلى السلطة، مؤشراً على رغبة الطرف الأوروبي، بصورة خاصة، في الانخراط بإعادة إعمار سوريا، وعدم إضاعة هذه الفرصة الاستثمارية المُغرية.ويعد مؤتمر باريس المزمع عقده يوم الخميس المقبل، أبرز مؤشر على هذه الرغبة الأوروبية. فالمؤتمر الذي سيحظى بحضور إقليمي ودولي واسع، سيناقش قضايا المرحلة الانتقالية في سوريا، وكذلك، ملف إعادة الإعمار. وستشارك فيه مؤسسات مالية إقليمية ودولية، إلى جانب مشاركة ممثلي "مجموعة الدول الصناعية السبع"، وست دول أوروبية. ويحظى المؤتمر بزخم فرنسي جلّي، إذ من المزمع أن تكون كلمة الختام، للرئيس إيمانويل ماكرون. والملفت، في المعلومات المتوافرة حول تفاصيل المؤتمر، أن وزير الخارجية، أسعد الشيباني، سيُمثّل سوريا في المؤتمر. ولن يكون هناك أي تمثيل لأي مجموعة سياسية سورية أخرى، مع حضور لنشطاء في المجتمع المدني. وذلك رغم القلق الفرنسي على مصير "قوات سورية الديمقراطية"، ومستقبل التمثيل الكردي في الحكم الجديد لسوريا. إلا إن فرنسا لم تذهب باتجاه إتاحة المجال لتمثيل قوى سياسية سورية أخرى داخل المؤتمر، مما يشي بحرص باريس، على غرار دول أوروبية أخرى، على مبدأ وحدة الدولة السورية، ووحدة تمثيلها. وهو مؤشر إيجابي للغاية، يمكن البناء عليه مستقبلاً.وقبل يومين، أشارت وكالة "بلومبيرغ" إلى تفاصيل الجوانب التقنية التي يتم مناقشتها داخل الأروقة الأوروبية، بخصوص تنفيذ القرار المتفق عليه برفع جزئي للعقوبات عن سوريا. ووفق المعلومات، سيتم رفع العقوبات بصورة شبه كاملة عن قطاع الطاقة. إذ سيُتاح لسوريا استيراد النفط، من دون قيود، كما سيكون متاحاً للمستثمرين الإقليميين والدوليين المساهمة في بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة. وسيتم أيضاً، رفع بعض البنوك السورية من قائمة العقوبات، وإزالة بعض القيود عن البنك المركزي السوري. وإن لم تتضح بعد، التفاصيل الدقيقة للقطاعات التي ستُرفع عنها العقوبات الأوروبية، إلا أن المؤشرات الأولية تشي بمساحة واسعة متاحة لعمل المستثمرين الدوليين، من دون خوف، خلافاً لما ذهبت إليه "واشنطن بوست". وهذا الاندفاع الأوروبي، لا بد أنه يتماشى مع غياب أي "فيتو" أميركي على إعادة الإعمار بسوريا. وذلك رغم عدم وضوح الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأميركية الجديدة تجاه سوريا، في ظل إدارة دونالد ترامب.تتلاقى الاندفاعة الأوروبية مع اندفاعة تركية وخليجية، تراهن على الإفادة من "كعكة" إعادة الإعمار في سوريا. ومع الفرص الكبيرة التي تتيحها هذه "الاندفاعات"، تأتي الكثير من التحديات التي يتوجب على الإدارة السورية بدمشق، التصدي لها، ومعالجتها بأسرع وأفضل السبل المتاحة.أولى تلك التحديات، هو تحقيق الاستقرار الأمني. وهو التحدي الذي توليه إدارة الشرع، أولوية جلية، كا يبدو من أدائها. وهو أمر إيجابي. لكن برفقة المساعي نحو تجاوز هذا التحدي، يمكن تسجيل جملة مشكلات لا يجب تركها لاحتمالية التفاقم، وإلا فإنها ستكون المقتل الأبرز لإمكانية قدوم الاستثمارات الخارجية. أبرز هذه المشكلات، غياب حالة القوننة في ممارسات الأجهزة الأمنية السورية. إذ تم تسجيل حالات محدودة، لكن لا يمكن تجاهلها، لعمليات تصفية واعتقال تعسفي وانتهاكات بحق أبناء البيئات الاجتماعية الموالية للنظام السابق. كما وتم تسجيل انتهاكات بحق فئات مستضعفة، كالمتحولين جنسياً، بصورة شعبوية من الواضح أنها تستهدف تحصيل مكاسب شعبية، جراء تأييد جانب كبير من الجمهور السوري لممارسات من هذا النوع. هذه المشكلات، وشبيهاتها، إن لم يتم تطويقها، وإخضاع مفتعليها من عناصر القوى الأمنية للضبط والمساءلة، فإن الأمر سيُقرأ خارجياً، على أنه ضوء أخضر من جانب القيادة. وهو ما سيكون أكبر عامل تهديم، للاندفاعة الخارجية الإيجابية نحو الإدارة الجديدة. مع الإشارة إلى خطر حصر الرهانات الخارجية على طرف إقليمي أو عربي، أو الوقوع في "المطب الغبي"، الذي قام عليه مبدأ وزير خارجية النظام الأسبق، وليد المعلم، القائل بـ"مسح أوروبا" من الخريطة. فالانفتاح والتعاون مع الغرب له أهمية كبيرة للغاية في مسار التعافي بسوريا. ومن دونه، سنعود للدوران في الحلقة المفرغة ذاتها التي أدخلنا فيها النظام المخلوع.في الختام، دعونا نقرّ بأن الإدارة السورية الجديدة أظهرت تجاوباً مقبولاً مع كثير من الانتقادات التي وُجهت لها. من قبيل، تلك التي طالت الفتح المطلق للأسواق السورية أمام البضائع التركية، فتم فرض رسوم جمركية أزعجت الأتراك. ومن الجلّي أن دمشق تتعرّض لضغوط من جانب أنقرة بخصوصها، لا يجب الخضوع لها، بل يجب البحث عن حلول وسط، تخدم مصالح الطرفين. كذلك، يبدو إقرار وزير الاقتصاد، قبل يومين، بوهمية تحسّن سعر صرف الليرة السورية في الأيام الأخيرة، مؤشراً إيجابياً، مع الحديث عن تدخّل مرتقب للبنك المركزي لإنهاء حالة التذبذب المضرّة في سعر الصرف. ووفق المعلومات المتوافرة، فإن شخصيات محسوبة على الإدارة الجديدة، وجّهت دعوات لخبراء اقتصاديين سوريين مغتربين على مستوى إقليمي ودولي، لزيارة سوريا، بغية لقاء الرئيس الشرع، للتشاور حول سبل النهوض بالاقتصاد.
وهكذا، لا يبدو الكأس فارغاً بالمطلق في سوريا، كما أوحى به تقرير "واشنطن بوست". وبجوار التحديات العصيبة، تتموضع فرص، إن أحسنت الإدارة السورية الجديدة، انتهازها، فإن مسار سوريا نحو التعافي، سينطلق قريباً، وسيكون أكثر سلاسة من التخوّفات المحيطة به.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top