2025- 03 - 13   |   بحث في الموقع  
logo جلسة حكومية في بعبدا بانتظار البت بالتعيينات logo رسامني يُجري تعيينات جديدة في المديرية العامة للطيران المدني logo "الشاباك" يعتقل "مواطنًا" بتهمة التواصل مع "إرهابيين"! logo ظاهرة "خطيرة" في مدينة لبنانية تسهّل "الإتجار والدعارة"... ودعوةٌ للتحرك! logo اللبنانية الأولى من نيويورك: لتحصل المرأة على حصة وازنة في الحكومات المقبلة logo لمواجهة السنة المائية الجافة... توصيات من مصلحة نهر الليطاني! logo بعد اختطافه من قبل العدو.. الجيش يتسلّم الجندي زياد شبلي logo التعيينات العسكرية والأمنية على طاولة مجلس الوزراء
حوار وزير الدفاع السوري مع "واشنطن بوست"...رسائل استراتيجية للغرب؟
2025-02-08 13:25:50

لم تكن تصريحات وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، مجرد مقابلة اعتيادية، بل حملت رسائل استراتيجية تعكس محاولة الحكومة السورية الجديدة إعادة رسم موقعها في النظام الدولي، بعيداً من إرث النظام السابق.
وجاء اختيار وسيلة إعلام أميركية كمنصة لهذه التصريحات، في توقيت حساس، كإشارة واضحة إلى أن دمشق تسعى إلى كسر عزلتها عبر التواصل المباشر مع الغرب، مستخدمة خطاباً أكثر براغماتية وأقل تصادماً.لكن نجاح هذا التوجه يبقى مرهوناً بقدرة دمشق على تحقيق توازن دقيق بين المصالح المتضاربة للقوى الفاعلة في المشهد السوري، وعلى رأسها روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة، والتي رغم اختلاف أجنداتها، تتقاطع عند نقطة واحدة: عدم السماح لسوريا بالخروج تماماً من دائرة نفوذها، ما يجعل المناورة السياسية للحكومة السورية الجديدة معقدة ومحدودة الخيارات.وتكشف تصريحات أبو قصرة تحولات جوهرية في السياسة الخارجية السورية، حيث اختفى الخطاب العدائي التقليدي تجاه الولايات المتحدة وتركيا، وحل محله نهج قائم على التفاوض وإعادة التموضع، ويطرح ضمن إطار "إعادة التفاوض" و"إعادة التوزيع". وهي إشارات دبلوماسية تعكس إدراكاً لتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، وسعي دمشق إلى تحقيق مكاسب عبر الحوار بدلاً من التصعيد غير المحسوب الذي كان يقوم به النظام السابق بشكل اعتباطي.وتبدو دمشق مدركة لحقيقة أن مُطالبة الولايات المتحدة بسحب قواتها من سوريا أمر غير واقعي في المرحلة الحالية، ولذلك بات الخطاب السوري أكثر حذراً، مع التركيز على أن الوجود الأميركي "قيد التفاوض"، بدلاً من تصنيفه كاحتلال تجب مقاومته. هذا التحول لا يعني بالضرورة قبول الوجود الأميركي، لكنه يعكس محاولة لاستكشاف فرص تفاوضية، خصوصاً ما يتعلق بملف قوات سوريا الديموقراطية "قسد".على المستوى الاستراتيجي، تراهن دمشق على أن واشنطن التي تعيد ترتيب أولوياتها في الشرق الأوسط، وربما تكون أكثر استعداداً لتخفيف انخراطها العسكري في سوريا إذا ضمنت ترتيبات تحفظ مصالحها، خصوصاً في ما يتعلق بمحاربة تنظيم "داعش" ومنع تمدد النفوذ الإيراني.من هنا، يبدو أن التقليل من نبرة العداء تجاه الولايات المتحدة هو جزء من استراتيجية تهدف إلى فتح قنوات خلفية للحوار، حتى لو لم يكن ذلك معلناً في الوقت الراهن، وربما تكون فاتحة لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، التي تعتبر عقبة في وجه إعادة الإعمار.المثير للاهتمام هنا هو تصريح أبو قصرة بشأن بقاء القواعد العسكرية الروسية "بما يخدم المصالح السورية". هذه الصياغة تحمل أبعاداً مزدوجة، فمن جهة تسعى الحكومة الجديدة إلى إظهار استقلالية نسبية في علاقتها بموسكو، ومن جهة أخرى تحاول الإيحاء بأن استمرار الوجود الروسي ليس أمراً مسلّماً به، بل يجب أن يكون مشروطاً بترتيبات تحقق فائدة متبادلة.هذا الطرح يواجه تحدياً واقعيأً، فموسكو ليست مجرد حليف عسكري، بل تمتلك نفوذاً راسخًا داخل الدولة السورية منذ أيام الاتحاد السوفياتي، ومن غير المرجح أن تقبل بأي تراجع لدورها، خصوصاً بعد استثمارها العسكري والاقتصادي الضخم منذ 2015. ولذلك، فإن أي محاولة سورية للتمايز عن الموقف الروسي يجب أن تتم بحذر شديد، كي لا تؤدي إلى ضغوط قد تعرقل هذا التوجه.في الوقت ذاته، يمكن قراءة هذه الإشارة إلى "إعادة التفاوض" بشأن القواعد الروسية كمحاولة لاختبار رد فعل الولايات المتحدة، التي ترى في التمدد الروسي في سوريا تهديداً لمصالحها الإقليمية.ربما تلمح دمشق هنا إلى استعدادها لتقديم تنازلات في هذا الملف مقابل تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية مع الغرب، وهو نهج يعكس محاولة لإيجاد هامش للمناورة بين واشنطن وموسكو من دون الانحياز المطلق لأي طرف.وتدرك دمشق أن أي تقارب مع تركيا يجب أن يأخذ في الاعتبار هواجس أنقرة الأمنية، خصوصاً ما يرتبط بمنع قيام كيان كردي مستقل على حدودها. بالمقابل، فإن هذا التقارب قد يضع سوريا في مواجهة مع إيران، التي ترى في أي انفتاح سوري تركي تهديداً لنفوذها الإقليمي، تحديداً في المناطق الحدودية التي تشكل جزءاً من ممرها الاستراتيجي الممتد من العراق إلى لبنان.بالتالي، فإن تحقيق توازن في العلاقة بين أنقرة وطهران سيكون اختباراً حقيقياً للمهارات الدبلوماسية للقيادة السورية الجديدة.في المجمل، تسعى الحكومة السورية إلى إعادة تموضعها كلاعب مستقل، لكنها ما زالت مقيدة بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، ونجاحها في تحقيق هذا الهدف يعتمد على قدرتها على إدارة العلاقات مع موسكو وطهران من دون الدخول في صدام مباشر، وفي الوقت ذاته التفاوض مع أنقرة وواشنطن من دون تقديم تنازلات قد تؤدي إلى ردود فعل غير محسوبة من حلفائها التقليديين.إذا استطاعت دمشق المناورة بذكاء في هذه المساحة الضيقة، ربما تتمكن من إعادة صياغة موقعها في المشهد الدولي، لكن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى إعادة إنتاج التبعية لمحور معين، ما قد يحد من قدرتها على بناء سياسة خارجية متوازنة. والأسابيع المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لمدى قدرة القيادة السورية الجديدة على تحويل هذا الخطاب الدبلوماسي إلى واقع سياسي عملي، وسط شبكة معقدة من المصالح المتشابكة التي سترسم ملامح سوريا في المرحلة الجديدة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top